في عز الذعر الذي يعشيه العالم، والذي ساوى بين الغني والفقير، ولم تعد الدول الضعيفة اقتصاديا والهشة من حيث البنيات التحتية الصحية والاجتماعية، معنية أكثر من غيرها بالأوبئة والأزمات والمشاكل الطاحنة، ظهرت بارقة أمل في النفق، جعلت الكثيرين يتفاءلون خيرا بانفراج قادم.
بارقة الأمل هذه تجلت في استفاقة اللاعب المغربي ذي الجنسية الهولندية عبد الحق نوري، بعد غيبوبة طويلة دامت سنتين وتسعة أشهر كاملة، توزعت بين الحفاظ على الأمل والشعور أحيانا بفقدان الابن العزيز عبد الحق إلى الأبد.
حتى والنوري في غيبوبة تامة، فإنه أظهر تشبثا بالحياة، قاوم طيلة كل هذه المدة، ليشرع في استفاقة تدريجية، وحسب شقيقه عبد الرحيم نوري، فإن عبد الحق يأكل، ويغفو ويستيقظ، ويتواصل بإشارات الوجه، والخطوة المقبلة هي أن يكون واعيا لما يحدث حوله، وأن يتعامل بشكل اعتيادي مع عائلته.
عبد الحق النوري واحد من جيل الناشئين الذهبي الذي أبهر الساحة الأوروبية في السنتين الأخيرتين، كأصدقائه دوني فان دي بيك وفرانكي دي يونغ وغيرهم، والكل كان يراهن على حضوره اللافت ضمن صفوف نادي أجاكس أمستردام، مع العلم أنه اختار اللعب للمغرب عوض إغراءات وضغوطات الجانب الهولندي، إلا أن القدر كان يخبئ مصابا جللا، أفقده الوعي والحركة لمدة تناهز الثلاث سنوات.
الكثيرون يئسوا من إمكانية عودة عبد الحق النوري للحياة، وفي مقدمة هؤلاء المتشائمين كانت إدارة أجاكس، وهذه الحقيقة جاءت من طرف هذا النادي العريق والشهير، والذي أنجب نجوما كبارا أبهروا العالم بعطاءات خالدة بالأذهان.
وللتكفير عن الموقف المتخاذل اتجاه حالة إنسانية، خاصة وأن اللاعب أصيب أثناء معسكر تدريبي، وأن هناك تقارير طبية تؤكد أنه كان بالإمكان إنقاذ النوري، لو وفر النادي أدوات طبية في تدخل استعجالي في حينه، قررت إدارة أجاكس تقديم تعويض مالي ضخم للعائلة، مع اعتراف أدبي بعدم تقديم رعاية كافية تجاه نوري، عندما أصيب بسكتة قلبية عام 2017.
حسب مصادر صحفية، فإن قيمة التعويض تصل إلى 4.5 مليون جنيه إسترليني، مصحوب باعتراف مثير للحارس الدولي السابق فان دير سار يقول فيه “لو حدث اهتمام أكبر، لكان من الممكن أن يخرج عبد الحق في حالة أفضل، هذا ليس مؤكدا لكنه احتمال، نحتاج الآن إلى القيام بما هو ضروري للوفاء بالمسؤولية التي تقع على عاتقنا”.
كيفما كان الحال، فإن ما أقدمت عليه أجاكس خطوة أكثر من إيجابية سواء من الناحية الأدبية أو المالية، تكشف عن حقيقة تكوين مثل هذه المؤسسات الرياضية الكبيرة، ولم تنتظر إدارة ناديه الأصلي طويلا للخروج ببيان اعتراف، بدون لف ولا دوران، ولا تهرب من المسؤولية.
كل هذا أصبح الآن من الماضي، أما المستقبل فهو انتظار استعادة عبد الحق النوري وعيه الكامل، وصحته وعافيته كما كان من قبل، وأن نستفيق نحن، ونسمع أخبارا سارة ينتظرها العالم، بالقضاء على وباء كورونا، وأن يعالج العلماء في أقرب وقت ممكن آخر بؤرة لهذا الوباء الذي حير العالم.
هذا أمل البشرية جمعاء التي توحدت وراء أمنية واحدة وهي القضاء على كورونا …
محمد الروحلي