أعلن طلبة شعبة الطب عن عزمهم مواصلة الإضراب ومقاطعة الدروس إلى حين تسوية وضعيتهم والاستجابة لملفهم المطلبي، ليتواصل بذلك مسلسل التصعيد، ويحقق إضراب طلبة الطب أرقامًا قياسية بأزيد من 300 يوم إضراب، الذي يعد أطول إضراب طلابي بالمغرب.
ويأتي هذا الإعلان مزامنة مع عرض 28 طالبًا من شعبة الطب يومه الأربعاء على وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، في أول جلسة محاكمة، بعد متابعتهم في حالة سراح منذ شتنبر الماضي على خلفية مشاركتهم في معتصم واحتجاج بكلية الطب محمد الخامس بالرباط.
وقالت اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة بالمغرب إن الحكومة المغربية حطمت أرقامًا قياسية بأزيد من 300 يوم إضراب طلبة الطب بالمغرب، وهو أطول إضراب طلابي عبر التاريخ، معتبرة أن الأمر “سابقة بيداغوجية”.
وأوضحت اللجنة في بلاغ لها أن هذه السابقة البيداغوجية تتمثل في قيام سنتين جامعيتين في نفس السنة، بتنظيم 4 دورات لكل أسدس من السنة الفارطة بالموازاة مع الدروس النظرية والتطبيقية للسنة الجديدة.
وبعدما أكدت على مؤازرة الطلبة الذين سيعرضون على أولى جلسات المحاكمة بقصر العدالة بالرباط يومه الأربعاء، شددت لجنة طلبة الطب على الاستمرار في المسلسل النضالي الذي قالت إنه تجاوز كل التوقعات ببلوغه الشهر العاشر على التوالي من المقاطعة المفتوحة لجميع الأنشطة البيداغوجية من دروس نظرية وامتحانات وتداريب استشفائية، “مقاومًا بذلك كل محاولات شق صفوف الطلبة وضرب وحدة قرارهم ومصيرهم وإن تباينت وجهات النظر والرؤى”، وفق تعبيرها.
وزادت اللجنة أن “المراهنة على إضعاف صفوف الطلبة رهان قد أبان عن فشله في أي مناسبة، ففي أشد لحظات اختلاف آراء الطلبة وتضاربها اجتمع قرارهم على قلب رجل واحد، محققين بذلك مقاطعة ناجحة للامتحانات بنسب جد عالية فاقت 90 بالمئة”.
ونوهت اللجنة بمقاطعة جميع الامتحانات الاستثنائية التي أعلنت الوزارة عن برمجتها في تواريخ مختلفة بين شتنبر وأكتوبر الجاري، لافتة إلى أنه “تعذر عليها إحصاء عدد دورات الامتحان المنظمة عشوائيًا نظرًا لكثرتها وتعدد تسمياتها”، حسب تعبيرها. مردفة أن مقاطعة هذه الدورات “رسالة أننا أمام جيل استثنائي تشبع بقيم الديمقراطية والرأي الحر حتى بات يرى في كل اختلاف فرصة لإغناء النقاش وتوسيع المدارك، فلا خطر على جسم طلابي يضرب به المثل في الوحدة والصمود”.
وحول المقترحات التي تقدمت بها وزارة التعليم العالي لإنهاء الأزمة، أوضحت لجنة طلبة الطب أنه تم عرض المقترح الوزاري-الحكومي الذي وصفته بـ “الممعن” في التراجعات، خصوصًا بالمقارنة مع ما قدم في شهر يونيو من طرف الحكومة، معتبرة ذلك إمعانًا في إذلال الطلبة أو في احتقار مطالبهم أو الاستهانة بنضاليتهم أو التعويل على تقسيمهم.
وكشفت اللجنة أن نسبة الطلبة الذين صوتوا لرفض المقترح الذي تم التوصل به عن طريق مؤسسة الوسيط للمرة الثانية تجاوزت 81.4 بالمئة، مشيرة إلى أن هذا الرفض تأكيد أن طول أمد الأزمة “لا يفتِر من عزيمة الطلبة، بل يزيدهم إيمانًا بمشروعية مطالبهم، وأن الحل الوحيد والأوحد لأزمة عمرت مليًا هو التعاطي الجاد والمسؤول مع أسئلة الطلبة المشروعة بعيدًا عن الحلول الترقيعية التي فيها تعميق لأصول المشكل لا حل له”.
إلى ذلك، أوضحت اللجنة أن رفض الطلبة للمقترح لا يمنع من تثمين مجهودات مؤسسة وسيط المملكة، مجددة التشبث بدورها وبوساطتها في الملف كوساطة جادة ومسؤولة من شأنها الدفع بملف “قابله التهميش كثيرًا ليرى النور”.
في هذا الصدد، دعت اللجنة مؤسسة وسيط المملكة إلى تحمل مسؤوليتها وتبيان موقفها للرأي العام الوطني بخصوص “عبثية” تعاطي الحكومة والوزارة مع هذا الملف، وكذلك الوقوف على الالتزام بما جاء في محضر التسوية الخاص بشعبة الصيدلة، خصوصًا ما يتعلق بنقطة رفع العقوبات التأديبية، حيث كشفت اللجنة أن الطالبة ممثلة شعبة الصيدلة ما تزال تعاني مع عمادة الكلية ورئاسة الجامعة، كون حسابها الأكاديمي بموقع الجامعة لا يزال محذوفًا بعدما كانت موقوفة.
كما حذرت اللجنة المذكورة من كل تدخل يرمي إلى نسف الجهود المشتركة والعودة بالملف إلى نقطة الصفر من طرف أي جهة كانت. حيث جدد طلبة الطب إعلانهم، عبر اللجنة، بمواصلة المسلسل النضالي وتجديد الثقة في مطالبهم “المشروعة والعادلة”.
وأعلن الطلبة تشبثهم بهيئاتهم وإطاراتهم التمثيلية، معتبرين أنها “المحصن الشرعي والوحيد لحقوق الطلبة الأطباء والصيادلة”، بالإضافة إلى إعلانهم الاستمرار في المقاطعة حتى تحقيق المطالب وتتويجها بمحضر موقع يلزم جميع الأطراف كما هو متعارف عليه، باعتبار الطلبة “شريكًا اجتماعيًا فعالًا”.
هذا، وشدد الطلبة على أن أي محاولة لإعادة برمجة الامتحانات دون الوقوف عند المشكل وحله ودون إشراك اللجنة الوطنية، تعتبر محاولة فاشلة لزعزعة الوحدة الطلابية وسيكون مصيرها كسابقاتها، في إشارة إلى المقاطعة التي شملت جميع الدورات الاستثنائية السابقة.
كما اعتبر الطلبة أن ما يتعلق برفع حل المجالس والمكاتب دون قيد أو شرط، والعقوبات الصادرة بحق ممثلي الطلبة، هي نقاط لا عودة، معربين عن تمسكهم بها.
إلى ذلك، يأتي هذا البلاغ من طلبة الطب ردا على وزير التعليم العالي الذي عرض معطيات بخصوص الأزمة خلال مروره، أول أمس الاثنين، بمجلس النواب في إطار الجلسة الأسبوعية المخصصة للأسئلة الشفهية.
وقال ميراوي أمام النواب إن الوزارة بذات مجهودات في الحوار، والذي تكلل بتسوية ملف طلبة شعبة الصيدلة، حيث عاد طلبة الشعبة إلى فصولهم وشاركوا في الامتحانات الاستثنائية التي جرت أكتوبر الجاري.
وأضاف المسؤول الحكومي أن مسلسل التسوية مع طلبة شعبة الطب ما زال مفتوحًا ومتواصلًا، مشيرًا إلى أن المتبقي في الملف يتعلق بأربع نقاط خلافية، وهي التي تتعلق بمدة التكوين، والعقوبات، وما يتعلق بحل مكاتب الطلبة، ثم برمجة الامتحانات.
ولفت الوزير المذكور إلى أنه على حدود دورة أكتوبر الجاري، عاد أزيد من 60 بالمئة من الطلبة إلى فصولهم وأجروا الامتحانات، مشيرًا إلى أن 41 بالمئة فقط ما زالت تقاطع الامتحانات والدروس من شعبة الطب.
< محمد توفيق أمزيان