الجديدة: 40 سنة سجنا نافذا لمتهمين بقتل شاب في عقده الثالث

قضت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئنافية بمدينة الجديدة، مؤخرا، بإدانة متهمين شابين في عقديهما الثالث، وحكمت على كل واحد منهما بـعشرين ( 20) سنة سجنا نافذا، بعد متابعتهما في حالة اعتقال من قبل قاضي التحقيق بنفس المحكمة، بجنايتي التسميم ثم الضرب والجرح بالسلاح المفضيين للموت دون نية إحداثه، حسب الفصلين رقم 403 و398 من القانون الجنائي المغربي .وبالرجوع إلى تفاصيل هذه القضية التي كانت قد هزت الرأي المحلي بجماعة خميس متوح الخاضعة لإقليم الجديدة، نجد أنها تعود إلى شهر يوليوز الماضي، حين توصلت عناصر الدرك الملكي بخميس متوح التابع للقيادة الجهوية لمدينة الجديدة، بخبر مفاده تعرض شخص لاعتداء مصحوب بتسمم، وأنه لفظ أنفسه الأخيرة بإحدى المصحات الخاصة بالجديدة، وعلى إثر ذلك، تم إشعار النيابة العامة المختصة وانتقلت عناصر الدرك الملكي إلى عين المكان وقامت بالتحريات اللازمة وفتحت محضرا قضائيا رسميا، يستفاد منه أنها توصلت بإشعار مفاده أن شخصا تم نقله إلى إحدى المصحات بالجديدة، نتيجة تعرضه لاعتداء، وأنه فارق الحياة قبل ولوج المصحة.
وتم فتح بحث في الموضوع، استهل بالاستماع إلى والد الضحية، الذي صرح أنه ليلة الواقعة وبعد عودته من وليمة كان قد حضرها بـالدوار، في حدود الساعة الواحدة والنصف ليلا، سمع صوتا خارج منزله، وعندما راح يتفقده الأمر، وجد ابنه الضحية في حالة يرثى لها، وهو يتمايل ذات اليمين والشمال، ويحاول جاهدا معانقته ويطلب منه السماح، وكان فمه يسيل منه لعابا غير عادي، مصحوبا برغوة و بمجرد أن عانقه وهو يطلب منه المسامحة، سقط مغميا عنه على الأرض، وأضاف والد الهالك، أنه صدم لوضعية ابنه خاصة وأنه لم يشرح له ما وقع، غير أنه شاهد آثار الضرب واضحة على مستوى ظهره ووجهه، فسارع إلى نقله لمصحة خاصة بمدينة الجديدة، لكن قوة الاعتداء وما تعرض له من نزيف دموي حاد ،عجلت بوفاته بمجرد ولوجه للمصحة.
وأضاف أن ابنه يشتغل بالضيعات الفلاحية بالمنطقة، وهي المنطقة التي اعتمدتها عناصر الضابطة القضائية من أجل الوصول إلى الجناة ،حيث واصلت البحث والتحري، تحت إشراف الوكيل العام للملك، وبعد مدة وجيزة وفرت عناصر الضابطة القضائية معلومات جد دقيقة تفيد أن شخصين بإحدى الضيعات الفلاحية المتخصصة في إنتاج فاكهة العنب، بمنطقة خميس متوح التي شهدت فصول هذه الجريمة، لهما علاقة بوفاة الهالك، وتمكنت عناصر الضابطة القضائية التابعة لسرية الدرك الملكي بخميس متوح، من تحديد هوية هذين المشتبه بهما، ومكان وجودهما، ومن تم إيقافهما واعتقالهما ،وتم فتح تحقيق معمق معهما، في محضر قضائي رسمي، استهل بالاستماع للمتهم الأول الذي صرح ، أنه حين كان يغط في نومه استيقظ على صراخ المتهم الثاني، وهو يصيح بوجود لص يمسك هاتفا محمولا، ويعتدي عليه بالضرب، فتوجه مسرعا حاملا سلكا كهربائيا، وضرب به الهالك، على مستوى مؤخرة رأسه، مؤكدا أن مرافقه استمر بدوره في تعنيف الهالك، رغم طلبه الكف عن ذلك.
وأضاف المتهم الأول، أن الضحية غادر المكان على متن دراجته النارية، وفي صبيحة اليوم الموالي، تناهى إلى علمهما خبر وفاته بإحدى المصحات الخاصة بمدينة الجديدة،، مؤكدا أنه حاول تبليغ عناصر الدرك الملكي عن هذه القضية، غير أن مرافقه حذره من ذلك وطلب منه كتمان الأمر، وبقيا على حالهما ينتظران ما ستسفر عنه الأيام المقبلة، إلى أن تم إلقاء القبض عليهما.
وخلال الاستماع للمتهم الثاني، صرح للمحققين بتصريح مخالف لما أفاد و صرح به المتهم الأول، حيث اتهم صديقه المتهم الأول، بأنه هو من بادر بالاعتداء على الضحية، وأن السبب الحقيقي أن المتهم الأول كان برفقة الضحية على متن دراجته النارية، وأن الضحية تحرش به، وهو الأمر الذي لم يتقبله المتهم الأول، وكرد فعل، بادر بالاعتداء عليه، مؤكدا أنه لم تكن لديهما نية قتل الضحية.
وبعد الانتهاء من الاستماع التمهيدي للمتهمين، وبتعليمات من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف، تم الاحتفاظ بالمتهمين تحت تدابير الحراسة النظرية، على أساس تقديمهما أمام أنظار قاضي التحقيق للاستماع التفصيلي . وخلال التحقيق مع المتهمين من طرف قاضي التحقيق قرر متابعتهما في حالة اعتقال، وحدد بداية أولى جلسات المحاكمة.
وقبل ذلك وتعميقا للبحث، أمر الوكيل العام، بإجراء تشريح طبي على جثة الهالك وكذا خبرة على عينات من دم وأحشاء الهالك، وكانت نتيجة هذه الخبرة أن الهالك تناول مادة سامة، وجاءت هذه النتيجة مطابقة لتصريحات والد الهالك، حين أفاد لعناصر الضابطة القضائية، في محضر رسمي، بأن ابنه الضحية، لما عاد إلى المنزل ،ليلة الاعتداء عليه، كان فمه يسيل لعابا غير عادي مصحوبة برغوة. وللتأكد من تعرض الضحية لتسمم، أمر الوكيل العام للملك لدى نفس المحكمة ،بإجراء خبرة ثانية والتي أكدت بأن وفاة الضحية جاءت نتيجة تناوله لمادة سامة، أما أثار العنف، التي كانت بادية على مستوى ظهره ووجه، لا علاقة لها بالوفاة.
وبعد عدة جلسات للمحاكمة، مصحوبة بمرافعات الدفاع ، في إطار المساعدة القضائية، قضت هيئة المحكمة الموقرة بإدانة المتهمين، وحكمت عليهما بعشرين سنة سجنا نافذا لكل واحد منها.

محمد الغوات

Top