دورة أبريل البرلمانية

يفتتح البرلمان، اليوم الجمعة عاشر أبريل، دورته الربيعية وفق مقتضيات الدستور، وهي الدورة التي تنعقد ضمن ظروف حالة الطوارئ الصحية المعلنة في البلاد لمواجهة فيروس “كوفيد-19″، ما سيجعلها تجري بموجب تدابير تنظيمية خاصة تستحضر شروط الوقاية والسلامة الصحية والالتزام بالإجراءات الاحترازية.
من البديهي أن دورة أبريل البرلمانية سيطغى عليها الانشغال الوطني العام بالوباء المتفشي ومستلزمات مواجهته، ولكن الأساس الواجب تسجيله قبل ذلك هو انعقاد هذه الدورة البرلمانية نفسه، واستئناف المؤسسة التشريعية لعملها في احترام للدستور والنظام الداخلي.
هذا القرار الذي اتخذته كل مكونات البرلمان يعتبر مهما، ويجسد إصرار بلادنا على السير العادي للمؤسسات، وتمسكا قويا بمقومات الحياة الديمقراطية.
هذا تحد مركزي إذن يخوضه المغرب، أي مواجهة الوباء والالتزام بحالة الطوارئ الصحية، وفي نفس الوقت كسب معركة تعزيز الديمقراطية والحفاظ على السير العادي لدولة المؤسسات، والرهان على الديمقراطية.
وتبعا لما سبق، لأعضاء البرلمان بغرفتيه اليوم مسؤولية كبرى، وذلك بضرورة النجاح في هذا التمرين، ضمن ظرفية استثنائية دقيقة.
من جهة ثانية، لا شك أنه مع انطلاق دورة أبريل سيقف وزير الصحة، وربما وزراء آخرون كذلك، أمام المؤسسة التشريعية في إطار تتبع البرلمان وتقييمه للسياسات العمومية ذات الصلة، ولمراقبة السير العام للإجراءات العمومية المتخذة في هذه الظرفية، وسيقف رئيس الحكومة بدوره، في إطار الجلسة الشهرية، ليعرض مضامين وإجراءات المقاربة المغربية ككل، ولكن مسؤولية البرلمان، علاوة على ما سبق، تبقى هي  مراقبة عمل الحكومة في كل جوانبه، سواء على صعيد الإجراءات الصحية والوقائية والعلاجية وتوفير الإمكانيات الضرورية لذلك، أو أيضا متابعة برامج مواجهة الآثار الاجتماعية والاقتصادية الناجمة اليوم عن هذه الظرفية الاستثنائية الصعبة، وبالتالي جعل كامل الانشغال الوطني حاضرا بقوة في عمل هذه الدورة البرلمانية.
البرلمان أيضا يمتلك سلطة التشريع، وإن كان الدستور يمنح الحكومة صلاحية إصدار مراسيم قوانين بين الدورتين، فهو يلزمها بعرضها للمصادقة عليها من لدن البرلمان في الدورة العادية الموالية، ومن ثم، سيكون على دورة أبريل دراسة والتصويت على التشريعات الاستثنائية التي أقرتها الحكومة في الأسابيع الأخيرة، وعليها كذلك مراقبة كامل عمل الحكومة خلال فترة حالة الطوارئ الصحية، وتتبع السياسات العمومية وتنفيذ البرامج وطرق أداء مختلف السلط والأجهزة في الميدان، وضمن ذلك تتبع واقع الحقوق والحريات الأساسية في ظل حالة الحجر الصحي وظروف الطوارئ المعلنة جراء تفشي الوباء.
يعني ما سبق، أن الظرفية الاستثنائية التي تشهدها بلادنا اليوم، على غرار باقي العالم، تفرض على البرلمان أن يرفع من مستوى فاعليته وجودة ممارسته، وأن يمارس كامل اختصاصاته في التشريع والرقابة، وفي نفس الوقت أن يكرس التعاون بينه وبين الحكومة لتمتين التعبئة الوطنية الشاملة للانتصار على الفيروس وحفظ صحة وسلامة شعبنا واستقرار بلدنا.
– دعم الأجهزة الموجودة اليوم في واجهة المعركة الوطنية ضد الوباء (الصحة، السلطات المحلية، قوات الجيش والأمن والدرك والقوات المساعدة والوقاية المدنية، التعليم)، وتوفير الميزانيات الضرورية لإنجاح مهماتها في الميدان.
– تمكين بلادنا من برامج وسياسات لمواجهة الآثار الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن ظروف الوباء وحالة الطوارئ الصحية، سواء للفترة الآنية أو لمستقبل عدد من القطاعات والمهن المتضررة، وتمكين المجتمع والبلاد من كافة شروط الاستقرار وتجاوز مخلفات هذه المرحلة الصعبة.
– التخطيط لمرحلة ما بعد زمن كورونا، وصياغة التشريعات والبرامج والسياسات المتصلة بذلك على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإدارية.
– تمكين بلادنا وشعبنا من كل شروط الاحتياط أثناء إقرار قوانين وبرامج صعبة فرضتها هذه الظروف الاستثنائية المحيطة بنا، على غرار قانون التمويلات الأجنبية واللجوء إلى الاقتراض، وأيضا الحرص على حماية الحقوق والحريات خلال فترة الطوارئ هذه.
هذه، وغيرها، تشكل إذن اليوم رهانات جوهرية مطروحة على كل مكونات المؤسسة التشريعية، ويجب الوعي بأهميتها وخطورتها أيضا، ومن ثم للبرلمان اليوم مسؤولية التحول إلى الفضاء الوطني الحاضن للحوار السياسي والمجتمعي العمومي، والحامي لحياتنا وتطلعاتنا الديمقراطية.
اليوم، والبرلمان يفتتح دورته الربيعية مسنودا بقوة المقتضى الدستوري الموجب لذلك، تبقى اللحظة الوطنية باعثة على التوافق والتعبئة، وعلى بعد النظر والتفكير بحجم الرهانات المطروحة آنيا ومستقبلا على وطننا، وليس هناك مكان لأي حسابات سياسوية ضيقة أو لتسجيل المواقف والأهداف في مرمى أي كان.
الرهان أكبر، ويجب أن ينخرط فيه الجميع، وأن يجري التفكير في مستقبل المغرب وأجياله القادمة.

 محتات‭ ‬الرقاص

Related posts

Top