حاوره مصطفى السالكي
في ظرف زمني لا يتعدى السبع سنوات، تمكن الفرع المغربي لمجموعة «ليبيا أويل القابضة» لخدمات توزيع الزيوت والمحروقات في السوق المغربية من تحقيق نتائج إيجابية.
أويل ليبيا المغرب التي انطلقت على أساس أصول شركة «إكسون موبيل» الأميركية في المغرب، تضم اليوم عددا هاما من محطات توزيع البنزين وشرعت في استثمارات تروم تحقيق الأمن الطاقي للمغرب من خلال مستودعات وبنيات تحتية هامة.
الفرع المغربي لمجموعة «ليبيا أويل القابضة» يحمل المزيد من المشاريع ضمن برنامج استثماري واعد نتطرق إليه في هذا الحوار مع الأستاذ يوسف الهمالي المدير العام للشركة الذي يرى في مرحلة ما بعد تحرير أسعار المحروقات في المغرب بداية لآفاق واعدة.
> بعد سبع سنوات على دخولكم السوق المغربية. كيف تقيمون حصيلة الشركة اليوم؟
< شركة ليبيا أويل المغرب التي تحمل العلامة التجارية اوليبيا تعتبر من أكبر الفروع التي نملكها في إفريقيا. نحن شركة ممثلة في 17 دولة، لكن المغرب يعتبر من أكبر فروع شركاتنا. ففي شهر ماي من سنة 2008 تم شراء “الباكاج” كاملا بعد فوزنا بالعروض الدولية لنقوم بشراء فروع إكسون موبيل الأمريكية في المغرب.
بعد مضي سبع سنوات، سجلت الشركة تقدما سريعا والحمد لله. هناك زيادة في مستوى المبيعات سواء على صعيد الوقود أو الزيوت. وخلال هذه السنوات السبع، توسعت نشاطات الشركة في مجالات النشاط البحري وتزويد السفن “زيوت ووقود”، ونشاط الطيران في معظم مطارات المملكة، وفي المحطات بكامل التراب الوطني، وفي مجال الصناعة وكبار المستهلكين والموزعين.
> ما السر وراء هذه القفزة السريعة في ظرف زمني قياسي؟
< ليس هناك سر، بقدر ما هنالك خطط وبرامج وأولويات مدروسة اعتمدناها. فقد حاولنا قدر المستطاع مواكبة تطور السوق وفق متطلبات واقعية، وصرفنا ميزانيات استثمارية خصصت لتطوير البنية التحتية للمحطات وتجديدها وأطلقنا شبكة من المحطات ودخلنا بقوة إلى الطريق السيار في محطتين. الأولى على طريق بني ملال، والثانية على طريق برشيد. وقمنا كذلك بتغيير منظومة المعلومات والأسعار والتبديل التلقائي عن بعد، وصنع لوحات إعلانية إلكترونية للأسعار بالمحطات.
> رغم هذه القفزة، يعاب عليكم عدم التوفر على مخزون استراتيجي؟
< هذا ليس عيبا. وعلى أي، فخطة التوسع فيما يخص المخزون كانت دائما على اللسان.
الشركة بلغت اليوم مراحل متقدمة في تنفيذ مشاريع تهم مستودعات تخزين المواد النفطية في ميناءي الجرف الأصفر وأكادير، بقيمة استثمارية بلغت 440 مليون درهما. مشاريع ستقوي فضاءات التخزين التي تنسجم مع دورية وزارة الطاقة والمعادن.
جهودنا تنصب على الدوام نحو ضمان مخزون احتياطي وفق متطلبات الدولة (30 يوم مبيعات).
> التخزين يجرنا لموضوع التزود.. من أين تؤمن أوليبيا حاجياتها من المحروقات؟
< ارتباطا بالأزمة الحرجة التي تعيشها شركة “لا سامير” وتوقفها عن تكرير المواد البترولية، فإننا نؤمن حاجياتنا من المحروقات من مخزون تجمع النفطيين المغاربة للمحافظة على مستوى مبيعاتها. ونتجه نحو البحث عن بدائل جديدة على المدى البعيد، للتزود من المحروقات مباشرة من الأسواق العالمية، وهو الأمر الذي دفعنا إلى التفكير في إنشاء محطة لهذا الغرض بمدينة أكادير.
> كيف كان الاستعداد لمرحلة تحرير سوق المحروقات؟
< تحرير السوق لم يكن مفاجئا، بل تم الإعلان عنه منذ مدة طويلة. وبالتالي كان استعدادنا في المستوى المطلوب. فشركة “أويل ليبيا” المغرب، الرائدة في مجال تصنيع وتوزيع الزيوت والمحروقات، كثفت استثماراتها في مجال البنية التحتية لمحطات التزود بالوقود التابعة لها في مختلف مناطق المملكة، استعدادا لمرحلة تحرير سوق المحروقات، التي بدأت أول فصولها مطلع دجنبر 2015، إذ خصصت الشركة، التي تعتبر وريثة «إكسون موبيل» في المغرب، ميزانية طارئة لتمويل هذا الاستثمار بقيمة 14 مليون درهما، تركزت أساسا في تثبيت نظام معلوماتي، يدير عملية تغيير وتعديل الأسعار، حسب حالة السوق والمخطط التجاري للشركة، وكذا لوحات إلكترونية تظهر الأسعار بالمحطات بقيمة 11 مليون درهما. ولعلمكم، فتطوير المحطات وتعزيز شبكة التوزيع، يحتلان موقعا مهما في المخطط الثلاثي الإستراتيجي للشركة (2015- 2017)، وهو الأمر الذي يظهر من خلال تخصيص استثمارات بقيمة 243 مليون درهما خلال سنة 2015 ، بهدف توسيع شبكة التوزيع الحالية، عبر افتتاح ما متوسطه 12 محطة جديدة سنويا. إذن، يمكننا القول إننا دخلنا حلبة الاستعداد لتحرير أسعار المحروقات قبل تفعيل هذا القرار بمدة طويلة. فقد سطرت شركتنا، كما قلت، برنامجا استثماريا يمتد إلى سنة 2017 لتعزيز موقعنا بالسوق المغربية. ويصل الغلاف الاستثماري الذي خصصته الشركة 800 مليون درهما، سيخصص الجزء الأكبر منه لتمويل محطة بترولية جديدة بمدينة أكادير، للتزود مباشرة من الأسواق العالمية، إلى جانب منصة تكنولوجية، للانخراط في مرحلة ما بعد تحرير أسعار النفط.
> التحرير يثير مخاوف حول مدى التزامكم بالجودة؟
< حين تم الإعلان عن تحرير الأسعار ورفع الدعم عن المحروقات ودخول كل هذه التدابير حيز التنفيذ، لم تنس الدولة وضع عدة ضوابط لمراقبة، ليس فقط الأسعار، بل الجودة أيضا.
وسواء قبل التحرير أو بعده، كانت الجودة دائما هي رهان شركتنا وحصانها الرابح. والدليل على ذلك ما نشهده اليوم من حرص قوي على ضمان منتوج رفيع للزبون ونحن اليوم نقوم بهذه المراقبة عبر مختبرات متنقلة على مدار 48 ساعة. وقد قمنا قبل ذلك بزيادة القوة العاملة البشرية لمواكبة المراقبة والمتابعة للمحطات من حيث الجودة والسلامة. كما قمنا ببرامج تدريبية على مستوى المجموعة وعلى الصعيد المحلي.
إن جودة منتوجنا والخدمات المقدمة للزبون هما الأساس الذي نعمل عليه ونستمر فيه وقد انعكس ذلك في أن مبيعاتنا لم تتأثر بل هي في تزايد.
> تفعيل قانون المنافسة ألا يدفعكم لتوافقات مع باقي الشركات؟
< فارق الأسعار ليس أداة بيد الشركة، ولكن له ارتباط كبير بحرية التسويق لوكيل المحطة. والشركة تعتبر شريكا للوكيل، تقدم له كل التسهيلات من حيث متابعة السوق وتدله على الأسعار المنافسة، لكنها لا تستطيع فرض أي سعر. تكتفي بالاقتراح.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه لا يمكنك أن تضع أسعار محطة ما كمقياس لأن الأسعار تختلف من منطقة إلى أخرى، وفق حركة السوق، والبعد الجغرافي عن مستودع التزويد، وكلفة المنتوج وكلفة النقل، وفترة التوريد، بالإضافة، وهذا أمر هام جدا، لسعر صرف العملة.
> ماذا عن حصتكم في سوق الطيران؟
< هناك توجه لتوسيع حصة الشركة في سوق وقود الطيران “الفيول” بالمغرب، إذ تمتلك حاليا حافظة زبناء مكونة من عشرة مطارات دولية بالمملكة، فيما تمتلك المجموعة الأم حافظة تضم 54 مطارا دوليا و100 شركة طيران في دول مختلفة. المجموعة تمتلك خبرة مهمة في مجال التزويد بهذا النوع من المنتوجات النفطية، وتلتزم بالجودة والدقة في عملياتها، خصوصا في القارة الإفريقية، إذ تسجل حضورا وازنا في هذا النوع من الأنشطة عبر 16 بلدا، وتعتبر ثاني أكبر مزود على مستوى القارة.
> يرجى من كل استثمار خلق فرص الشغل… هل تعتبر المساهمة في امتصاص البطالة ضمن انشغالاتكم؟
< هذه الاستثمارات الجديدة وغيرها مهمة جدا في خلق مناصب شغل مباشرة وغير مباشرة، بما ينعكس إيجابا على خفض مستويات البطالة. نحن شركة مواطنة يسعدنا أن نساهم في خفض مستويات البطالة. وبالموازاة، نمضي في توجه جديد يهم تطوير الأنشطة التجارية الموازية للتوزيع في المحطات، وذلك عبر الاستثمار في نموذج خدماتي يضم مطاعم وأكشاكا ومقاهي، تم تنفيذه في تجربة أولى بمحطتي برشيد وواد زم على الطريق السيار. نريد أن نمضي قدما على درب الاستثمارات الخالقة لمناصب الشغل اعتمادا على أطرنا وعلى المستثمرين، بمن فيهم أولئك العالقين خارج المغرب، ينتظرون الحصول على تأشيرة تأخر كثيرا منحها.
> لكن المغرب لم يسبق له رفض دخول أطر عليا وخاصة مستثمرين إلى ترابه
< سبق للمغرب، كما هو معلوم، أن أصدر قرار فرض التأشيرة على المواطنين الليبيين الراغبين في دخول الأراضي المغربية وسرى القرار منذ شهر فبراير من سنة 2014. هذا القرار شمل أيضا رجال أعمال وأطرا من المفروض أن يحظوا بكل العناية وبكل التسهيلات الممكنة. منع هذه الأطر وهذه النخبة من رجال الأعمال من بلوغ المغرب أضر بشركتنا وساهم في تأخير المصادقة على مجموعة من المشاريع. وتأسيسا عليه، أغتنم لقائي بمنبر بيان اليوم لأوجه الدعوة للمسؤولين من أجل تفهم أعمق، وعلاج أسرع للمشاكل التي لازالت تعترض تنقل مسؤولينا إلى المغرب، منذ شهور عديدة، بسبب صعوبات في الحصول على التأشيرة. الأمر يؤلمنا كثيرا ويضر بشركتنا العازمة على مواصل تفعيل تنفيذ برنامجها الاستثماري، والاستجابة لحاجيات السوق المغربية والمساهمة في الدورة الإنتاجية للاقتصاد المغربي.
****
تصريحات
*مصطفى أمين مدير التسويق والمبيعات
الوزارة الوصية سبق أن أصدرت عددا من القوانيين سنة 2013، أولها التخلي عن الدعم بطريقة تدريجية قبل 2015. وفي بداية 2014 صدر قانون كي تتغير الأثمنة من المقر الاجتماعي. في هذا الإطار كانت الاستعدادات بتطوير أنظمة معلوماتية جعلتنا قادرين على تفعيل هذا التغيير بأكثر من مليون دولار. قمنا أيضا بعدد من التدريبات كان أهمها في ألمانيا لأننا ننتمي إلى مجموعة عالمية.
واليوم، إذا كنا على أتم الاستعداد في السوق، فلأننا ننتمي إلى مجموعة لها تجربة في السوق المحررة. إذن أول شيء قمنا به هو النظام الأوتوماتيكي في محطاتنا. نتوفر على هذه المنظومات المعلوماتية لتغيير الأثمنة، وكذلك وضعنا آليات لقياس الخزانات من المقر الاجتماعي، كما عملنا عددا من البرامج التي تدخل في العمليات كشراء خزانات. نحن شركة قديمة تعود إلى أكثر من 80 سنة، ولنا أوراق تشهد على ذلك. لكن، رغم هذا القدم في السوق، لم يتم شراء الخزانات منذ 50 سنة، ولم نقم بذلك إلا بعد مجيئ الإدارة الليبية وعلى رأسها الأستاذ يوسف الهمالي الذي نشكره على هذه الاستثمارات التي قام بها. منها شراء الأراضي التي سنقيم عليها خزانات ومحطات. كل هذا أعطى للعاملين في الشركة ثقة أكبر في المجموعة. إذن نحن على أتم الاستعداد للمضي قدما على درب تطوير الشركة وجعلها قطبا متميزا داخل الاقتصاد المغربي. نعتقد أننا اليوم في هذه السوق المحررة أقوياء خصوصا بعنصرنا البشري ذي التجربة الكبيرة والطموحات الكبيرة لرفع التحديات في سوق صعب على الجميع.
*مصطفى لبرق مدير العمليات
يجب أولا الإشارة إلى أن “إكسون موبيل” توقفت عن الاستثمار قبيل مغادرتها المغرب، وهذا طبيعي. فمغادرة الأجواء والبحث عن فضاءات جديدة يفرض الاستعداد للرحيل من خلال إغلاق المحفظة الاستثمارية. بعد حلول الإخوة الليبيين، وشراء إكسون موبيل من طرف شركة أويل ليبيا كان التخوف باديا على الجميع من أن تواصل هاته الأخيرة التقليل من الاستثمارات. لكن سرعان ما بدا أن هذا التخوف لا أساس له.
لكن ما لاحظناه هو أنهم وسعوا نطاق الشركة على عدة أصعدة. ففيما يخص عدد المحطات التي كانت تحتاج إعادة التأهيل قامت الشركة بتجديد محطات كثيرة طالها التقادم، وبدأ نوع من الاستثمارات الجديدة يطال محطات جديدة. هذا دفع الشركة إلى الاستمرار على النهج الإيجابي بدل التراجع، والتوسع بدل إعادة هيكلة وغيرها من السياسات التراجعية.
هذه الاستثمارات الاستراتيجية جعلتنا حاضرين في السوق ومستمرين فيه، وقادرين على البقاء فيه علما أن ميدان عملنا حساس ومنافس جدا. نعم إننا نعيش منافسة شرسة عكس ما يبدو من أن السوق متقاسم فيما يخص المحروقات والزيوت.
لقد قدم يوسف الهمالي، بصفته مديرا عاما، الكثير لأويل ليبيا التي بات الجميع يلاحظ بجلاء أنها زيادة غيرت في عرضها فيما يخص المحطات والخدمة.
شجاعة يوسف الهمالي وخططه الاستراتيجية جعلت موظفي الشركة أكثر تماسكا، وأكثر اقتناعا بأن المالك الجديد يريد مواصلة المسير، ويعد أرضية تستهدف آفاقا جيدة مستقبلية..
نحن اليوم متواجدون في السوق ونحتل درجات متقدمة رغم منافستنا لما أسميه الفيلة (افريقيا، شال طوطال). وسنواصل المسير مادمنا مقتنعين بأهدافنا وبإستراتيجيتنا. فالخمس سنوات القادمة ستشهد توظيفا ماليا لا يقل عن 500 مليون درهما ستخصص لتجديد مصنع الزيوت ومصنع المحروقات في الجرف وفي أكادير.