صدر مؤخرا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، كتاب “محمد عزيز الحبابي: الشخصاني والغدية”، وهو من إعداد وتقديم الجامعي المغربي كمال عبد اللطيف، وتأليف مجموعة من الأكاديميين المغاربة والتونسيين المهتمين بالدراسات الفلسفية، وغالبيتهم من طلبته القدامى من الجيل الأول الذي درس على يديه في الجامعة المغربية خلال الستينيات.
ويرصد المؤلف، الذي يقع على 192 صفحة من القطع الكبير، صفة الفيلسوف في شخصية المفكر المغربي الراحل محمد عزيز الحبابي، الذي ارتبط اسمه بمصطلح “الشخصانية” وتعني انتقال الفرد من “الكائن” إلى “الشخص” ثم إلى “الإنسان”، ومصطلح “الغدية”، التي لا تعني، على حد قول كمال عبد اللطيف “(المستقبلية) كما فهمها البعض، بل هي معالجة للنشاط الإنساني في بيئة معينة لاستخلاص عناصر تهم الإنسانية جمعاء”.
وتتجه البحوث الستة لهذا الكتاب، إلى الإحاطة بالآثار الفكرية التي خلفها محمد عزيز الحبابي، الشاعر، والروائي، والقاص، والاكاديمي، وتتضمن في مجملها تقديم أعماله والتعريف بها، ومناقشة جوانب من إشكالياتها من أجل إحاطة تهدف إلى بناء المحاور والتوجهات الفكرية الكبرى في مشروع الحبابي الفلسفي وتقديمها، و تمكين القارئ من التعرف على منجزاته الفكرية والآثار التي خلفها.
ويتضمن الفصل الأول، تحت عنوان ،”محمد عزيز الحبابي: مسار في الفكر والحياة” مساهمة في بناء السيرة الذاتية لمؤلف رواية جيل الظمأ (عام 1967)، إذ يحاول عبد الرزاق الدواي، أستاذ الفكر الفلسفي والاجتماعي المعاصر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة محمد الخامس، بالرباط، اعتمادا على نصوص الفيلسوف ومؤلفاته، إبراز الجوانب الأساسية في سيرة الحبابي الذاتية، من خلال مسيرته البحثية، ودوره في تأسيس الجامعة المغربية وبلورة نواتها الفلسفية الأولى.
وفي الفصل الثاني، يقف محمد الشيخ، أستاذ الفلسفة، بجامعة الحسن الثاني، كلية آداب، بالدار البيضاء، من خلال مفهوم “الشخصانية والغدية”، على أبرز المحاور الكبرى في فلسفة الحبابي، حيث عمل الباحث في محور أول على تقديم نقد الحبابي لأزمات الحداثة، وفي محور ثان يتركز الاهتمام حول الحرية والتحرر والحضارة في فكر الحبابي، إذ يحاول محمد الشيخ بلورة تصور الحبابي للوظيفة الفلسفية، مختتما بحثه بإبراز المنحى الديني للشخصانية الإسلامية.
أما الفصل الثالث، فيتضمن دراسة من إعداد الأكاديمي محمد مصطفى القباج، وهي بعنوان “الغدية هي الأصل: في النسق الفلسفي لمحمد عزيز الحبابي”، وفي هذه الدراسة يدافع عن فرضية مفادها أن “الغدية” هي النواة المركزية في النسق الفلسفي عند الحبابي، معتمدا في ذلك على متابعة مجمل إنتاجه ومختلف أدواره في الجامعة والمجتمع، ومحاولا توضيح هواجس الغدية في مؤلفاته المختلفة، ومنبها في الوقت نفسه على أن الطابع السياسي والمستقبلي للأفكار الواردة في فكر الحبابي تعود إلى الهواجس السياسية التي واكبت وعيه في صفوف الحركة الوطنية المغربية، وانخراطه المبكر في الإيمان بالمستقبل.
أما محمد المصباحي ،أستاذ الفلسفة في جامعة محمد الخامس بالرباط، فقد اهتم في الفصل الرابع من دراسته بشخصانية الحبابي من خلال مفهوم “الأفق”، محاولا فحص “جدلية الأفق في فكر الحبابي”، في محاولة تتيح للقراء معاينة كيفية بناء الحبابي لمفاهيمه وتصوراته.
ويتضمن الفصل الخامس دراسة لفتحي المسكيني (فيلسوف ومترجم تونسي) بعنوان “المساواة الشخصانية بين الرجل والمرأة عند الحبابي”، وقدم من خلالها تصور الحبابي للمساواة، متوقفا أمام القضايا التي أثارها في “الشخصانية الإسلامية” عند مقاربته موضوع العلاقة بين المرأة والرجل.
وفي الفصل السادس والأخير، يقدم عبد السلام بنعبد العالي (أستاذ الفلسفة في جامعة محمد الخامس بالرباط) في دراسته تحت عنوان “الشخصانية الإسلامية فلسفة أم علم كلام؟”، قراءة تركيبية في “شخصانية الحبابي”، محاولا قراءة بعض أبعاد هذا الإنتاج في سياق الفكر الإسلامي المعاصر.
محمد عزيز الحبابي: الشخصاني والغدية
الوسوم