الدورة 21 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة

الطريق إلى الجنة

تدور وقائع الشريط السينمائي الطويل “الطريق إلى الجنة” لمخرجه وحيد السنوجي في بلد أوروبي، وبالضبط في هولندا، ولذلك تم استعراض القضايا والمشاكل التي يعيشها المهاجرون هناك، وقد تم التركيز بشكل أساسي على مصير الجيل الثالث الذي نشأ هناك وتابع دراسته أو لم يتابعها. تمت معالجة هذه القضايا الاجتماعية بأسلوب قصصي بسيط، يحاكي الواقع بكل مظاهره دون الوقوع في التصوير التوثيقي المباشر، مسلطا الضوء بذلك على ظروف عيش أسرة متواضعة، تتألف من شابين وطفل وأبويهما، الأب مسن ويعاني من العجز المترتب بطبيعة الحال عن سنوات طويلة وصعبة قضاها في خدمة بلد الاغتراب، الأم ربة بيت تعاني من التعاسة نتيجة الظروف القاهرة التي تعيشها سواء في علاقتها بزوجها أو بمحيطها الاجتماعي ككل، أما الشابان فأحدهما تابع دراسته بنجاح، لكن بالرغم من نيله شهادة عليا فإنها لم تخول له الحصول على شغل لائق، في حين أن الشاب الثاني نجده قد انحرف وصار عضوا في عصابة تتاجر في المخدرات، ثم هناك الطفل الذي لا يبشر
مستقبله بخير، سيما وأنه يقضي أغلب أوقاته في ممارسة الألعاب الإلكترونية التي تشغله عن دراسته وتربي فيه نزعة العنف والعدوانية.
وطبعا فإن مصير الشاب المتاجر في المخدرات كان هو السجن، أما الشاب الناجح في دراسته فسيصطدم بواقع مرير، فبعد ارتباطه بفتاة من مواطني ذلك البلد، سيقوم أب الفتاة بمنع هذا الارتباط، لا لشيء سوى لأن الراغب في الزواج من ابنته ينتمي إلى العالم الثالث، سيؤثر ذلك على نفسيته، مع ذلك سيصمد وسينشغل بالبحث عن عمل، غير أن كل الفرص التي أتيحت له لم تكن في مستوى تطلعاته، سيما وأنه حاصل على شهادة عليا، كل هذه المشاكل التي تراكمت عليه، أدت به إلى نوع من الاكتئاب ومن ثم اعتناق الأفكار الدينية المتطرفة، وسيتم بالفعل استقطابه للقيام بعمل إرهابي، غير أنه في آخر لحظة سيحاول التراجع عن القيام بذلك، الشيء الذي سيؤدي به إلى نزاع مع مرافقه المصر على تنفيذ العملية وسينتهي ذلك باقتتالهما.
تلك إذن هي مجمل أحداث القصة التي ينقلها لنا هذا الشريط الطويل، حيث استطاع مخرجه أن يعالج قضايا الهجرة بأسلوب واقعي، مع العناية بتسلسل الأحداث وتطورها عبر الزمن، ليبرز لنا أن هناك خللا ما في بلاد المهجر، نتيجته الحتمية هو سخط أبناء المهاجرين واعتناقهم بالتالي الأفكار المتطرفة، كما أنه لم يغفل الإشارة إلى أن الأسرة هي بدورها مسؤولة عن هذا المصير.
وبالرغم من المسحة السوداوية أو الطابع المأساوي الذي يطغى على مجمل مشاهد هذا الشريط، فإنه لم يصب المشاهد بالملل، ويرجع ذلك بالخصوص إلى التوظيف الفني للأحداث واعتماد المشاهد القصيرة المتعددة التي نجد كل مشهد منها يحمل تطورا له ارتباط بالتسلسل الحكائي للفيلم.

إيكاروس

هذا الشريط القصير لمخرجته سناء العلوي، يدور هو كذلك في بلاد أجنبي، وتحديدا في هنغاريا، ويتناول بدوره مأساة الإنسان المهاجر، باعتبار أنه يعيش في بيئة غير مألوفة لديه، تختلف ثقافتها وعاداتها عن تلك التي تلقاها في بلده الأم، وبالتالي يجد صعوبة في التأقلم مع هذه الحياة، حتى وإن كان قد عاش فيها ردحا من الزمن، كما هو الحال بالنسبة لبطل الشريط.
عنوان الشريط هو إحالة على أسطورة شخصين محتجزين، حاولا الهرب بالاستعانة بأجنحة ثبتاها على ظهريهما، أثناء الهروب حلق أحدهما قريبا من الشمس فهوى صريعا بعد أن أذابت أشعة الشمس الشمع المثبت بجناحيه.
من خلال هذه الإحالة الأسطورية يعكس الشريط مأساة مهاجرين كان مآلهم التشرد بعد أن أفنوا عمرهم في خدمة بلد المهجر، كانوا يشتغلون في المناجم وفي غيرها من الأشغال الشاقة، وتم التركيز على فرد منهم، حيث على امتداد مشاهد الشريط الذي لا تتجاوز مدته اثني عشرة دقيقة، يحكي لنا كيف أصبح متشردا بخطاب طافح بالحكمة، إنه يعرض نظرته الفلسفية للحياة بالنظر للتجارب المريرة التي مر بها، في كل مشهد يخاطب المتفرج وهو في عزلته، حتى وإن كان بين حشود من البشر، ما كانوا يمرون عليه دون أن يبالوا بوضعه المأساوي، ليس في صحبته غير دراجته التي هي كل ما يملك، نتعرف على رأيه الشخصي حول قضايا متعددة ذات بعد فلسفي، إذا جاز التعبير، رأيه حول الإيمان بالله، حول السعادة.. إلى غير ذلك، كما يسترجع ذكرياته الماضية وكيف أنه كان يتمنى أن يكون ربانا، حين كان يتوجه إليه مدرسوه بسؤالهم حول المهنة التي يتمنى ممارستها في المستقبل، غير أن أحد هؤلاء المدرسين سيصدمه بالقول إن أبناء المهاجرين غير مقدر لهم العمل سوى في مهنتين لا غير، هما: العمل بالمناجم أو صناعة الأقفال، وهو تعبير مجازي، يروم الحد من طموحات هؤلاء الأبناء في شغل مناصب عليا، يمكن أن يزاحموا أبناء ذلك البلد عليها.
هذا الفيلم هو أقرب ما يكون للفيلم الوثائقي، غير أن معالج بطريقة فنية، غلبت جانب الإبداع السينمائي على ما هو تسجيلي مباشر.

برنامج يومه الخميس:

< العاشرة صباحا بقاعة روكسي:
مناقشة أفلام المسابقة
< الثالثة بعد الزوال
الفيلم القصير: “أخو” لآسية الاسماعيلي
الفيلم الطويل: “نساء ال جناح ج” لمحمد نظيف
< السادسة مساء:
الفيلم القصير “صامتة” لعثمان بلافريج
الفيلم ال طويل “آدم” لمريم التوزاني

> مبعوث بيان اليوم إلى طنجة: عبد العالي بركات

Related posts

Top