من أجل الشاعر أشرف فياض

> بقلم: الطاهر بن جلون

خلال هذا المساء، شعراء يجتمعون بباريس في إطار “ربيع الشعراء” لمساندة أشرف فياض، شاعر فلسطيني مقيم بالمملكة العربية السعودية.
يوم 17 نونبر كانت قد حكمت عليه محكمة سعودية بالإعدام بتهمة الكفر. عمره 37 سنة. شعره لا يتلاءم مع ذوق الشريعة الوهابية. صحيح، في هذا البلد، من الأفضل أن لا تكون فنانا، مبدعا، شاعرا على الخصوص؛ لأن الشعر لا يمكن إلا أن يزعج، ويحرض على الشك أو بالأحرى التمرد.
 أشك مع كامل الأسف في أن قيام بعض الشعراء وليس أقلهم أدونيس بالتعبير عن تضامنهم مع أشرف فياض، واحتجاج منظمات حقوق الإنسان ومطالبتها لسلطات البلدان الديمقراطية القيام بما وسعها لإنقاذ حياة رجل جريمته الوحيدة أنه يكتب ويتخيل، أشك في أن يؤثر ذلك في المحاكم التي تشتغل وفق قواعد وقوانين خاضعة لشريعة قاسية وبالأخص متجاوزة.  
 لا أعرف أشرف فياض. لم يسبق لي أن قرأت له. لكن هذا الحكم يعطينا فكرة عن شعره، عن قوته وعنفه. لقد تمت محاكمته لكونه ينشر الإلحاد ولأن ما يكتبه مدنس معارض للدين. سبق له منذ أربع سنوات أن حكم بالسجن و800 جلدة. في الواقع، كانت عقوبته ناتجة عن نشره لشريط فيديو حيث تظهر السلطة السعودية وهي تعنف مواطنا. صورة سيئة لبلد يريد أن يلعب في ساحات الكبار في هذا العالم.
    لقد دافع عن نفسه وأكد على أن هذه التهمة غير مبنية على أي أساس: “لم أفعل أي شيء أستحق عليه الإعدام. يتهمونني بالإلحاد ونشر الأفكار الهدامة للمجتمع”.
الشعراء بطبعهم متمردون، حاملو الجمر، أصحاب الحقيقة والوضوح. إنهم النور الذي يقضي على الظلمات ويهب الكلمات للأشياء التي تموت عند عدم النطق بها.
إنهم قابلون للكسر وأقوياء في الآن نفسه. لا يملكون غير أنفاسهم وأرواحهم المكافحة. يمكن ضربهم، جلدهم، الإلقاء بهم داخل بئر، دفنهم أحياء، لكن أصواتهم تستمر في الارتفاع وإيقاظ العالم.
المحاكم تكرههم. الدول تخشاهم. النظام يتابعهم ويستنطقهم. الديانات تحذر منهم وتقصيهم. لكنهم الشعراء الذين يهبون الأرض ملحها، بذرتها المجنونة، موسيقاها وأحلامها. الشعر لا يمكن إلا أن يكون انعكاسا للوهج والوضوح والشك وعدم الاطمئنان. إن لديه ميثاقا مع الخلود. إننا غالبا ما نتذكر الشعراء وليس قضاتهم. الحلاج، الشاعر الصوفي الكبير كان قد تمت محاكمته سنة 910 في بغداد بتهمة حبه الجارف لله. لكن شعره لا يزال بين شفاه كل الأجيال.
الشعر لا يتخلى عن الأسلحة والكلمات والصور التي يبدعها. الشعر لا يمكن إعدامه. كما هو الشأن بالنسبة للحرية والقيم المؤسسة للحضارة، لا يمكن محاصرتها بقطع رأس إنسان لكون خطابه لا يرضي الأقوياء الذين يوجدون بداخل الناس بشكل لا واعي ولا إنساني.
إذا تمت محاكمة أشرف فياض، وإذا طبقت العربية السعودية هذا الحكم بالرغم من الاحتجاجات العالمية، سيكون ذلك جريمة ضد الإنسانية.
سيكون على هذه الدولة أن تمتثل في يوم ما أمام القضاء الدولي بسبب هذه الجريمة.

 > ترجمة: عبد العالي بركات

الوسوم , ,

Related posts

Top