سيدي معروف أولاد حدو.. في حاجة إلى الأمن والنظافة

تجتمع في منطقة سيدي معروف أولاد حدو بعين الشق بالدار البيضاء، مختلف التناقضات الطبقية والمجالية والعمرانية، فهي تضم أحياء صفيحية تنعدم فيها شروط العيش الكريم، بالإضافة إلى ما نسميه «تجاوزا» بالمركب السكني الاجتماعي والاقتصادي الموجود بطريق 1100 بسيدي معروف أولاد حدو، وعمارات شيماء وباشكو… التي تفتقد للمرافق الاجتماعية والرياضية، كما تضم المنطقة احياء راقية كحي كاليفورنيا الشهير. هذا التناقض العمراني انعكس سلبا على ساكنة المنطقة، وتحكم بشكل كبير في توزيع مشاريع التنمية وبناء المرافق الاجتماعية والثقافية والرياضية. هذا التناقض يتجسد بالملموس في أحياء بسيدي معروف أولاد حدو ومنطقة عين الشق، فرغم أن المشرع دمج المنطقتين من أجل أن تكمل كل واحدة الأخرى. غير أنه وللأسف الشديد لم تستوعب المجالس المنتخبة روح التقطيع الترابي، كما أنه لم يتم مواكبة الطفرة العمرانية التي عرفتها وتعرفها منطقة سيدي معروف، الأمر الذي انعكس سلبا على هذه الأخيرة التي صارت تجتر عددا من المشاكل الاجتماعية والبيئية من قبيل انتشار الباعة المتجولين والازبال وغير ذلك من الآفات الاجتماعية.ما يلفت انتباه الزائر لمنطقة سيدي معروف هو انتشار الكبير للباعة المتجولين الذين يخلفون الأزبال في كل مكان في الشوارع والأزقة، تنبعث منها روائح كريهة تتسبب للساكنة في التقزز والغثيان، وتعرضها، سيما، الأطفال والشيوخ والنساء الحوامل لمضاعفات ومتاعب صحية، مما يجعل الأسئلة تتناسل حول المسؤول عن هذا الوضع، خاصة و نحن في سياق دستور جديد رفع شعار الحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة، فمن ستحاسب الساكنة المعروفة تاريخيا بشهامتها وأصالتها و نظافتها؟.
أغلب سكان هذه المنطقة الناشطين، هم أناس يؤدون الضرائب المستحقة عليهم بما فيها (ضريبة الأزبال) باعتبارها واجب وطني لتحقيق التنمية، بيد أنهم يعيشون في ظروف بيئة رديئة ومزرية، وبالتالي فإن هذا الوضع يفرض معرفة أوجه صرف هذه الموارد المالية حتى تعود بالخير والنفع للعموم، فالأزبال تزحف على الأخضر و اليابس بأغلب الأحياء والأزقة المكونة لجهة سيدي معروف، نذكر منها ما يسمى «تجاوزا» بالمركب السكني بسيدي معروف أولاد حدو.
وفي عمق هذه المعضلة يمكن أن نتساءل عن هاته الأوضاع حتى نتمكن من تحديد المسؤوليات، أو بلغة أخرى، هل انتشار الباعة المتجولين وما يخلفون من أزبال هو مسؤولية الساكنة أم المنتخب المكلف بتدبير الشؤون المحلية أم هي مسؤولية مشتركة في إطار الالتزام الأخلاقي للجميع، من أجل العيش في مجتمع حضاري يحمل قيما نبيلة تنسجم مع العقل والفطرة السليمين وتؤسس لأفق مفتوح ومستقبل تحت السيطرة وغير منفلت أخلاقيا وبيئيا.
فالأخلاق والدين والقانون أيضا، من حيث هي ضوابط سلوكية ونفسية للإنسان تلتقي وتتقاطع في كونها تنبذ الأوساخ وتجعل النظافة تاجا مرصعا فوق المجتمع المتحضر، بل حتى ديننا الإسلامي الحنيف جعل النظافة مقرونة بالإيمان الذي هو حالة عقدية وأعلى درجة من التعبد.
إننا هنا لا نشير بالأصابع لأحد، فالمسؤولية مشتركة بين مواطن لا يعير أدنى اهتمام لسلامة البيئة، ألف العشوائية والبيع بالتجول واستغلال السيء للملك العام وطفق يرمي بالنفايات والأزبال حيثما اتفق، ومسؤولين يتصرفون في الموارد المالية للجماعة ولا يحسنون تدبيرها.
وكنموذج لما نحن بصدده، وسط منطقة سيدي معروف حيث سوق كبير للباعة المتجولين يخلفون وراءهم مزبلة كبيرة، يعتقد من يراها لأول وهلة أنها مطرحا للنفايات الصلبة والسائلة بما يشترطه الطرح العمومي من مواصفات حددها القانون بدقة من أهمها التواجد بالضرورة في أماكن خلاء بعيدة عن الساكنة و الأطفال. إنها بلغة الوضوح المزبلة التي أمست تحيط بدوار الطيبي الصفيحي وحي ساسام ومبروكة وحي النجاح، وهي كلها منطقة آهلة بساكنة فقيرة أصلا تعاني في صمت من جراء الوضع المخزي الذي تعيشه بسبب الروائح الكريهة وانتشار القاذورات والأوساخ والحشرات التي يخلفها هؤلاء الباعة، مما يضرب في العمق آدمية الإنسان وكرامته، ويزيد الوضع  قتامة بسبب ما يخلفه الباعة المتجولون من نفايات صلبة سائلة، خاصة، بائعي السمك بجوار حي ساسام حيث يلقون بضائعهم الفاسدة أمام أبواب المنازل دون حسيب ولا رقيب مع كثرة الضجيج أثناء البيع والمشاجرات. نور الدين أحد أبناء المركب السكني بسيدي معروف أولاد حدو، يحكي بمرارة لبيان اليوم عما يشعر به من ذل ومهانة، بسبب الإقصاء والإهمال اللذين أمسى لصيقا بهذا المشروع السكني المخصص لمحاربة السكن العشوائي، ويقول إن انتشار الباعة المتجولين وما يتركونه من النفايات وما يتولد عنها من حشرات تضر بصحة سكان المركب، هذا إضافة للسكارى والمعربدين الذين يتوافدون على هذا المركب لتعاطي المخدرات حيث تكثر أديتهم مما يقلق راحة السكان وطمأنينتهم. إننا بإثارة هذه الإشكاليات، يقول ذات المتحدث، نقرع أجراس الخطر، لأن أمن السكان وصحتهم العامة والنظافة والخدمات الاجتماعية ليست أمورا تقبل التلاعب أو الهزل بل هي الجد بعينه.  تفاقم مشاكل سيدي معروف أولاد حدو، جعل العديد من الأصوات تثير الانتباه إلى هكذا وضع، إذ اتهم الكاتب العام لجمعية إشعاع للتنمية بالمركب السكني الاجتماعي والاقتصادي، المجالس المنتخبة وحملها المسؤولية فيما آلت اليه أوضاع ساكنة المنطقة، مشيرا إلى أن هذه المجالس المنتخبة لا تواكب الأوضاع الاجتماعية للساكنة خاصة الشباب من خلال التواصل معهم والاستماع إليهم ومرافقتهم والأخذ بيدهم لإخراجهم من وضعية الهشاشة الاجتماعية والنفسية وإبعادهم عن الشعور باليأس والإحباط والسلوكيات الشاذة والمضطربة. واعتبر محمد لكحل في تصريح لـ «بيان اليوم» أن الاشتغال على الرأسمال البشري هو أهم رافعة لتحقيق التنمية من خلال التأهيل الاجتماعي والاقتصادي للساكنة سيدي معروف.

بيان24

Related posts

Top