الحاجة إلى وضع الأغنية المغربية العصرية على السكة الصحيحة

طال غياب العديد إن لم أقل جل المطربين والموسيقيين المغاربة الذي ينتمون إلى الجيل السابق، رغم استعدادهم لمزيد من العطاء والإبداع.
منهم من لم يعد يظهر لهم أي أثر، حتى في المحطات الإذاعية والتلفزية، رغم أن إنتاجهم الفني يتسم بالخلود إذا شئنا القول، بالنظر إلى قيمته الإبداعية على مختلف المستويات.
يمكن الجزم بأنه منذ أن تم تعطيل الجوق الوطني، ولجنة تحكيم الأداء الغنائي بمختلف فروعه، ساد نوع من الفوضى، أدى بالعديد من الفنانين الذين يحترمون أنفسهم للابتعاد عن الساحة الفنية، والركون للتأمل والصمت.إن هذا الاختيار هو بمثابة احتجاج على الوضع القائم. لقد صارت الإنتاجات الغنائية تبث على أمواج الإذاعة دون تقييم مسبق لها، وبالتالي من الطبيعي جدا أن تسود موجة من الغناء لا أساس لها ولا رأس ولا هوية تمت بصلة إلينا.
وعوض أن يبحث أصحاب هذه الموجة الغنائية عن السبل التي تجعل أعمالهم خالدة، من خلال اختيار النص الشعري العميق الدلالة والإبداع الموسيقي الخلاق، صاروا يطمحون إلى إنتاج ما يسمى بأغنية الموسم. تلك الأغنية التي تحظى بشهرة أكبر في ظرف زمني أقصر. في الغالب، لا تدوم هذه الأغنية سوى بضعة أسابيع، حيث تصبح مبتذلة، مثل أي شيء عادي يتم تكراره بدون مناسبة.
ولا شك أن التكنولوجية الرقمية ساعدت أصحاب هذا التصور الخاص بالإنتاج الغنائي في شق طريقهم بسهولة، حيث بات بإمكانهم أن يسجلوا الأغنية ويذيعوها في اليوم نفسه، إن لم أقل في اللحظة نفسها، دون مراجعة ولا تنقيح.
في الآونة الأخيرة، لاحظنا مبادرات لبعض الأسماء البارزة في مجال الأغنية العصرية المحترمة، وهم قلة على كل حال، أذكر منهم على الخصوص نعمان لحلو، والبشير عبدو.. لقد حاولا أن يعيدا لإنتاجنا الغنائي مجده بإمكانياتهما الفردية، من خلال حرصهما على أداء أغاني جديدة تراعي خصوصيات هذا الإبداع، من حيث الكلمة واللحن والأداء.
لكن يبدو أنه من الصعب مواجهة الفوضى التي تسود الساحة الغنائية ببلادنا، سيما إذا علمنا أن جيلا جديدا من المتلقين تربى لديهم ذوق رديء، على اعتبار أن أغلب الإنتاجات التي ظل يتلقاها منذ صغره، لا تخرج عن نطاق ما يسمى بأغاني الموسم، تلك الأغاني التي تموت في المهد، بالنظر إلى أنها لا تبنى على أساس احترام خصوصيات الفن الإبداعي.
هناك حاجة إلى وضع الأغنية المغربية العصرية على السكة الصحيحة، من خلال دعم الإنتاجات الراقية وتوفير الظروف الملائمة لنشرها وإذاعتها.

> عبد العالي بركات

Related posts

Top