عن مهرجان مراكش…

اختتم المهرجان الدولي للفيلم بمراكش دورته الأخيرة التي ترأس لجنة تحكيمها الكبير فرانسيس كوبولا، وخلفت مجريات ونتائج هذه الدورة، على غرار سابقاتها، تقييمات متباينة وردود أفعال لم تكن على كل حال جميعها جدية، ولكن كل هذا يمكن اعتباره عاديا، ويندرج ضمن التلقي الطبيعي لحدث ثقافي وفني من حجم مهرجان مراكش السينمائي.

بداية لا يمكن القفز على معطى زمنية تنظيم المهرجان ذاته وسياق ذلك مغربيا وعالميا، والتغاضي على أن إقامة المهرجان وليس تأجيله هو في حد ذاته  الحدث، ثم إن نجاح المهرجان في استقطاب واحد من كبار الفن السابع في العالم من حجم كوبولا هو أيضا حدث، وأيضا حضور عشرات النجوم، مغاربة وعرب وعالميين، إلى المدينة الحمراء وتحديهم لكل المخاطر الأمنية والإرهابية المتربصة بالعالم ولكل الكليشيات المعممة هنا وهناك، فهذا كذلك انجاز لا يخلو من أهمية بالنسبة لبلادنا، ولفن السينما.
بالفعل، لا بد من تسجيل الهفوات التنظيمية والتواصلية واللوجيستيكية والمطالبة بتجاوز الأخطاء وبتطوير التعامل مع الفنانين والإعلاميين المغاربة وكل ما يرتبط بهذا الكلام، الذي تحضر فيه أحيانا كثير أنانيات ورغبات شخصية كذلك، ولكن، مع الوعي بكل هذا، فلا يمكن في المقابل  استصغار ما يراكمه المهرجان من مكاسب ونجاحات إشعاعية وترويجية وعملية.
من جهة ثانية، مهرجان مراكش أتاح لمن حضره فرصة مشاهدة عشرات الأفلام من جنسيات وجغرافيات فنية متنوعة، وذلك ضمن مختلف فئات وأصناف البرمجة، وهذا هو المهم وعمق المهرجان أساسا، فمن كانت وجهته السينما فقد كانت أمامه الفرصة للفرجة والمتعة و…للاستفادة، أما من يعتبر أن الأهم في مهرجان سينمائي ليس هو الأفلام فهذا شيء آخر.
المؤسف، أن عقل بعض من تكلم أو كتب عن المهرجان لم يستوعب لماذا أصر الكبير والمبدع كوبولا على جعل الاحتفاء والتتويج للسينما أولا كفن وكنمط حياة وكمقاومة ضد الرعب، وعابوا عليه وعلى لجنة التحكيم توزيع دروع المهرجان على كل من شارك.
الإشارة كانت انتصارا للسينما وللمقاومة عبر الفن من أجل الحياة و…الفرح، وكانت أيضا للاحتفاء بالشباب وبسينمائيي المستقبل، أي أن الفكرة انبثقت من رسالة)سياسية(تتشبث بالسينما ضد الهمجية والجهل والرعب، وللتذكير فهذا كان بالذات هو السياق العالمي لدورة هذا العام التي تزامنت مع تفجيرات باريس ومع كل الدموية التي تلف عالم اليوم.
لقد نجح إذن مهرجان مراكش لكونه نظم في وقته وبمدينتنا الحمراء وبحضور عشرات النجوم، ونجح لكونه عرض العديد من الأفلام، ونجح من خلال الحضور الوازن لكوبولا ودوره في صنع قرارات وإشارات ورسائل لجان التحكيم، ولكل هذا فالتظاهرة تستحق اليوم تنمية التفكير بشأنها وتطوير مختلف امتداداتها وجوانبها التنظيمية والإشعاعية والعلائقية

 

[email protected].

Top