الفنانة التشكيلية وفاء التازي تعرض لوحاتها ببنسليمان

بيُسر متناهٍ، تُطالعنا الفنانة التشكيلية وفاء التازي التي تعرض ما بين 24 و 30 نونبر الجاري بدار الثقافة ببنسليمان بدعم من وزارة الثقافة و الاتصال بتجربة صباغية جديدة ممتدة لتكوينها الفني بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بالدار البيضاء وبتحصلها على دبلوم تخصُّصي بالمعهد العالي لفنون الطباعة بنفس المدينة. هذه التجربة الصباغية المقترحة لهذا المعرض، تجد صداها في التجريد اللوني القائم على لمسات لونية غليظة، منثالة ومتعاضدة داخل فضاء اللوحة، لكنها تظل في نفس الوقت مفعمة بحركية ترسم في قوَّتها وتعبيريها بلاغة التجريد الذي تُراهن عليه الفنانة.
من ثمَّ، تظهر لوحاتها في شكل تلافيف لونية متصاعدة على إيقاع تجريد حرّ وتلقائي تنمحي في ضوئه وظله النماذج المرسومة، لتتحوَّل إلى حدائق تجريدية غنَّاء، عائمة وملوَّنة تشعُّ بأطياف وخيالات مجرَّدة من دلالاتها التشخيصية.
في عمق هذه اللوحات، تتدفق الألوان والصبغات المستعملة بأساليب تعبيرية وتجريدية مليئة بكثافة طيفية تحدِّد ملامح الآثار اللونية المفعمة بقوَّة التبصيم الموسوم ببراعة الأداء الذي يختفي خلف تكوينات لا شكلية Informelles قائمة على جدلية الحجب والكشف. هناك تنصهر الألوان وتذوب في لجَّة التجريد لتسمو إلى عوالم المطلق واللامتناهي..
إنه بهاءُ التجريد الذي يومئ إلى الأفق الجمالي والتعبيري للفنانة وفاء المسكونة بإبداع تجريدات لونية تنهض على ازدواجية الشكل واللون والعلاقة البصرية القائمة بينهما، البعض منها مطبوع بألوان كحلية داكنة متوهِّجة في مقابل ألوان أخرى ضبابية تنسلُّ من عمقها زرقة كوبالتية وصفرة ساجية وحمرة قانية، إلى جانب خطوط ضامرة وبياض نوراني يطفو متساميّاً نحو سماوات أعلى.
وبُغية إعطاء أعمالها الصباغية حيوية لونية متقدة، تقوم الفنانة وفاء أحياناً كثيرة بتأسير الكتل اللونية المتراصة وإحاطتها بضربات فرشاة واثقة وذات قوَّة فاعلة في التكوين والبناء ما يجعل لوحاتها ناطقة بالإبداع..”أليست الحقيقة في الفن هي أن نجعل اللوحة تتكلم”، بحسب تعبير الفنان فانسان فان كوخ؟
ولا شك إذن، أن هذا الاختيار التجريدي اللوني الذي يَسِمُ اللوحات المرشحة لهذا المعرض هو ما يمنح الفنانة وفاء التازي إمكانيات إبداعية إضافية للمضي قدماً في مجال التجريد ولفتح حوار بصري شفيف مع المتلقي حول لوحات صباغية مُغايرة مشحونة بدلالات لونية قائمة على التكثيف ومصاغة بلغة تشكيلية ذاتية تسائل الذاكرة والبصر..وتظل، في الآن نفسه، مفتوحة على المزيد من البحث والتجريب..
> ابراهيم الحَيْسن 

Related posts

Top