أضحى فيروس كورونا تهديدا حقيقيا للتوسع الاقتصادي الأمريكي على المدى الطويل، وتقول مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، إنه من المرجح أن كوفيد-19 سيصبح وباء عالميا.
وفي سياق متصل، أشارت CNN في نسختها الإنجليزية، إلى أنه إذا تم ذلك فسيكون من الصعب تجنب الركود الاقتصادي، وهو الرأي الذي يؤكده مستثمرون عالميون، الذين أغرقوا الأسهم في الأيام الأخيرة بعد أن توقعوا بشكل كبير إمكانية حدوث تراجع، حيث أدى الانخفاض في الأسهم (حوالي 11.5 ٪) إلى القضاء على 3.4 تريليون دولار من ثروات مالكي الأسهم.
واعتبرت الجريدة الإلكترونية ذاتها، أن تجربة الصين توفر مثالا حيا يجب دراسته حول مدى إمكانية فيروس من قبيل “كورونا” أن يعيث فسادا على الاقتصاد الأمريكي، حيث سيتم تعطيل السفر والسياحة والتجارة، هذا إن لم يتم إغلاقها بشكل نهائي.
وتابع المصدر عينه، أن شركات الطيران والفنادق قد بادرت فعليا إلى تعليق السفر والحجوزات، مضيفة أن العمال بدورهم لن يكونوا قادرين على الوصول إلى وظائفهم إذا كانوا مرضى أو خاضعين للحجر الصحي، وإذا أغلقت المدارس ومراكز الرعاية النهارية، فسيتعين على الآباء البقاء في منازلهم مع أطفالهم والعمل لساعات أقل.
وقال المصدر نفسه، إنه بدون العمال، ستقل إنتاجية الشركات، وستقل نسبة الاستهلاك بسبب كثرة العاطلين، “هذا بالإضافة إلى انخفاض الأرباح أو حتى الخسائر، وهذا ما أثار قلق المستثمرين في البورصة، حيث لن يكون لدى معظم الشركات سوى خيار ضئيل وهو أن تكون أكثر حذرا وتحتفظ بالاستثمارات والتوظيف، أما الأكثر تضررا فلن يكون لها خيار سوى تسريح العمال”.
والأسوأ من ذلك، حسب ،CNN أن الشركات كانت بالفعل على الحافة قبل ظهور الفيروس في الصين، وكانت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في أقصى أوجها حيث ألحقت أضررا كبيرة بالاقتصاد العالمي، “فقد دفعت الصناعات التحويلية والزراعة والنقل بأمريكا إلى الركود، وقد وقع الرئيس ترامب اتفاقية تجارة كمرحلة أولى مع الصينيين هذا العام لتجنب الانكماش التام، لكن الشركات لا تزال غير مستقرة، ومن المرجح أن الرئيس سيضاعف في حربه التجارية إذا ما تم إعادة انتخابه”.
وأبرز المصدر نفسه، أن الحرب التجارية وضعت الاقتصاد الأمريكي على رجليه، ولن يستغرق الأمر الكثير من الجهد لوضعه مسطحا على ظهره، حيث أن كوفيد 19 قد يكون بمثابة ضربة لكامل الجسم.
وجاء في تقرير CNN، أن الأمر الأكثر تعقيدا، هو المشكلة التي سيواجهها صانعو السياسات إزاء التداعيات الاقتصادية للفيروس، فقبل أن يغلق سوق الأسهم أسبوعه السيئ تاريخيا يوم الجمعة، أصدر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي “جاي باول” بيانا يقول فيه إن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يخفض أسعار الفائدة قريبا، فمن المؤكد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قام بتخفيض سعر الفائدة في حالات الطوارئ ويعد الأول منذ الأزمة المالية في عام 2008.
إن معدل الأموال الفيدرالية (المعدل الذي يسيطر عليه الاحتياطي الفيدرالي مباشرة ) يحوم الآن فقط بين 1٪ و 1.25٪. ذلك لأن بنك الاحتياطي الفيدرالي اضطر إلى خفض أسعار الفائدة ثلاث مرات في العام الماضي لتعويض الآثار السيئة للحرب التجارية. وإذا ما تفشى الفيروس كما يحذر مركز السيطرة على الأمراض، فإن معدل الأموال سينخفض بسرعة إلى الصفر، ولن يتمكن الاحتياطي الفيدرالي من فعل شيء أو حتى تدارك الأمر.
يمكن أن تتحد إدارة ترامب والكونغرس ويصدران تشريعات لتوفير الحوافز المالية للاقتصاد (التخفيضات الضريبية المؤقتة الممولة من العجز والزيادات في الإنفاق الحكومي)، فقد تم توفير مثل هذه التحفيز في خضم الأزمة المالية عندما أبرمت إدارة أوباما اتفاقا مع مجلس الشيوخ، حيث نجح ذلك، وانتهى الركود بعد أشهر قليلة من تنفيذ الحافز. لكن من الصعب أن نتخيل أن الرئيس ترامب، الذي يواصل ضرب الديمقراطيين في الكونجرس بسبب انتقاداتهم لسياسته تجاه فيروس كورونا، أن يبرم أي صفقة من هذا القبيل، ويبقى المستهلك الأمريكي هو جدار الحماية بين النمو الاقتصادي المستمر والركود.
وأَضاف التقرير “مع ذلك، فإن تصوراتنا تبقى قابلة للتغيير، فأي خطوة هي متوقعة في هذه المرحلة الحساسة التي يعرفها الاقتصاد العالمي والأمريكي . ويعد جيل ” بابي بوم” أضخم مالك للأسهم بامتلاكه لأكثر من نصف ثروة جميع مالكي الأسهم و ذلك وفقا لتحليل “موديز أناليتيكس”. حيث يحتفظ أعضاء هذا الجيل الذي تتراوح أعمارهم ما بين الخمسين والستين سنة بالأسهم التي تشكل الجزء الأكبر من ضمان التقاعد. عندما ترتفع أسعار الأسهم، فإنهم يشعرون براحة كبيرة. لكن إذا بقيت أسعار الأسهم منخفضة بعد ما تمر به أمريكا حاليا، وتقلص ضمان التقاعد، فيمكنك أن تتخيل كيف سيكون شعورهم وتصرفهم. فقد تنهار بذلك جدار حماية المستهلك. فعلا لا يوجد وقت مناسب لوباء عالمي، لكن هذا الوقت يعد سيئا للغاية”.
< أميمة بازي – متدربة