على إثر الزلزال مدمر الذي هز تركيا وسوريا الشهر الماضي، والذي تلاه ما يزيد عن 4000 هزة ارتدادية، وهزات أخرى كانت أعنف، تعود بين الفينة والأخرى مجموعة من السيناريوهات التي تقض مضجع الناس حول ماهية هذه الكوارث وطبيعتها وكيف تحول حياة الناس بين ليلة وضحاها.على إثر الزلزال مدمر الذي هز تركيا وسوريا الشهر الماضي، والذي تلاه ما يزيد عن 4000 هزة ارتدادية، وهزات أخرى كانت أعنف، تعود بين الفينة والأخرى مجموعة من السيناريوهات التي تقض مضجع الناس حول ماهية هذه الكوارث وطبيعتها وكيف تحول حياة الناس بين ليلة وضحاها.وخلال الأشهر القليلة الماضية فقط ضربت عدد من الهزات الأرضية دولا متعددة، وسجلت دول أخرى فيضانات وسيول جارفة، وأدت هذه الكوارث في مجملها لوفاة الآلاف من الناس والتأثير بشكل مباشر أو غير مباشر على الملايين بدول مختلفة.بيان اليوم ومن خلال هذه النافذة الرمضانية، تعيد شريط مجموعة من الأحداث التي عرفتها دول مختلفة، وضمنها بلادنا المغرب، حيث هزت، بين ليلة وضحاها، كوارث طبيعية شعور الناس وشدت الانتباه إليها وخلقت حالة من التحول في مسار الملايين.
زلزال كشمير المدمر.. أزيد من 87 ألف قتيل و3 ملايين مشرد
عاشت باكستان عام 2005، واحدة من أسوأ الكوارث في تاريخها، بعد زلزال مدمر أدى إلى مقتل عشرات الآلآف وإصابة الآلاف الآخرين وتشرد الملايين من الناس جراء توابع الزلزال وحجم الدمار الذي أحدثه بالبلاد.
ولم يكن الزلزال الأول الذي يضرب هذه البلاد، بل كانت باكستان دائما على موعد مع كوارث طبيعية تدخل البلاد في دوامة من الخسائر البشرية والمادية التي تقدر بملايين الدولار.
ومن ضمن هذه الكوارث، الزلزال الذي ضرب البلاد في 31 ماي 1935، حيث بلغت قوته 7.5 درجات على مقياس ريشتر ومركزه منطقة كويتا التي تعد الآن الجزء الغربي من باكستان، وأدى حينها إلى مقتل ما بين 30 و60 ألفا، ثم في 28 ديسمبر 1974 ضرب زلزال عنيف 9 بلدات بالجبال الشمالية الباكستانية وخلف وراءه 5300 قتيل.
وفي فاتح فبراير 1991 أدى زلزال بقوة 8.6 درجة إلى مقتل 1500 شخص في باكستان وأفغانستان، ثم بعدها بـ 11 سنة ستكرر الكارثة مرة أخرى، بعد زلزال ضرب وسط البلاد في الثالث من مارس من سنة 2002، حيث هز زلزال قوي وسط باكستان وشمالها وتسبب في إشاعة حالة من الذعر بين السكان الذين نزلوا من مباني العاصمة إسلام آباد ومناطق أخرى. وأدى الزلزال الذي بلغت قوته 6.5 درجات إلى هز مدينة بيشاور القريبة ولاهور عاصمة إقليم البنجاب إضافة إلى مدينة مولتان جنوبي الإقليم. كما ضرب الزلزال العاصمة الأفغانية كابل أيضا ووصلت آثاره إلى العاصمة الهندية وكشمير.
بعدها بحوالي 8 أشهر، وفي أكتوبر 2002 شهدت باكستان زلزالا أسفر عن سقوط 12 قتيلا وتشريد ألفي شخص، ثم بعدها بشهر واحد (نونبر) فقط ضرب زلزال وتوابعه من الهزات الأرضية المستمرة المناطق الجبلية شمالي باكستان مخلفا 23 قتيلا وشرد 15 ألف شخص وتركهم بلا مأوى في ظل أحوال جوية سيئة.
في 25 ديسمبر 2002، أي بعد شهر ونصف من الزلزال الأخير، أيضا، شعر سكان مناطق قرب مدينة لاهور الشرقية بتوابع الزلزال القوية التي ضربت مناطق في شمال أفغانستان وكانت قوتها 5.3 درجات على مقياس ريشتر لكنها لم تسبب أية خسائر في باكستان.
في 14 فبراير 2004 قتل 20 شخصا وأصيب العديد بجروح في الهزة الأرضية التي ضربت شمال باكستان وبلغت قوتها 5.7 درجات على مقياس ريشتر، ثم في 26 ديسمبر من نفس السنة قتل مئات الآلاف من الأشخاص فى جميع أنحاء آسيا عندما أثار زلزال بلغت قوته 9.2 درجات عواصف بحرية في جميع أنحاء المنطقة، وهو زلزال سومطرة بإندونيسيا الذي تحدثنا عنه في حلقة سابقة.
ويبقى زلزال 2005، إحدى الكوارث الفاصلة في تاريخ باكستان بالنظر لحجم الدمار الذي خلفه بالبلاد وكذا عدد القتلى الذي تم إحصاءه نتيجة هذه الكارثة.
تفاصيل الزلزال تعود لصباح 8 أكتوبر 2005، على تمام الساعة الثامنة وخمسون دقيقة بالتوقيت المحلي، حيث أن الساكنة التي كان بعضها قد استيقظ ويستعد لبداية يومه والبعض الآخر بدأ دوامه أو دراسته لم تكن تدري كيف سيتحول ذلك اليوم من يوم عادي إلى يوم مشهود في تاريخ البلاد.
في تمام الساعة الثامنة وخمسون دقيقة سيضرب زلزال عنيف إقليم آزاد بكشمير شمال باكستان، والذي وصلت حدته إلى 7.8 درجة على سلم ريشتر، فيما تم تسجيل ارتداه بكل من أفغانستان والهند.
وجد الآلاف أنفسهم بعد لحظات قليلة أنفسهم تحت الأنقاض والركام يصارعون الموت، كان الصراخ والأنين والخوف والهلع يسيطر على المنطقة، فيما تأخرت جهود الإنقاذ بشكل كبير.
حسب مجموعة من التقارير، فإن تحرك الحكومة الباكستانية كان متباطئا للغاية، حيث مرت الساعات بدون الشروع في التدخل من أجل الإنقاذ والإغاثة، ومرد ذلك، حسب ذات التقارير هو افتقار الحكومة للخبرة ولفرق الإنقاذ والمعدات لمواجهة مثل هذه الكوارث، خصوصا وأنها حظرت في السنوات السابقة للكارثة منظمات الإغاثة الإسلامية والعربية والتي كانت تعمل في كشمير وأفغانستان انطلاقا من أراضيها.
لمواجهة الكارثة، لجأت باكستان إلى الدعم الدولي، حيث بدأت المعونات الدولية تتدفق ببطء إلى باكستان للمساعدة في إغاثة منكوبي الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة، في وقت بدأ يتكشف فيه حجم الكارثة الإنسانية المأساوية وسط توقعات بارتفاع عدد القتلى الذين تجاوزوا 30 ألفا في الساعات الأولى فقط للكارثة.
وهكذا استقبلت باكستان طائرتي مساعدات تركيتين وفريقا طبيا وصلوا إلى العاصمة الباكستانية، فيما وصل فريق إنقاذ بريطاني وباشر عمله على الفور في إسلام آباد، فيما كانت البلاد في انتظار فرق الإنقاذ والإغاثة الدولية قادمة من الولايات المتحدة الأميركية واليابان وبلدان أخرى، فضلا عن فريق طوارئ من الأمم المتحدة.
بدورها، باشرت السعودية والإمارات وقطر إرسال مساعدات إنسانية عاجلة إلى المناطق المنكوبة في باكستان، وذلك لدعم جهود باكستان للخروج من هذه الكارثة الإنسانية التي ضربت البلاد.
توصلت باكستان من منظمة الصليب الأحمر الدولي ومقره جنيف بـ 200 ألف فرنك سويسري (نحو 157 ألف دولار) كمساعدة فورية لإسلام آباد، بالإضافة إلى تقديم مساعدات ميدانية بناء على طلب مساعدة من السلطات الباكستانية.
وبدورها شرعت أستراليا في تقديم مساعدات طبية وإغاثية عاجلة بقيمة 387 ألف دولار وبلدان اخرى متعددة قدمت مساعدات ميدانية ومساعدات إنسانية لمنكوبي الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد.
وهكذا في حصيلة كشفت عنها السلطات خلف هذا الزلزال المدمر، مقتل ما لا يقل عن 87 ألف شخص، وأدى إلى إصابة أكثر من 138 ألفا، وألحق أضرارا جسيمة في باكستان والهند، كما أدى إلى تشريد ما يزيد عن 3 ملايين من الباكستانيين الذين بقوا بدون مأوى نتيجة انهيار منازلهم.
وكان الضرر الأكبر الذي تم تسجيله بسبب الزلزال وتوابعه في منطقة مظفر أباد في باكستان حيث دمرت قرى بأكملها، بالإضافة إلى ذلك، مات ما يقرب من 250 ألف من حيوانات المزارع بسبب انهيار الحظائر الحجرية، مع حاجة أكثر من 500 ألف حيوان كبير لمأوى فوري بسبب الشتاء القاسي.
< إعداد: محمد توفيق أمزيان