جددت جمهورية غينيا، أول أمس الاثنين بالداخلة، تأكيد دعمها “الثابت والمستمر” للوحدة الترابية للمملكة المغربية ودعمها لمبادرة مخطط الحكم الذاتي التي قدمتها المملكة، باعتبارها “الحل الموثوق والواقعي الوحيد” لحل النزاع حول الصحراء المغربية. وتم التعبير عن هذا الموقف في بيان مشترك صدر عقب اختتام أشغال الدورة السابعة للجنة المشتركة للتعاون المغرب-غينيا، التي ترأسها وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ووزير الشؤون الخارجية والاندماج الإفريقي والغينيين المقيمين بالخارج، موريساندا كوياطي. كما أشاد كوياطي بجهود منظمة الأمم المتحدة كإطار حصري وتوافقي للتوصل إلى حل واقعي وعملي ودائم للنزاع الإقليمي حول الصحراء. وشدد رئيس الدبلوماسية الغينية، من جهة أخرى، على أن فتح جمهورية غينيا لقنصلية عامة لها بالداخلة، في يناير 2020، يندرج في سياق موقفها التاريخي.
وقد تم، خلال أشغال الدورة السابعة للجنة المشتركة للتعاون المغرب-غينيا التوقيع على ثماني اتفاقيات ومذكرات تفاهم وتعاون في عدد من المجالات. وفي هذا الإطار، وقع الجانبان اتفاقية للتعاون الأمني تهدف إلى تعزيز آليات التعاون من أجل العمل المشترك ضد الإرهاب الدولي والأشكال المختلفة للجريمة عبر الوطنية، ولا سيما تهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية. وفي مجال النقل الدولي الطرقي للمسافرين والبضائع، وقع الطرفان على اتفاقية تروم تنظيم النقل الدولي عبر الطرق للبضائع والمسافرين بين البلدين أو العبور عبر أراضيهما. وفي مجال الهيدروكاربورات، وقع الجانبان على بروتوكول تعاون يهدف إلى خلق إطار للتعاون من أجل تنفيذ إجراءات للتعاون تفضي إلى إنجاز مشاريع ذات اهتمام مشترك في قطاع الهيدروكربونات. كما وقع الطرفان على اتفاقية تعاون في مجال المترولوجيا والاعتماد وحماية المستهلك تروم وضع إطار ينظم التعاون في مجال المترولوجيا والاعتماد وحماية المستهلك بين البلدين، فضلا عن تحديد خدمات المساعدة التقنية في هذا المجال، وكذا التزامات الأطراف من أجل التنفيذ السليم لهذا الاتفاق. وفي مجالات التقييس وإصدار الشهادات، وقع الجانبان على مذكرة تفاهم تهدف إلى خلق إطار للتعاون بين الطرفين من خلال تبادل المعلومات حول مسار بلورة المعايير، وتنفيذ التدابير التي من شأنها تعزيز الاعتراف المتبادل بشهادات المطابقة للمعايير الداخلية والدولية. وفي إطار التعاون الثقافي، وقع الطرفان على بروتوكول اتفاقية يتوخى توطيد وتعزيز التعاون المتبادل في المجال الثقافي، ولا سيما من خلال تبادل الخبراء والخبرات، وتنظيم الأسابيع الثقافية، والمشاركة في معارض الكتاب. وتم التوقيع، كذلك، على اتفاقية إطار للتعاون بشأن توفير المنح الدراسية والتدريب وتبادل الخبرات تروم النهوض بالتعاون بين البلدين في المجالات الثقافية والعلمية والتقنية والاجتماعية والاقتصادية، ولا سيما من خلال تقديم منح دراسية، وتنظيم دورات تدريبية وتكوينية متقدمة، وإيفاد الخبراء وتبادل الزيارات بين المسؤولين. وفي هذا الصدد، تضع الوكالة المغربية للتعاون الدولي رهن إشارة جمهورية غينيا حصة سنوية تبلغ 180 منحة دراسية في المجالات الجامعية والتقنية. كما جرى التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاقية إطار للتعاون في مجال التكوين المهني تهدف إلى تحديد الإطار العام للتعاون بين الأطراف في مجال التكوين المهني، من خلال التعهد بتعزيز التعاون الذي سيهم، على الخصوص، حجز حصة 150 مقعدا بيداغوجيا موزعة على 3 سنوات، بمعدل 50 مقعدا في السنة، وذلك ابتداء من الموسم الدراسي 2023-2024، لفائدة المتدربين الشباب في التكوين الأولي لمتابعة تكوينهم في المستويات والتخصصات التي تحددها وزارة التعليم التقني والتكوين المهني الغينية.
و خلال افتتاح أشغال أكد وزير الشؤون الخارجية والاندماج الإفريقي والغينيين المقيمين بالخارج، موريساندا كوياطي، أن الدورة السابعة للجنة المشتركة تشهد على الدينامية الجديدة التي يعتزم البلدان إضفاءها على العلاقات بينهما . وأكد كوياطي أن هذه الدورة “دليل على الدينامية الجديدة التي يعتزم بلدانا إضفاءها على علاقاتهما” تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وفخامة العقيد مامادي دومبويا، الرئيس الانتقالي، رئيس اللجنة الوطنية للتجمع من أجل التنمية، رئيس الدولة، القائد الأعلى للجيوش بجمهورية غينيا. وأبرز أن هذا الاجتماع يندرج في إطار تعزيز الروابط التاريخية للصداقة والأخوة بين البلدين، مضيفا أن انعقاد الدورة السابعة، في هذه اللحظة الخاصة من إعادة تأسيس الدولة في جمهورية غينيا، هو “تعبير عن الدعم المستمر والتضامن المعتاد من الشعب والحكومة المغربيين مع سلطات وشعب غينيا”. وقال الدبلوماسي الغيني، في هذا الصدد، إن تنظيم هذه الدورة يجسد أيضا “الإرادة الواضحة لقائدينا لمواصلة السير على الدرب الذي رسمه أسلافهما”. وقال “هذه الدورة هي الإطار الأمثل لتقييم مستوى تنفيذ آلياتنا القانونية، وكذا خلاصات وتوصيات الدورة السادسة التي انعقدت في كوناكري سنة 2012”. من جهة أخرى، شدد كوياطي على أن “العلاقات بين غينيا والمغرب جيدة وستظل كذلك بفضل إرادة الحكومتين و قائدينا”. كما أعرب عن قناعته بأن هذه الدورة، التي مكنت من مراجعة وتوقيع اتفاقيات مهمة، ستساهم في تعزيز أكثر للعلاقات الثنائية عبر الاستفادة من الخبرات والتجارب الغنية في هذا الجانب أو ذاك، وكذا الاستفادة من الموارد والإمكانيات التي يتوفر عليها البلدان بما يخدم مصالح الشعبين. وأكد كوياطي أيضا أن الانتقال الجاري في غينيا يسير بشكل جيد، مضيفا “شرعنا، تحت قيادة العقيد دومبويا، في إعادة تأسيس الدولة، لكن على أساس إعادة تشييد البنية التحتية التي تفتقر إليها بلادنا بشدة”، داعيا المغرب “للانضمام إلى غينيا في رفع هذا التحدي”.
وخلال لقاء صحفي مشترك مع موريساندا كوياطي أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، أن العلاقات التي تجمع المغرب وغينيا متميزة ويطبعها التفاهم الجيد وتوافق الرؤى والمواقف. وقال بوريطة، ، في ختام أشغال الدورة السابعة للجنة المشتركة للتعاون المغرب-غينيا، إن “العلاقات بين البلدين متميزة وجيدة وقائمة على الصداقة الصادقة وعلى الشراكة الحقيقية التي تعززت أكثر في السنين الأخيرة”، مشددا على أن هذه العلاقات الثنائية “يطبعها التفاهم الجيد وتوافق المواقف بين قيادتي البلدين منذ زيارتي صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى كوناكري سنتي 2014 و2017 والتي تم خلالها إطلاق العديد من المشاريع التي تروم تحقيق التنمية في هذا البلد الإفريقي الشقيق”. وأضاف الوزير أن غينيا تحتضن عددا كبيرا من المشاريع الملكية على مستوى القارة الإفريقية، بعدما تم إطلاق 11 مشروعا منذ 2017، مبرزا أن عقد الدورة السابعة للجنة المشتركة للتعاون بين البلدين بالداخلة والتي لم تنعقد منذ 11 سنة، يجدد التأكيد على أهمية هذه الآلية المؤسساتية للتعاون الثنائي وعلى تطور علاقات التعاون بين البلدين في السنوات الأخيرة. وفي هذا الصدد، أعرب الوزير عن شكره لنظيره الغيني وللسلطات الغينية، وخاصة فخامة الرئيس العقيد مامادي دومبويا، على عقد هذه اللجنة في مدينة الداخلة بالأقاليم الجنوبية للمملكة، معتبرا أن عقد هذا الاجتماع الهام بهذه الحاضرة يؤكد المواقف الثابتة والتاريخية لغينيا من الوحدة الترابية للمملكة المغربية والتي توجت بفتح قنصلية غينية في هذه المدينة الجميلة سنة 2020. وعلى صعيد متصل، أشاد بوريطة بقرار السلطات الغينية تعيين قنصل بدرجة سفير لشغل منصب القنصل العام لجمهورية غينيا بهذه المدينة والذي سيتم تنصيبه اليوم. وأشار الوزير إلى أنه بانعقاد أشغال هذه اللجنة تكون مدينة الداخلة قد احتضنت أشغال أربع لجان مشتركة مع جزر القمر وسيراليون وبوركينافاسو واليوم مع غينيا، جرى التوقيع خلالها على 44 اتفاقية تعاون، وهو ما يعكس المكانة الدبلوماسية التي أصبحت تضطلع بها هذه الحاضرة، التي يؤكد جلالة الملك على أنها مدخل ومحور للتعاون بين المملكة المغربية وعمقها الإفريقي. من جهة أخرى، أكد بوريطة أن المغرب يتابع بارتياح تطور مسلسل الانتقال الديمقراطي في غينيا وإعادة تشكيل وإرساء مؤسسات الدولة بهذا البلد الإفريقي الشقيق. وشدد على أن المغرب لديه ثقة كاملة في حكمة وعبقرية الشعب الغيني وقواه الحية، للمضي قدما بهذا المسلسل في الطريق الصحيح وتحقيق ما يصبو إليه الشعب الغيني، مؤكدا أن الإشارات القوية التي أعطتها القيادة الغينية في هذا الاتجاه، تشكل “مصدر تفاؤل ومصدر ثقة ومصدر دعم من المملكة المغربية”. لذلك، وبتعليمات من جلالة الملك، يضيف الوزير، “سيواكب المغرب مسلسل الانتقال الديمقراطي في غينيا، فهو بطبيعته لا يتدخل في الشؤون الداخلية لكن يده دائما ممدودة لمواكبة والاستجابة لكل ما تطلبه الدول الشقيقة وغينيا من الدول التي لدينا معها شراكة قوية وعريقة”. وأبرز أن عقد الدورة السابعة للجنة المشتركة للتعاون والتوقيع على العديد من الاتفاقيات يجسد الإرادة الواضحة للمملكة المغربية بتوجيهات من جلالة الملك على استمرارية هذا التعاون وتعزيزه أكثر، مؤكدا أن الحوار السياسي بين البلدين “مستمر وتعاوننا الاقتصادي يتطور ويحتاج إلى دفعة أقوى وانخراط أكبر للقطاع الخاص في البلدين”. وسجل أن التبادل الإنساني والقنصلي يسير، أيضا، في المسار الصحيح، بعد الاتفاق على تسهيل وصول الغينيين إلى التراب المغربي للاستفادة من الدراسة وخدمات التطبيب والسياحة، وفي المقابل التعامل بصرامة مع شبكات الهجرة غير الشرعية ومع الأشخاص الغينيين الذين يريدون استعمال التراب المغربي في إطار هذه الشبكات، للعبور إلى مناطق أخرى، أو لخلق البلبلة”.