بدأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان خلال الأسبوع الماضي النظر في شكوى رفعها ستة شباب برتغاليين يأخذون على 32 دولة “عدم تحركها” في مكافحة التغير المناخي ويريدون إرغامها على خفض انبعاثاتها من غازات الدفيئة.
وافتتحت الجلسة في الغرفة الكبرى التي تضم 17 قاضيا، رئيسة الهيئة الإيرلندية سيوفرا اوليري بعيد الساعة 09,15 بالتوقيت المحلي (الساعة 07.15 ت غ) في مقر المحكمة في ستراسبورغ.
وقالت أوليري “هذا الملف هو واحد من ثلاث قضايا” تتناول الاحترار المناخي تنظر بها المحكمة، ذاكرة الشكويين الأخريين اللتين تستهدفان فرنسا وسويسرا.
وحضر الجلسة أكثر من 80 محاميا وخبيرا قانونيا يمثلون الدول المعنية باستثناء روسيا. وحدهم مممثلو المملكة المتحدة وبلجيكا والبرتغال وهولندا وتركيا سيعرضون حججهم شفهيا فيما سيقدم البقية بيانات مكتوبة.
ويؤكد مقدمو الشكوى الستة الذين ترواح أعمارهم بين 11 و24 عاما أن “عدم التحرك على صعيد المناخ” له تداعيات على صحتهم وظروف عيشهم ما يشكل انتهاكا خصوصا “للحق في الحياة” و”حق احترام الخصوصية” الواردين في الاتفاقية الأوروبية للمحافظة على حقوق الإنسان.
وقال مارتيم دوارتي اوستينيو البالغ عشرين عاما والذي يحمل الملف اسمه “من دون تحرك عاجل لخفض الانبعاثات سيصبح المكان الذي أقيم فيه أتونا لا يحتمل”. وأضاف “يؤلمني أن أرى أن بإمكان الحكومات الأوروبية أن تقوم بالمزيد لمنع ذلك وتختار ألا تفعل”.
وباشر مع زملائه الإجراءات بعدما اختبروا الحرائق التي أتت على عشرات آلاف الهكتارات وحصدت أرواح أكثر من 100 قتيل في البرتغال العام 2017.
وتقول كاثرين هيغمان الباحثة في العلوم السياسة في كلية لندن سكول أوف إيكونوميكس إن شكواهم “قد تشكل تقدما حاسما على صعيد الخلافات المناخية. في حال نجاحهم في هذا المسعى على الحكومات أن تغير وجهتها وخفض انبعاثاتها بوتيرة أسرع لتظهر أنها تلتزم القرار”.
وينتظر أن يدافع عشرات المحامين وخبراء القانون عن مواقف الدول في وجه الشباب الستة الذي استعانوا بمنظمات غير حكومية وناشطين في المجال البيئي في دول أوروبية مختلفة.
ويقول جيرود اوكيون من منظمة البريطانية غير الحكومية “غلوبال ليغال اكشن نتوورك” التي تواكب المدعون الستة “إنها معركة غير متساوية. إنها قضية غير مسبوقة من حيث الحجم والتداعيات”.
لكن قبل أن تبت المحكمة في جوهر القضية، عليها أن تدرس أولا قبول الشكوى بموجب معايير صارمة ترفض بموجبها ملفات كثيرة سنويا. وفي إطار هذه الشكوى غير المسبوقة خصوصا من حيث عدد الدول المعنية، يتوقع أن تكون النقاشات محتدمة.
وتشترط المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عادة أن يكون مقدمو الشكوى استنفدوا كل الخيارات المتاحة لهم أمام القضاء في بلدانهم قبل اللجوء إليها. لكن في هذه الحالة توجه مقدمو الشكوى مباشرة إلى المحكمة الأوروبية إذ اعتبروا أن تقديم شكاوى منفصلة في كل من الدول المعنية سيشكل “عبئا كبيرا”.
وفي حال قبول الملف سيكون الحكم الذي يتوقع صدوره في 2024 على أقرب تقدير، موضع تفحص شديد إذ أن المحكمة لم يسبق أن أصدرت أي اجتهاد في مجال الاحترار المناخي.
وفي إطار مسعاهم هذا استقطب مقدمو الشكوى اهتمام مفوضة حقوق الإنسان في مجلس أوروبا دونيا مياتوفيتش التي وجهت ملاحظاتها إلى المحكمة.
ورأت أن على القضاة “توفير حماية ملموسة للأشخاص الذين يواجهون تداعيات التغير المناخي”، وستتولى الكلام خلال الجلسة لعرض حججها. ويتوقع أن يتولى الكلام أيضا مدير الدائرة القانونية في المفوضية الأوروبية.