وأنت تتجول بشوارع الدار البيضاء، بدون شك سترى “أكشاك” عشوائية لبيع المأكولات الخفيفة منصوبة هنا وهناك، تعرض وجبات مكونة من كفتة ونقانق، دجاج سردين، بصارة .. في ظروف غير صحية وفي أماكن قد تنعدم فيها النظافة.
هؤلاء الباعة يتوفرون على عربات حديدية أو خشبية، بأحجام مختلفة، وهي مجهزة بأدوات الطبخ من سكاكين وصحون ومقال طهي بأحجام مختلفة، إلى جانب قارورات الغاز. الأكلة المطلوبة غالبا ما تكون عبارة عن “سندويشات” سريعة التحضير قد تكون معدة من “كفتة” أو”كبدة ” دجاج أو لحم حسب رغبة الزبون.
بيان اليوم قامت بجولة بنواح مختلفة من العاصمة الاقتصادية حيث وقفت على حجم هذه الظاهرة التي تتزايد وتتوسع مع فصل الصيف. وفي هذا الصدد التقت “بيان اليوم” حسن بنحدو احد باعة هذا الصنف من الوجبات بالهواء الطلق، حيث كان واقفا بجانب عربته مركونة بزاوية بمنطقة التشارك وسألته عن بعض تفاصيل هذا النشاط “الحيوي” الذي يتعاطاه.
وفي رده، أفاد حسن أنه يقوم ببيع الوجبات السريعة منذ مدة ليست بالقصيرة وأنه اضطر إلى امتهان هذه الحرفة بما أنه رب أسرة وله أطفال صغار بعضهم يتابع دراسته، تحتم عليه ظروفه لتلبية حاجيات اسرته وضمان متابعة أبنائه لمشوارهم الدراسي..
وتابع أن هذه الحرفة لا تتطلب الكثير من التكلفة والتجهيز، ومدرة للدخل كون المنطقة التي يعرض فيها الوجبات السريعة معروفة بكثرة المصانع حيث العمال في حاجة لتناول الغذاء وقت خروجهم منتصف النهار، لاسيما، وأن الكثير من العمال يقطنون بمناطق بعيدة.
واستطرد المتحدث، أنه يحرص على النظافة ويتجنب السلع المغشوشة لضمان الإقبال على الوجبات التي يصنعها بيده من سندويتشات الكفتة والدجاج والبيض… وتابع كلامه، أكيد أن هناك حالات تسمم قد تعرض حياة بعض المستهلكين للخطر، و أن هذا الأمر يحصل مع أصحاب “الأكشاك”، الذين يبيعون وجبات مغشوشة معدة من لحوم حيوانات نافقة أو حيوانات محرمة مثل الحمير والكلاب.
وأضاف أن بعض الباعة لا يحترمون شروط السلامة الصحية في تخزين المواد الغذائية مما يتسبب في “الكوارث” للمستهلكين.
قد لا يزيد سعر السندويش لدى أصحاب هذه العربات عن 7 دراهم حتى حدود 10 دراهم، يقول المتكلم، وقد يقل عن هذا الثمن مما يشجع على الإقبال على هذه الوجبات، لكن إذا نظرنا إلى الأمر بمنطق حسابي، يضيف المتحدث، فإن ذلك سيثير الكثير من الشكوك حول جودة ما تقدمه هذه الأكشاك، وذلك على اعتبار أن ثمن “الصوصيص” واللحم للكيلوغرام الواحد يتراوح ما بين 70 و80 درهما، وهي أثمان تفرض نفسها في تسعير السندويتشات لضمان هامش من الأرباح، بحيث يجب أن لا يقل ثمنها عن 18 درهما، وهذا إن كان يدل عن شيء فهو يكشف ان اللحوم التي يستعملها أصحاب هذه “الأكشاك” مشكوك فيها وفي مصدرها…
وفي سياق الجولة التي قامت بها بيان اليوم التقت بعض ربات البيوت قرب عربة لبيع “السنندويتشات” في الهواء الطلق بسوق باب مراكش، وسألتهن عما يجعلهن يقبلن على شراء وجبة سريعة من نقطة بيع غير مضمونة.
وفي تصريحها أفادت نعيمة، بأن الإقبال على الوجبات السريعة بالشارع رغم أنه بالإمكان إعداد أكلات منزلية وتناولها، مرده إلى سرعة إعداد هذه الوجبات وأسعارها المنخفضة، بالمقارنة أولا مع الوجبات التي يتم إعدادها في البيوت والمتطلبة للوقت، وثانيا مع أسعار الوجبات المكلفة بالمحلات والمطاعم، لاسيما، بالنسبة لذوي الدخل المحدود الذين لا يشكل الحصول على وجبة غذائية سريعة بمحل عشوائي عبئا على جيوبهم.
واستطردت المتحدثة، هناك حالات تسمم لمواطنين جراء تناول وجبات غذائية في نقط بيع لا تتوفر على الشروط الضرورية، وهذا، تضيف، لا يفسره سوى استعمال مواد وسلع مغشوشة من قبل بعض أصحاب العربات المجرورة التي تقدم وجبات سريعة.
أما أسماء فقالت بأنه ما يزال هناك حنين إلى الأكلات الشعبية، موضحة، أن “البيتزا” والسندويتشات رغم تصدرهما قائمة الأطعمة اليومية للشباب، إلا أن المطبخ الشعبي والأكلات الشعبية سواء التي تحضر داخل المنزل أو التي يتناولها البعض في الخارج لا تزال تحتفظ على مكانتها المتجذرة في قلوب البيضاويين.
توافقها الرأي فاكة (موظفة)، بأنه لا يمكن الوجبات السريعة أن تحتكر الأذواق، مشيرة، إلى أن هناك أكلات تقليدية ما تزال تحتفظ بمكانتها رغم قلة استهلاكنا لها وذلك راجع للوقت الكبير الذي يتطلب إعدادها، ورغم ذلك تبقى منافسة قوية للوجبات السريعة وحضورها ثابت في كل المناسبات.
واشارت هذه المتحدثة أن الإقبال على الوجبات السريعة عادة ما يكون للتخلص من الروتين اليومي إلا أن الحنين لبعض للأكلات المنزلية مترسخ في الثقافية الشعبية عند البيضاويين.
اختلفت آراء العديد من البيضاويين بين راض ورافض للمأكولات السريعة التي تعرض في الهواء الطلق، بل إن بعضها يعرض بالقرب من مطارح الأزبال.
خالد (30 سنة) يقول إن هذه السندويشات تشكل خطرا حقيقيا على صحة المواطنين، والسبب أن بعض الباعة لا يحترمون الشروط الصحية في حفظ اللحوم في الثلاجات، فغالبا، يضيف المتكلم، ما لا يقبل هؤلاء خسارة المال لذلك فإنه سيستعمل تلك اللحوم في إعداد السندويتشات حتى ولو كان ذلك يشكل خطر على الصحة.
والبعض، يستطرد المتحدث، يقوم بغمر هذه اللحوم بالماء ووضع توابل أخرى عليها وبيعها من جديد، هذا وإضافة إلى غياب النظافة، فإن هذه العربات تنتصب في الشوارع العمومية حيث تكون السلع عرضة لدخان السيارات، وتتعرض إلى التلوث الأواني التي يتم فيها طبخ هذه الأكلات خاصة منها ّ”التقلية” والبيصارة وغيرها من المواد سريعة التلف.
وفي كل هذا، يبقى السؤال إلى متى سيتأخر المسؤولون في إيجاد حل لهذه الظاهرة التي أصبحت تهدد حياة البيضاويين، خاصة أنها تتزايد يوم بعد يوم، فكلما زادت العربات والمحلات العشوائية لبيع المأكولات الخفيفة، كلما زاد احتمال ارتفاع عدد الضحايا الذين يتعرضون للتسمم أو أمراض صحية تؤدي إلى الوفاة في الكثير من الأحيان، خاصة في الأحياء الشعبية التي تنبت فيها عربات بيع الأكلات الخفيفة السريعة كالفطر.
< فاطمة الهورشمت