خطورة قضايا التغير المناخي تستدعي منحها مساحة أكبر في الخطاب الإعلامي العربي

نظمت جمعية إنسان للبيئة والتنمية ببيروت بالتنسيق مع الشبكة العربية للبيئة والتنمية ندوة افتراضية حول “الإعلام البيئي وقضايا التغير المناخي”، وذلك يوم الاثنين 4 سيتمبر 2023، بالتعاون مع شبكة عمل المناخ-العالم العربي، حزب الخضر اللبناني والتجمع اللبناني للبيئة.

وتندرج هذه الندوة، التي تعد السابعة من نوعها، ضمن سلسلة من الحلقات النقاشية استعدادا لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين للاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن المناخ كوب 28، التي ستعقد في دبي من 30 نوفمبر لغاية 12 ديسمبر 2023.

 

 

وأفادت الأستاذة ماري تريز مرهج سيف، رئيسة جمعية إنسان للبيئة والتنمية ومنسقة “الجندر” في الشبكة العربية للبيئة والتنمية، في سياق مداخلتها الافتتاحية، أن الإعلام يلعب دورا محوريا في التعريف بقضايا التغير المناخي، وتعزيز مستويات الوعي لدى أفراد المجتمع، باعتباره حلقة الوصل ما بين المعلومات والدراسات والحقائق العلمية المرتبطة به من جهة، والمؤسسات والأفراد من جهة أخرى. كما يعد مفهوم «الإعلام البيئي» من المفاهيم التي طرأت خلال السنوات الماضية، خاصة مع تزايد الاهتمام العام بسبل مواجهة عوامل التغير المناخي، وتضاعف الجهود والمبادرات بشأنه، بالتزامن مع التوجهات العالمية نحو المحافظة على البيئة وإطلاق البرامج وعقد المؤتمرات التي تُعنى بشؤون الأرض.

وفي ضوء الاهتمام الواسع لقطاع الإعلام ووسائله بالتوعية بالبيئية ضمن محتواه الإعلامي، يناقش «الكونغرس العالمي للإعلام بدورته الثانية، خلال الفترة من 14 إلى 16 نوفمبر المقبل، ضمن عدد من محاوره الرئيسة، قضايا تتعلق بالإعلام البيئي والاستدامة، وذلك بالتزامن مع استضافة الإمارات لمؤتمر الأطراف «COP28» الذي يعد فرصة فريدة للإعلام للعب دور أكثر فعالية في تسليط الضوء على التجارب العالمية والحلول المبتكرة لهذا التحدي العالمي.

وأضافت أن وسائل الإعلام تقوم بصياغة الخطاب العام حول تغير المناخ وكيفية الاستجابة له. حتى أن لجنة الخبراء الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة حذرت بوضوح من هذا الأمر لأول مرة في أحدث سلسلة من تقاريرها التاريخية. وهذا يضع مسؤولية كبيرة على عاتق الشركات الإعلامية والصحفيين.

وقالت الأستاذة ميري أن التمثيل الإعلامي لعلوم المناخ زاد وأصبح أكثر دقة مع مرور الوقت، ولكن أدى انتشار المعلومات المضللة علميا من قبل الحركات المنظمة المضادة إلى تأجيج الاستقطاب، مما أدى إلى تداعيات سلبية على السياسة المناخية، كما يوضح خبراء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.

الإعلام البيئي في قلب مراحل إعداد الخطط والاستراتيجيات

وأكدت الأستاذة ماي الشافعي من الإذاعة مصرية خلال مداخلتها على على محورية الإعلام في نشر الوعي البيني، من حيث تمكنه من البث الواسع والانتشار وتنوع الوسائل من مقروءة ومسموعة ومرئية، مما يحدث تراكما معلوماتيا ومعرفيا ينمي الوعى ويحفز على تبنى المفاهيم والقضايا البيئية. ويقود نحو بناء أو تعديل الاتجاهات والسلوكيات في تلك القضايا ويصبح وسيلة للتعليم البيئي والتربية البيئية بما يكفل دورا متناميا واعيا للفرد والمجتمع من أجل حماية الحياة على كوكبنا ومجابهة التغيرات المناخية. مشيرة إلى تنامي المساحة المتاحة افي الإعلام العربي لقضايا البيئة شيئا فشينا، اتساقا مع الوضع البيئي العالمي وخاصة مع التطرف المناخي الذي يشهده العالم والحروب والصراعات وتدهور أوضاع الأمن الغذائي والطاقة. فضلا عن انعقاد العديد من المؤتمرات والفعاليات البينية الاقليمية والدولية في المنطقة العربية من قبيل قمة المناخ التي انعقدت العام الماضي في شرم الشيخ كوب 27. واستعداد الامارات لكوب 28 وبالطبع تتفاوت نوعية وكم هذه المساحة من مؤسسة إعلامية لأخرى.

وقالت الأستاذة ماي الشافعي أنه أحيانا يطغى الاهتمام بنقل الخبر على إدراك وإضافة بعض التفاصيل التي تساعد على فهمه فهما صحيحا من قبيل معنى الاقتصاد الأزرق موصية بإضافة شروحات كجملة واحدة في آخر الخبر عن معنى الاقتصاد الأزرق ستحدث فرقا لدى المتلقي، مشيرة إلى هيمنة الاهتمام بالتغطيات الخبرية على حساب الأشكال الأعلامية الأخرى، وافتقار الكثير من المعالجات الإعلامية البيئية لعمق التناول وشموليته مما يتطلب تبسيط الجانب العلمي. كما يستوجب ربط قضايا البيئة بحياة الفرد اليومية مع طرح البدائل المتاحة ثم ضرورة الاهتمام بقضايا صون الموارد الطبيعية وليس التلوث فقط.

ولكي يتوفق الإعلام فى دوره التوعوي البيئي، اقترحت المتحدثة نفسها عقد الشراكة التامة مع الإعلام وأن يكون الإعلام في قلب مراحل إعداد الخطط والاستراتيجيات. ووضع السياسات الخاصة بالبيئة والحد من مخاطر الكوارث والتغيرات المناخية والتنمية المستدامة. والتشبيك والتنسيق الكامل والمتواصل بين الإعلام والجهات المعنية قبل وبعد وأثناء وقوع الكوارث. ووضع خطط قصيرة وطويلة المدى للتحرك الإعلامي. ثم التدريب الجيد وبناء القدرات وتبادل الخبرات على أن يشمل التدريب برامج نظرية وعملية و توفير التمويل اللازم .

 الاعلام البيئي أداة مهمة وفعالة في مجال التوعية للأفراد والمجتمعات

ومن جهتها تناولت الأستاذة باتريسيا صوما في سياق مداخلتها، “دور “الإعلام الأخضر” – الإعلام البيئي، في التوعية على ظاهرة التغير المناخي وقضايا التنمية البيئية. مذكرة بكون ظاهرة التغير المناخي الناجمة عن الاحتباس الحراري، باتت تشكل اليوم أكبر التحديات التي تواجه دول العالم بسبب تداعياتها وتأثيراتها على البيئة، لذلك يجب على وسائل الإعلام كافة والمنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي أن تضطلع بدورها التوعوي في عالمنا العربي وتكون أكثر فاعلية وتأثيرا في تحفيز الوعي لخطورة تغير المناخ وانعكاساته على حياة البشر والتنوع البيولوجي. كما أن الإعلام البيئي أداة مهمة وفعالة في مجال التوعية للأفراد والمجتمعات. يعد مفهوم “الإعلام الأخضر” ظاهرة عالمية بدأت تعتمد كأساس توعوي على أهمية البيئة والحفاظ عليها في مختلف الدول، حيث يتمثل دور “الإعلام الأخضر” في تثقيف الرأي العام واطلاعه على أهمية القضايا البيئية، وتشجيع مشاركة المجتمع في التكيف مع تغير المناخ وحماية الاستدامة البيئية.

وأكدت الأستاذة باترسيا على أهمية التركيز في كل القمم المعنية بالتغير المناخي والظواهر البيئية المختلفة وفي كل الورش البيئية والمحاضرات المحلية والعربية والدولية، على دور وسائل الإعلام بمختلف أشكالها في التوعية على أهمية الاستدامة البيئية، وتحويل المناقشات والتوصيات إلى أفعال وتطبيقها بجدية، من خلال “نظام إعلامي أكثر خضرة”. وأبرزت أهمية الإعلام في تعزيز الوعي البيئي من خلال خلق مساحة من الوعي عبر الإضاءة على السياسات البيئية وتعزيز الحفاظ على البيئة من خلال التثقيف العام. موضحة أنه “واليوم بدأنا نشهد نهضة على صعيد “الإعلام الأخضر” من خلال التوعية على قضايا التنمية البيئية، عبر مواكبة المؤتمرات البيئية وورش العمل الخاصة بقضايا المناخ والبيئة المتنوعة، وتسليط الضوء على الأبحاث والدراسات التي تناقش القضايا البيئية وتضع حلولا وفق قواعد علمية، فيما يتعلق بالتغير المناخي والاحتباس الحراري وتلوث البحار والهواء”. وصياغة استراتيجيات وطنية إعلامية و ضرورة العمل على وضع استراتيجيات وطنية إعلامية في دولنا العربية لإشراك المواطن العربي بفاعلية في الحد والتكيف مع تغير المناخ وترشيد سلوكه، على نحو يحد من الممارسات السلبية التي تزيد من مضاعفة أضرار ظاهرة التغير المناخي. فالإعلام البيئي رسالة هدفها تنمية الوعي البيئي لدى الرأي العام من جهة، وصناع القرار من جهة ثانية. ولا تحظى ظاهرة التغير المناخي وتداعياتها  بالمساحة التي تستحقها في الخطاب الإعلامي العربي بالنظر إلى خطورتها، ومقارنة مع التغطية المخصصة للأخبار السياسية والاقتصادية والأمنية والرياضية والفنية.

ودعت الأستاذة باتريسيا إلى اعتماد أسلوب إعلامي مبسط يوضح تأثيرات تغير المناخ ويشرح المصطلحات العلمية بطريقة تكون بمتناول العامة من الناس، ووجوب التنويه بدور الجمعيات البيئية والشبكات العربية وسعيها الدؤوب للإضاءة على خطورة الظاهرة، من خلال ورش العمل البيئية وحلقات النقاش الافتراضية والحضورية وحملات التوعية، وإطلاق منصة إعلامية عربية متخصصة تقدم كل ما يتعلق بظاهرة التغير المناخي في المنطقة العربية وتكون مصدرا رئيسيا للمعلومات ومرجعا للباحثين أسوة بالمنصات الدولية، وأشارت إلى منصة “العمل المناخي” الصادرة بـ6 لغات ومنها العربية، ومنصة “شباب من أجل العمل المناخي” التي أطلقتها “اليونيسف” تحت شعار “رفع صوت الشباب لحماية مستقبل كوكبنا”، ذلك أن “الإعلام الأخضر” يلعب دورا تثقيفيا هاما، إذ لا يمكن تعزيز الممارسات المستدامة وتشجيع العمل الإيجابي تجاه الحفاظ على البيئة من دون مواكبة فعالة من قبل مختلف الوسائل الإعلامية من مرئية ومسموعة ومكتوبة والكترونية ومنصات رقمية ومواقع تواصل اجتماعي.

  • محمد التفراوتي
Top