نادي قضاة المغرب يحذر من المسّ بـ “الأمن المهني للقضاة”

عقد المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب صبيحة يوم السبت 16 دجنبر 2023، دورته العادية تحت شعار: “الأمن المهني للقضاة: ضمانة أساسية لتحصين استقلالية السلطة القضائية”، خصصها لتدارس مجموعة من المواضيع المستجدة في الساحة القضائية من بينها تقييم أشغال المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ونشر المقررات التأديبية، وممارسة الحق في الطعن، والأمن المهني للقضاة، ومراجعة الخريطة القضائية.
الأمني المهني للقضاة في مقدمة جدول الأعمال
احتلّ موضوع الأمن المهني للقضاة صدارة جدول أعمال المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب حيث سجّل قلقه نتيجة تدّني مستوى الشعور بـالأمن المهني لدى عموم القضاة، نتيجة التزايد المطرد في فتح مساطر تأديبية بسبب
أخطاء قضائية، يمكن تصحيحها عبر طرق الطعن القانونية، أو أمور لا تشكل إخلالا مهنيا، أو أخطاء مادية ناتجة عن ضغط العمل وكثرة القضايا، أو عدم مراعاة مبدأ التناسب بين الفعل والعقوبة، المنصوص عليه صراحة في مستهلّ المادة 99 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة.
وأكد نادي القضاة أن كل زعزعة لثقة القضاة في تدبير وضعياتهم المهنية من شأنه التأثير على اطمئنانهم بما قد يمسّ، بشكل غير مباشر، باستقلاليتهم واستقلالية السلطة القضائية التي يمثلونها. ولاحظ في هذا الشأن بأن إقدام عدد من القضاة على تقديم استقالاتهم هي نتيجةٌ مباشرة لتدنّي مستوى الشعور بـالأمن المهني لديهم، مؤكدا عزمه على إعداد وثيقة للمطالبة بتحصين الأمن المهني للقضاة وعرضها على أنظار المجلس الوطني في دورته المقبلة.
عدم تفعيل مسطرة التباري على مناصب المسؤولية رغم تبسيط إجراءاتها
في تقييمه لحصيلة أشغال المجلس الأعلى للسلطة القضائية، سجّل نادي قضاة المغرب استمرار المجلس في عدم احترام مسطرة التباري على مناصب المسؤولية القضائية، خصوصا فيما يتعلّق بالإعلان عن المناصب الشّاغرة، وتلقّي طلبات الترشّح من طرف القضاة، ضمانا لمبادئ تكافؤ الفرص والاستحقاق والكفاءة والشفافية والحياد والسعي نحو المناصفة.
ولاحظ، النادي في هذا الصّدد، وحسب الثابت من الجزء الثاني من نتائج أشغال المجلس برسم دورة يناير 2023، أنه بالرغم من تخفيف عبء المسطرة المنصوص عليها في المادة 71 أعلاه بعد تعديلها وتتميمها، عدم إعمال هذه المسطرة بالمرة، إذ تم اقتراح التعيين في بعض مهام المسؤولية القضائية، بالرغم من أنه لم يسبق الإعلان عن شغورها طبقا للمادة أعلاه، ولم تُقَدَّم طلبات الترشيح بخصوصها.
نشر المقررات التأديبية الصادرة في حق القضاة وتفعيل الحق في الطعن
سجّل نادي قضاة المغرب توقف المجلس عن نشر المقررات القضائية الصادرة عنه في المادة التأديبية في موقعه الرسمي بعد كل دورة، على خلاف ما تنص عليه المادة 60 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس، بحيث اقتصر النشر على 27 قرارا متاحا في الفضاء الخاصّ بالقضاة، نشرت في وقت سابق خلال شهر يناير 2022، من دون أن يتم تحيين الموقع بنشر المقررات التأديبية الجديدة، وهو ما قد يفهم كتراجع عن مطلب نشر كل المقررات التأديبية، دعما لقيم الشفافية والمصلحة العامة، ومن أجل إحاطة القضاة علما بالتوجهات السلوكية للمجلس.
من جهة أخرى، سجّل نادي القضاة التأخير في تبليغ القضاة نسخ القرارات التأديبية الخاصة بهم، وهو ما قد يؤثر سلبا على ممارسة حقهم في الطعن فيها طبقا للفصل 114 من الدستور، لا سيما وأن الأجل القانوني لذلك لا يتعدّى 30 يوما، معلنا عزمه تنظيم ورشة علمية لتقييم النظام القانوني للطعون في مقررات المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ودراسة ما إذا كانت الحاجة ماسة إلى إحداث مجلس للدولة.
وتجدر الإشارة الى أنه مند دخول قوانين السلطة القضائية الجديدة حيز التنفيذ، أصدرت الغرفة الإدارية بمحكمة النقض 18 قرارا من أصل 26 طعنا يتعلق بالوضعية الفردية للقضاة، قضت في 10 منها برفض الطلب، وفي 8 منها بعدم قبوله، بينما لم يتم البت بعد في باقي الطلبات، ومن المبادئ التي أقرتها المحكمة أن تحديد العقوبة من طرف المجلس الأعلى للقضاء يخضع لسلطته التقديرية.
غياب المقاربة التشاركية في مراجعة الخريطة القضائية
أبدى نادي القضاة استغرابه من منهجية وضع مشروع مرسوم الخريطة القضائية، الذي تمّت المصادقة عليه من قبل المجلس الحكومي تنزيلا لقانون التنظيم القضائي الجديد، والتي غُيِّبت عنها المقاربة التشاركية كمبدأ دستوري منصوص عليه في الفصل 12 من الدستور، خصوصا فيما يتعلق بإشراك الجمعيات المهنية للقضاة. واعتبر النّادي أن المشروع الجديد الذي قرّر وبشكل فجائي حذف محكمتين متخصصتين قد يؤثر، سلبا، على استقرار جملة من الأوضاع القانونية، وكذا على مبدأ تقريب القضاء المتخصص من المتقاضين المكرس في قانون التنظيم القضائي الجديد، خاصة وأن مشروع المرسوم الجديد لم يحدث أقساما متخصصة في القضاءين الإداري والتجاري في المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف المحذوفة.

Top