أكدت الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، زينب العدوي، أول أمس الثلاثاء بالرباط، أن إصدار مخرجات المحاكم المالية من تقارير وأحكام وقرارات في إطار اختصاصاتها القضائية وغير القضائية، يهدف بالأساس إلى تحسين التدبير العمومي.
وقالت العدوي، خلال لقاء حول “تتبع تنفيذ التوصيات الصادرة عن المجلس الأعلى للحسابات، أي حصيلة بعد مرور سنة على إطلاق المنصة الرقمية؟”، إن “إصدار مخرجات المحاكم المالية من تقارير وأحكام وقرارات في إطار اختصاصاتها القضائية وغير القضائية لا يشكل غاية لذاته، بل الهدف الأساسي هو تحسين التدبير العمومي، والاضطلاع، عند الاقتضاء، بوظيفة ردعية إزاء الممارسات المنافية للقوانين والأنظمة المعمول بها”.
وأبرزت خلال اللقاء، الذي نظم لفائدة المخاطبين الرسميين بمختلف القطاعات الحكومية (كتاب عامون، مفتشون عامون ومدراء مركزيون)، أنه فيما يتعلق بالاختصاصات غير القضائية، “يعد تنفيذ التوصيات مؤشرا لنجاعة أي عملية رقابية، ويشكل، على وجه الخصوص، مقياسا لمدى انخراط الإدارة والأجهزة العمومية في مسار التجويد المستمر لآليات وطرق عملها وخدماتها”.
واعتبرت أيضا أن الأمر يتعلق بمؤشر لتحسين تدبير المرفق والتجهيز العمومي والفعالية في إنجاز المشاريع وتدارك المخاطر والحث على مراجعة الإطار القانوني وتوضيحه عند الحاجة.
وأوضحت أن المجلس يولي، في هذا السياق، “عناية خاصة ليس فقط لتجويد توصياته الذي أضحى واحدا من توجهاته الاستراتيجية الستة، بل لتتبع مآل التوصيات الصادرة عنه حيث تقوم المحاكم المالية بنشر نتائج عمليات التتبع بصفة متواصلة في التقرير السنوي للمجلس”.
وذكرت أن معدل تنفيذ التوصيات في التقرير السنوي الأخير 2021 قد ناهز حوالي 48 في المائة، مع تسجيل فروقات بين أجهزة عمومية تتجاوز هذا المعدل بكثير (معدل يصل على 79 في المائة)، في حين تظل أخرى دون المعدل وتحتاج لمساعدتها للرفع من وتيرة الإنجاز (معدل متواضع أقل من 10 في المائة).
وشددت على أن تقييم أداء الأجهزة، فيما يتعلق بتنفيذ التوصيات، يظل “رهينا أيضا بمدى تنفيذ التوصيات التي تحظى بالأولوية ومحط انتظار المواطنين والمستثمرين”.
وذكرت ببعض المجالات الأساسية التي أتت كقيمة مضافة بعد اعتماد المنصة الرقمية لتتبع تنفيذ التوصيات، ضمنها التحميل الآني للمهام والتوصيات موضوع التتبع بمجرد تبليغ التقارير الخاصة، والتوافق على جدولة زمنية لتنفيذ التوصيات مع مخاطبي القطاعات المعنية، وتتبع التوصيات بصفة متواصلة وعلى مدى السنوات إلى حين تنفيذها الكلي.
كما يتعلق الأمر بإصدار مؤشرات حول تنفيذ التوصيات بصفة أوتوماتيكية وإتاحة الاطلاع عليها من طرف المسؤولين المعنيين ومن طرف رئيس الحكومة، وإتاحة إمكانية استصدار الجداول المتعلقة بالمهام الرقابية والتوصيات موضوع التتبع، مما يسهل تعبئة المنصة وتوطيد المعلومات المرسلة من طرف مختلف المعنيين بتنفيذ التوصيات داخل القطاع الحكومي، والتبادل الآني للمعطيات.
وأكدت أن المجلس عمل، منذ إنشاء هذه المنصة، على تأمين الشروط اللازمة لإنجاح العمل بها، حيث حرص على القيام بالمواكبة الضرورية من خلال إصدار دلائل استعمال المنصة وتنظيم أيام تكوينية حولها وتعيين مخاطبين على مستوى غرف المجلس القطاعية لإرشاد المكلفين بالتتبع عند الحاجة.
وقالت إنه “واعتبارا لحداثة المنصة، فقد تقيد المجلس بمبدأ التدرج في تحميل المهام حتى يتيح للقطاعات المعنية فرصة التمرين الكافي على استعمال المنصة الرقمية”، مشيرة إلى أنه تم الاقتصار على تحميل 56 مهمة رقابية و483 توصية تتعلق بسنتي 2019 و2020، على أن يتم لاحقا تحميل جميع المهام المتبقية برسم السنوات الموالية وبصفة أوتوماتيكية فور تبليغ التقارير الخاصة.
وعلى المستوى التقني، أوضحت العدوي أنه تم تعيين مخاطب داخل المجلس الأعلى للحسابات للسهر على تلقي الطلبات ذات الطابع التقني المعبر عنها من طرف المكلفين بالتتبع ومعالجتها.
وبعدما أكدت أن “العمل المنجز خلال مدة قصيرة لا تتعدى سنة مدعاة للتفاؤل بنجاح المسار الذي نحن جميعا ماضون فيه وللإشادة بالقطاعات الوزارية التي تفاعلت مع المنصة”، حثت العدوي “القطاعات التي لم تعبئ المعلومات المطلوبة في المنصة، والتي تهم 33 مهمة ضمن 56 مهمة محملة بالمنصة الرقمية، إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة خلال الفترة الممددة إلى غاية 22 يوليوز الجاري لتسوية هذه الوضعية”.
وأضافت “وإذ أؤكد على أن بلوغ الأهداف المتوخاة من إرساء هذه المنصة يظل رهينا بتعاون جميع الأطراف المشاركة في ذلك، فإن المجلس يبقى منفتحا على جميع الاقتراحات الكفيلة بتجويد هذه المنظومة وتجاوز الإكراهات المحتملة التي قد تعترض استعمالها الأمثل”.
وخلال هذا اللقاء قدم عبد الصمد الأزرق، المكلف بتنسيق تتبع تنفيذ توصيات المجلس عرضا حول “الحصيلة الأولية لاستعمال المنصة الرقمية المتعلقة بتتبع تنفيذ التوصيات الصادرة عن المجلس الأعلى للحسابات”.
وتطرق الأزرق إلى أهم المحاور المتعلقة بتتبع توصيات المجلس في سياق التنسيق مع القطاعات المعنية، مشيرا إلى أن إحداث المنصة يأتي في إطار تبسيط إجراءات تتبع تنفيذ التوصيات من خلال وسيلة رقمية وإلكترونية.
وذكر بمختلف المراحل التي تمر منها عملية التسجيل في المنصة وتتبع الملفات والإجراءات الخاصة بكل قطاع، مبرزا المزايا التي جاءت بها المنصة والتي تهم، على الخصوص، إمكانية نمذجة آجال للبدء في تتبع التوصيات، والتبادل الآلي للتقارير من خلال منصة رقمية تعنى بتتبع تنفيذ توصيات المجلس.
يذكر أن اعتماد هذه المنصة الرقمية يندرج في إطار تنزيل التوجهات الاستراتيجية للمحاكم المالية برسم الفترة 2022- 2026، لا سيما في شقها المتعلق بتحسين جودة التوصيات وتتبع تنفيذها، كما ينسجم مع الممارسات الفضلى المعتمدة في هذا المجال من قبل المنظمات الدولية للأجهزة العليا للرقابة (إيساي 12).
كما يعتبر تنفيذ تتبع التوصيات أحد اختصاصات المجلس بمقتضى الفصل الثالث من القانون المتعلق بمدونة المحاكم المالية كما تم تغييره وتتميمه، حيث تم الشروع في نشر نتائج عمليات تتبع التوصيات من طرف المجلس منذ التقرير السنوي لسنة 2008.
العدوي: إصدار مخرجات المحاكم المالية يهدف إلى تحسين التدبير العمومي
الوسوم