قانون: 20 – 22 وقف اللعب “الباسل” عدم المس بالحريات

يكشف السجال الجاري بشأن قانون 20 – 22، عن الحاجة فعلا إلى السياسة وإلى امتلاك بعد النظر من لدن مسؤولينا.

بداية، لماذا لم تخرج الحكومة، بالطريقة التواصلية التي تشاء، لحد الآن، لتتفاعل مع كامل هذا الجدل، وتقدم للمغاربة التوضيح الضروري والرسمي لموقفها؟

هذا ليس تدوينة فردية أو تغريدة كتبها فرد واحد، وإنما الأمر يتعلق بسجال طويل عريض تدخل فيه زعماء أحزاب وبرلمانيون ومنظمات حقوقية، وهناك بلاغات صدرت وعرائض يجري توقيعها، وبرغم كل هذا لم يتلق المغاربة أي تفسير رسمي لما حدث. 

يعني هذا وجود مشكلة حقيقية فعلا في علاقة الحكومة بالرأي العام الوطني، ذلك أن “معاليها” لا زالت لا ترى ضرورة لتفاعلها مع ما تنشره مواقع التواصل الاجتماعي.

من جهة أخرى، إن ما حدث يفضح  أيضًا واقع العلاقة بين عدد من الوزراء أنفسهم، وفي ميكانيزم الصلات بين المكونات السياسية للحكومة، ذلك أنه بالرغم من دقة الظرفية الوطنية وحساسيتها، هناك من يواصل مثل هذا اللعب الصبياني التافه، ومحاولة الرمي المتبادل لقشرة الموز  بين الأطراف الحزبية.

لكن الأهم هنا أن هذه المكونات الحكومية يجب أن تجد طريقة لحل مشاكلها غير هذا اللعب (الباسل) والمفتقد لحس المسؤولية الوطنية.

وعلاوة على هذا المستوى العلائقي والتواصلي، يبقى أن ما يهم بلادنا وشعبنا هو مضمون النص وعمقه، وليس ما إذا كان نهائيًا أو مشروعا أو مسودة.

وحتى أثناء مجلس الحكومة ليوم 19 مارس الماضي، نتذكر أن هذه النقطة، وبحسب ما كتب حينها، كانت قد أضيفت إلى جدول الأعمال  في آخر لحظة، وكل الحكاية التي تلت ذلك إلى اليوم تبين أنه لا يمكن أن نمارس اليوم التشريع  بهذه العقلية الغريبة، وبالتالي، من دون أي انفتاح على المجتمع أو إشراك للفاعلين المعنيين، كما أنه من غير المقبول استغلال ظرفيات صعبة في المجتمع، أو الركوب على أحكام حالة الطوارئ الصحية لتمرير مثل هذه التشريعات.

يمكن لبلادنا أن تهتم بالتشريع لقضايا تتعلق مثلا بالجريمة الإلكترونية أو بمختلف العوالم ذات الصلة بذلك، ولا شك أن هذا مطروح على بلادنا، ولكن الوقت ليس الوقت، والطريقة أيضًا ليست جدية.

إن التفكير في التأطير القانوني لمثل هذه الميادين يقتضي فتح مشاورات واسعة، والإنصات إلى الآراء التقنية والحقوقية والمهنية والسياسية بهذا الخصوص، وأيضا الاطلاع على ما يجري في العالم بهذا الخصوص، والاستفادة من مناقشات واجتهادات في عدد من المحافل الحقوقية والإعلامية العالمية، مع التنبيه كذلك إلى أن مثل هذه المواضيع تبقى مستجدة، والمناقشات بشأنها هي أيضا في البداية، وتتطلب الكثير من التأني والاطلاع.

ولكل هذا، فإن التسرع برمي هكذا نص وعرضه على مسطرة المصادقة خلال ظروف حالة الطوارئ الصحية، ليس فيه ما يجسد حسن نية إطلاقا.

إن الدفع اليوم بكون النص لا زال لدى لجنة تقنية وزارية تعمل عليه، وإن كانت الحكومة، على كل حال، لم تصرح بهذا الكلام رسميا للمغاربة لحد الآن، أو القول بأن الأمر يتعلق بمسودة أو ما شابه ذلك، ليس جوابًا كافيًا، ولكن عمق الحديث هو مقتضيات واسعة في النص المسرب هي بكل بساطة مناهضة للحريات، ويجب حذفها.

بقي أن نشير  إلى كون عدد من النصوص والآليات تهم ميادين وقطاعات مختلفة، بما في ذلك قضايا حقوقية وإعلامية، لا زالت متراكمة لدى الحكومة تنتظر الخروج والمصادقة والتفعيل، وبما في ذلك ما يتعلق بمؤسسات ومجالس لو تم دعم عملها ومجالات تدخلها، لتوفرت اليوم أجوبة لعدد من الإشكالات والمخاوف بما في ذلك في ميدان العوالم الإلكترونية، لكن عوض الانكباب على إخراج هذه النصوص، تتم مواجهتها بالكثير من التلكؤ والبيروقراطية، ونفاجأ حاليا بمثل هذه”لبسالة” المحيطة اليوم بقانون20-22.

إذن، إذا كان النص المسرب ليس نهائيًا ولا حتى مشروعا، فلتصرح الحكومة رسميًا بذلك وتخبر المغاربة؟ 

أما إذا كان نهائيًا، ومضمونه لن يعرف أي تغيير، فهذا يفرض المطالبة بسحب النص بكامله وعدم إيداعه من أصله لكونه يستهدف الحريات ويلغي كل ما راكمه شعبنا من مكتسبات.

أما اللعب الصبياني الذي أحاط بواقعة هذا النص، ورفض الحكومة تقديم أي توضيح للمغاربة بهذا الخصوص، وكل هذه اللاسياسة التي تطايرت برغم ما يحياه المجتمع من محنة، فهذا يبعث فعلا على الأسف، ويجعلنا نأمل لبلدنا الحفظ والسلامة من هكذا عقليات تهوى لعب الصغار، ولا تريد أن تكبر، أو أن تتعلم السياسة ومنطق المسؤولية.

محتات الرقاص

الوسوم ,

Related posts

Top