منتدى مراكش

أتاح المنتدى الإعلامي الخاص بالقارة الإفريقية الذي تحتضنه مراكش، فرصة لمناقشات جدية وعميقة بين المشاركين حول معضلات وهموم القارة، وأيضا حول تطلعاتها وإمكاناتها التنموية والطبيعية والبشرية والاستثمارية، أي أن المحفل، الذي استقبل مئات المدعوين وعشرات المتدخلين، لم يكن حائط مبكى لاستعراض السلبيات وحدها أو بث الشكاوى واللواعج، وإنما قدمت خلاله قصص نجاح في الإعلام وفي غيره، وجرى استعراض ممكنات الانطلاقة التنموية.
المنتدى تحدث لإفريقيا وعنها ومن أجلها، ويتطلع أن يكون موعدا سنويا للمتابعة والتقييم ولاستشراف مداخل جديدة للتقدم والنجاح.
في منتدى مراكش، المنظم من لدن وزارة الاتصال ومنظمة التعاون الإسلامي، تحدث الكثيرون عن التوجه الإفريقي للمغرب ومبادراته التضامنية والتنموية والاستثمارية العديدة في بلدان إِفريقية مختلفة، كما جرى الكلام عن مشاريع الشركات المغربية داخل القارة، واستحضر الجميع وضوح النظر والتوجه لدى جلالة الملك بحثه المستمر على أن يستعيد الأفارقة ثقتهم في ذاتهم، وأن تعزز إفريقيا التعاون البيني على صعيد بلدانها أولا، ثم بينها وبين بقية العالم، في إطار شراكة ناجعة ومنتجة ورابحة وليس ضمن أي مقاربة إحسانية.
المهم في معظم ما قدم خلال المنتدى من مداخلات هو بالذات بروز إحساس بالندية وسط الفاعلين الإعلاميين والاقتصاديين الأفارقة، وتنامي الوعي بأهمية التعاون والتكامل وسط القارة وبين دولها قبل التفكير في الاعتماد على أوربا وأمريكا والصين وروسيا وغيرها.
وبالنسبة للمملكة، فإن منتدى مراكش أتاح أولا حضور عشرات الصحفيين ومسؤولي مؤسسات إعلامية من بلدان إفريقية عديدة، وهذا كان ينبغي استثماره بشكل أكبر من طرف وزارة الخارجية أيضا وعبر برمجة موازية لها صلة بقضايانا السياسية والاستراتيجية الوطنية وعلاقات بلادنا بالقارة ودولها ومعادلاتها المعقدة، ولكن على الأقل التقييم الإيجابي لعدد منهم بخصوص الحضور الأفريقي للمغرب وأدواره الإنسانية والاقتصادية في القارة، يحفز على أهمية تطوير انفتاحنا الدبلوماسي على وسائل الإعلام الإفريقية، وأيضا الاستفادة منها واستثمار بعض نجاحاتها.
منتدى مراكش ذكرنا كذلك بآلاف الأفارقة الذين يقيمون بيننا، وخصوصا الطلبة، حيث أن تحسين العلاقة معهم، وإشعاع قيم التواصل والاحترام تجاههم، ومحاربة كل سلوكات الكراهية والتنقيص والميز في حقهم، من شأنه أن يخلف مشاعر إيجابية لديهم عن بلادنا وشعبنا، ومن ثم تمتين دور المغرب وحضوره في إفريقيا من خلالهم كذلك.
المنتدى فتح بالفعل تفكيرنا الجماعي على كثير أشياء لها علاقة ببلادنا وعملها الديبلوماسي والإعلامي والاقتصادي في إفريقيا، كما حذّر الدول والنخب الإفريقية جميعها من الإفراط في الكلام والتشخيص بدون الانتقال الفعلي إلى العمل وتفعيل الخلاصات والتوصيات على أرض الواقع، وانطلاقا من هذا يمكن اعتبار التظاهرة ناجحة حقا.
[email protected]

Top