فيضانات الجنوب الشرقي.. تعثر عجلة التنمية

فيضانات شتنبر تدمر الفلاحة في الجنوب الشرقي وتكشف هشاشة البنية التحتية

شهدت عدد من مناطق الجنوب الشرقي، خلال شتنبر الماضي، فيضانات مدمرة تسببت في خسائر جسيمة في القطاع الفلاحي، وكشفت بشكل واضح عن الهشاشة الكبيرة التي تعاني منها البنية التحتية في هذه المناطق.

وألحقت هذه الفيضانات، التي جاءت نتيجة للأمطار الغزيرة غير المسبوقة، أضرارا جسيمة بالسكان والاقتصاد المحلي، ما جعل العديد من المناطق في عزلة تامة عن باقي البلاد.

وقد حولت الأمطار الغزيرة التي تواصلت لأيام، حسب ما عاينه فريق جريدة بيان اليوم، في زيارته الميدانية لعدد من الأقاليم بالجنوب الشرقي (أقاليم ميدلت وتنغير وورزازات…)، الحقول والمزارع إلى مستنقعات، وأدت إلى تدمير المحاصيل وإغراق الأراضي بالأوحال، مما ترك الفلاحين في مواجهة مستقبل غامض، كما دمرت البنية الطرقية الهشة، التي تربط من جهة بين أقاليم الجنوب الشرقي ومن جهة أخرى بين هذه الأقاليم وباقي جهات المملكة.

الفلاحة تحت رحمة الكارثة الطبيعية

وكانت الفلاحة في الجنوب الشرقي، خاصة الأقاليم، التي زارتها بيان اليوم، في جولتها الميدانية خلال فترة الفيضانات، والتي (الفلاحة) تعد العمود الفقري للاقتصاد المحلي، من أكبر المتضررين.

تحولت آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية إلى وحل جاف، فيما أتلفت المحاصيل الزراعية التي كان يعول عليها لإنعاش الاقتصاد القروي، ليجد المزارعون الذين كانوا ينتظرون موسم حصاد واعدا، أنفسهم أمام مشهد كارثي؛ الأرض التي كانت مصدر قوتهم اليومي باتت غير صالحة للاستغلال.

دمار المحاصيل الزراعية من الذرة والقمح والتمور

وبهذا، أثرت الفيضانات بشكل مباشر على الأمن الغذائي في المنطقة، مع تضرر إنتاج المحاصيل الأساسية التي تعتمد عليها الأسواق المحلية. إضافة إلى ذلك، أُتلفت أنظمة الري التقليدية والبنيات الصغيرة المعتمدة لري الأراضي، ما سيزيد من صعوبة استعادة النشاط الزراعي في المستقبل القريب.

البنية التحتية… الحلق الأضعف

إلى جانب تدمير الفلاحة، أظهرت الفيضانات الأخيرة هشاشة البنية التحتية بشكل صارخ، حيث انهارت الطرق والجسور تحت ضغط السيول، مما أدى إلى عزل العديد من القرى والمناطق الريفية عن العالم الخارجي.

تعطلت حركة المرور لساعات طويلة، وأصبحت شبكات النقل الحيوية مشلولة، مما زاد من تعقيد الوضع بالجنوب الشرقي إبان الفيضانات.

وتعاني البنية التحتية الهشة في الجنوب الشرقي منذ سنوات من نقص في الاستثمار والتطوير، ما جعلها غير قادرة على مواجهة الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات؛ ومع كل كارثة طبيعية، تتفاقم معاناة السكان الذين يجدون أنفسهم في كل مرة أمام ذات المشهد: غياب البنية التحتية القادرة على التصدي للأزمات، مما يتركهم في عزلة تامة.

ورغم الجهود الحكومية المتكررة لتعزيز قدرات هذه المناطق، إلا أن التحديات التي تفرضها الظروف الطبيعية تبدو أكبر بكثير من التدابير الوقائية المتخذة.

تعاطي وزارة التجهيز والماء مع الكارثة..

أكدت وزارة التجهيز والماء، أنه فور إعلان المديرية العامة للأرصاد الجوية يوم الخميس 19 شتنبر 2024 عبر النشرة الإنذارية التي توقعت فيها تساقط أمطار رعدية غزيرة مصحوبة ببرد ورياح عاصفية من المستوى الأحمر بكل من أقاليم السمارة ﻭﺃﺳﺎ-ﺯﺍﻙ ومن المستوى البرتقالي بأقاليم ﻃﺎﻃﺎ ﻭﺯﺍﻛﻮﺭﺓ، ﻭﺗﺎﺭﻭﺩﺍﻧﺖ ﻭﻭﺭﺯﺍﺯﺍﺕ ﻭﺗﻨﻐﻴﺮ ﻭﺍﻟﺮﺷﻴﺪﻳﺔ ﻭﻓﻜﻴﻚ، قامت بالإجراءات اللازمة.

وأبرزت الوزارة، في تصريح خاص لجريدة بيان اليوم، أنها عممت كخطوة أولى بلاغ النشرة الإنذارية على جميع المديريات الإقليمية المعنية، مضيفة أنها فعلت مراكز القيادة على المستوى المركزي والجهوي والإقليمي.

وأضاف الوزارة في تصريحها لبيان اليوم، أنها نشرت البلاغ الذي يدعو مستخدمي الطرقات إلى توخي المزيد من اليقظة خلال هذه الفترة من سوء الأحوال الجوية، مؤكدة أنها قامت بتعبئة الموارد البشرية والمادية واللوجستيكية على مستوى الأقاليم المذكورة التي كان جميع الموظفين بها في حالة تأهب قصوى.

دمار المحاصيل الزراعية وتوحل الأراضي الفلاحية بسبب الفيضانات

وقد تكونت الفرق المسخرة من طرف الوزارة، حسب التصريح الخاص، من 210 موظفا مكونة من أطر وسائقي الآليات فضلا عن أسطول من107 آلية (جرافات وحفارات هيدروليكية وكاسحات وممهدات وشاحنات …) للتدخل قصد إعادة حركة السير على المقاطع الطرقية المحتمل أن تعرف انقطاعا جزئية أو كلية.

وكشفت الوزارة، أن الأمطار الاستثنائية الغزيرة التي شهدها المغرب في الفترة ما بين 19 و22 شتنبر 2024 تسببت في ارتفاع منسوب مياه الأودية والشعاب، موضحة أنه نتيجة لذلك، غمرت المياه 73 مقطعا من الطرق الوطنية والجهوية والإقليمية بكل من أقاليم طاطا وتارودانت وزاكورة وورزازات وتنغير والسمارة وأسا الزاك وفكيك وبولمان وميدلت وكرسيف وجرادة.

وأبرزت الوزارة، أن هذه الفيضانات، أدت إلى إلحاق أضرار كبيرة بالبنية التحتية الطرقية الوطنية، تمثلت في تراكم الأحجار والأتربة على بعض المقاطع الطرقية؛ تضرر ولوجيات بعض القناطر؛ تضرر بنيات الحماية لبعض منشآت العبور والمقاطع الطرقية؛ ثم انجراف حواف بعض المقاطع الطرقية.

وأكدت الوزارة ذاتها، أن التعبئة والجهود الحثيثة التي بذلتها فرق التدخل التابعة للوزارة، بالتنسيق مع السلطات المحلية، مكنت إلى حدود الساعة الحادية عشر صباحا من يوم الاثنين 30 شتنبر 2024 من إعادة فتح 69 مقطعا طرقيا من أصل 73 من الطرق التي قطعتها الفيضانات أمام حركة السير عبر تدخلات أولية باستعمال الإمكانات الذاتية للوزارة. فيما تتواصل جهود هذه الفرق من أجل إعادة حركة السير على جميع المقاطع الطرقية التي عرفت انقطاعا جزيا أو كليا في أقرب الأجال.

وأشارت الوزارة، إلى  أن المغرب قد عرف خلال الفترة الممتدة من 6 إلى 14 شتنبر 2024 أمطار قوية، تجاوزت مقاييسها في بعض الأحيان نصف المعدل السنوي خلال يومين، أدت إلى فيضانات الأودية والشعاب بكل من الجنوب والجنوب الشرقي وكذا شرق المملكة.

وضعية الطريق الوطنية رقم 12 أثناء التساقطات المطرية خلال شتنبر الماضي

وتسببت هذه الفيضانات، حسب المصدر عينه، في انقطاع حركة السير ب 69 مقطعا طرقيا بالمناطق المذكورة وأضرار كبيرة على مستوى بعض المناطق.

وشددت الوزارة على أن الفرق الجهوية والإقليمية للوزارة تعكف على إعداد الدراسات الخاصة بإعادة تأهيل المقاطع الطرقية المتضررة وكذا حاجياتها من الإعتمادات المالية الخاصة باستعادة مستوى الخدمة أو الرفع منه بالنقط الطرقية المتضررة.

إعادة تأهيل المناطق المتضررة

في سياق متصل، أفاد وزير التجهيز والماء، نزار بركة، يوم الاثنين 14 أكتوبر 2024، بمجلس النواب، أنه تم إعطاء انطلاقة صفقات تهم 71 مقطعا طرقيا و69 منشأة فنية، وذلك في إطار برنامج إعادة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات في الجنوب الشرقي الذي يبلغ غلافه المالي 2,5 مليار درهم.

وأضاف بركة، في معرض جوابه على سؤال شفوي حول تدابير معالجة آثار الفيضانات على البنية التحتية بالجنوب الشرقي للمملكة، أنه يجري الإعداد لصفقات أخرى ستنطلق الدراسات المتعلقة بها في سنة 2025 لاستكمال هذا البرنامج.

وأشار إلى أنه تم فتح 141 مقطعا طرقيا ومنشأة فنية في الأقاليم المتضررة من الفيضانات والسيول، مبرزا أن التوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس بإعادة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات “أعطتنا فرصة لتعزيز مجهوداتنا”.

وفي سياق متصل، أشار بركة إلى أن مناطق الجنوب الشرقي عرفت خلال شهر شتنبر تساقطات مطرية استثنائية تراوحت ما بين 50 إلى 250 مليمترا، لافتا إلى أن الأمطار التي هطلت في يوم واحد تجاوزت في بعض الأحيان المعدل السنوي، كما هو الشأن بالنسبة لطاطا المركز حيث تساقطت في يوم 21 شتنبر 92 مليمترا مقابل 59 مليمترا كمعدل سنوي.

وبحسب الوزير، تساقطت 70 مليمترا بتازارين بإقليم زاكورة مقارنة ب 112 ميليمترا كمعدل أمطار سنوية، “أي 7 أشهر من التساقطات في يوم واحد”، و47 مليمترا من الأمطار في ورززات.

ولفت إلى أن هذه التساقطات المطرية أدت إلى حمولات قياسية تجاوزت الحمولات التي تأتي كل ألف سنة، حيث فاقت 3238 متر مكعب في الثانية بتازارين بإقليم زاكورة، و2900 متر مكعب في الثانية بحوض كير بإقليم فكيك، و1943 متر مكعب بالثانية بحوض درعة السفلى بإقليم طاطا بفم زكيد.

ورغم الإجراءات الاستباقية التي تم اتخاذها بالتعاون مع مصالح الأرصاد الجوية والسلطات المحلية، يضيف الوزير، تسببت الفيضانات في قطع 141 نقطة طرقية و 53 مقطعا من الطرق الوطنية و 38 مقطعا من الطرق الجهوية و 50 مقطعا من الطرق الإقليمية، زيادة على انهيار أو تضرر 69 منشأة فنية، منها 4 قناطر بطاطا وميدلت وفكيك وجرادة، و47 منشأة مائية في المناطق الأخرى.

من جانب آخر، أكد بركة أن هذه التساقطات كان لها وقع إيجابي على حقينة السدود بالمناطق المعنية، حيث استقبلت هذه الأخيرة 780 مليون متر مكعب من المياه، وهو ما سيضمن تزويد هذه المناطق بمياه للشرب تكفي لأزيد من سنتين.

في الصدد ذاته، وتنفيذا للتعليمات الملكية السامية، أطلقت الحكومة برنامجا لإعادة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات في الجنوب الشرقي للمملكة، نتيجة التساقطات المطرية الغزيرة والاستثنائية، التي خلفت أضرارا بشرية ومادية، في أقاليم الرشيدية وميدلت وورزازات وتنغير وزاكورة وفجيج وجرادة وتارودانت وطاطا وتزنيت وكلميم ووأسا الزاك.

وتبلغ الميزانية التوقعية الإجمالية المرصودة لتنزيل هذا البرنامج حوالي 2.5 مليارات درهم، وفق بلاغ لرئاسة الحكومة.

وفي هذا الصدد، وتنفيذا للتوجيهات السامية للملك محمد السادس، عبأت الحكومة كافة الوسائل البشرية واللوجستية من أجل تقديم استجابة فعالة وسريعة للساكنة المتضررة، وجندت مختلف القطاعات الحكومية المعنية لضمان التنزيل السليم لهذا البرنامج الطموح.

وفق هذا البرنامج، سيتم العمل على تقديم الدعم وتوفير المواكبة لإعادة بناء وتأهيل المباني والمساكن المتضررة؛ وكذا إعادة تأهيل البنية التحتية الطرقية، وشبكات الاتصال والكهرباء والماء الصالح للشرب والتطهير.

“كما يروم البرنامج، أيضا، دعم الأنشطة الفلاحية بالمناطق المتضررة، لاسيما عبر استصلاح الدوائر السقوية الصغيرة والمتوسطة، وتقديم الدعم للكسابة الذين فقدوا مواشيهم جراء الفيضانات، من أجل إعادة تشكيل الثروة الحيوانية في هذه المناطق”، يورد بلاغ رئيس الحكومة.

وأشارت رئاسة الحكومة إلى أن إطلاق برنامج إعادة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات في الجنوب الشرقي للمملكة يكرس “روح الالتزام والمسؤولية التي تميز عمل الحكومة، والحرص على القرب من المواطنات والمواطنين وتلبية حاجياتهم”.

تنمية ضعيفة…

لم تقتصر الفيضانات الأخيرة في الجنوب الشرقي على كشف هشاشة البنية التحتية فقط، بل سلطت الضوء أيضا على ضعف التنمية الاقتصادية في المنطقة، والتي تعاني من غياب شبه تام للصناعة والاستثمارات الكبرى.

هذه الفيضانات كشفت عن الواقع المؤلم الذي يعيشه العديد الجنوب الشرقي بالمملكة، حيث يعتمد السكان بشكل رئيسي على الفلاحة التقليدية فقط، في ظل غياب البدائل الاقتصادية الأخرى.

بداية عملة الحرث بعد التساقطات المطرية التي جاءت بعد أزيد من 5 سنوات من الجفاف

الجنوب الشرقي، رغم ما يزخر به من إمكانيات طبيعية وسياحية، يعاني من نقص في الاستثمارات الصناعية التي يمكن أن تسهم في خلق فرص العمل وتنويع الاقتصاد المحلي.

غياب المصانع والمشاريع الاستثمارية يجعل الاقتصاد المحلي هشا ومعتمدا بشكل مفرط على القطاع الفلاحي، الذي أصبح عرضة لتقلبات المناخ بشكل متزايد. في ظل هذه الظروف، تكون المجتمعات المحلية أكثر ضعفا أمام الكوارث الطبيعية، إذ لا توجد بدائل اقتصادية تمكن السكان من الاستقرار المادي خلال الأزمات.

وسط الكارثة.. بارقة أمل

رغم حجم الأضرار التي تسببت فيها الفيضانات في الجنوب الشرقي للمغرب، لا يمكن إغفال أهمية الأمطار التي حملتها معها. هذه المنطقة كانت تعاني لسنوات طويلة من الجفاف وانخفاض منسوب الأودية والسدود، حيث تقلصت الموارد المائية بشكل كبير، ما أثر على النشاط الزراعي والبيئة المحلية بشكل عام.

في السياق التاريخي، يعرف الجنوب الشرقي بتقلبات مناخية حادة، حيث تعاني المنطقة من ندرة الأمطار لفترات طويلة، ما جعل الفلاحين يعتمدون بشكل أساسي على الأمطار الموسمية لتأمين مياه الري الضرورية.

الجفاف الذي ضرب المنطقة خلال السنوات الماضية أدى إلى تراجع منسوب الأودية والسدود، وشهدت المساحات الزراعية تدهورا ملحوظا. هذه الأمطار الأخيرة، رغم ما خلفته من خسائر مدمرة، ساهمت في إعادة إحياء الموارد المائية المتجددة في المنطقة.

منسوب الأودية التي كانت شبه جافة قد ارتفع بشكل ملحوظ، ما يعزز من قدرة الفلاحين على استئناف نشاطهم الزراعي بعد انحسار الفيضانات. كما ستسهم هذه المياه في تغذية الفرشات المائية، التي يعتمد عليها السكان المحليون في الأنشطة الزراعية والري اليومي.

بداية انتعاش سد تودغى بإقليم تنغير

السدود التي كانت تعاني من انخفاض حاد في مستوى المياه، قد امتلأت الآن من جديد، مما يضمن توفير مخزون مائي حيوي لمواجهة فترات الجفاف القادمة.

على الرغم من أن الأمطار المفاجئة والفيضانات جاءت بطريقة غير متوقعة وبشكل عنيف، إلا أن الماء في هذه المنطقة يعتبر مصدر حياة لا غنى عنه.

ويبقى التحدي الآن هو كيفية توظيف هذه النعمة بطريقة مستدامة، من خلال تحسين أنظمة الصرف والري، وتطوير البنية التحتية لحماية السكان من الكوارث، وضمان استغلال المياه بأفضل الطرق الممكنة لتحسين الإنتاج الزراعي على المدى الطويل.

الحاجة إلى استراتيجيات جديدة

دقت الفيضانات ناقوس الخطر مجددا حول ضرورة تحسين البنية التحتية في الجنوب الشرقي للمغرب، وهي منطقة تعاني منذ سنوات من نقص الاستثمارات في مشاريع التنمية الأساسية، إذ يجب على السلطات المحلية والوطنية تعزيز أنظمة الوقاية من الفيضانات، والاستثمار في بنية تحتية قادرة على تحمل الكوارث الطبيعية المتزايدة بسبب التغيرات المناخية.

في النهاية، لا يمكن اعتبار الفيضانات مجرد حدث عابر، بل هي اختبار حقيقي لقدرة المنطقة على الصمود أمام الأزمات، ومن دون اتخاذ خطوات حاسمة لتعزيز الفلاحة وحماية البنية التحتية، سيبقى الجنوب الشرقي عرضة لمزيد من الخسائر في المستقبل.

هذه الفيضانات تعيد طرح السؤال القديم الجديد حول مدى استعداد المغرب لمواجهة الكوارث الطبيعية، خصوصا في المناطق الهشة تنمويا مثل الجنوب الشرقي.

بالرغم من التحذيرات المتكررة حول التغيرات المناخية وتأثيراتها على المناطق الزراعية والبنية التحتية، يبدو أن التدابير الوقائية ما زالت غير كافية.

إن الظروف التي تعيشها هذه المناطق تستدعي استثمارات أكبر في تطوير البنية التحتية وتعزيز أنظمة الحماية من الفيضانات، كما تتطلب سياسات فلاحية تضمن استدامة الإنتاج الزراعي وتساعد المزارعين على تجاوز الأزمات المناخية.

إنها ليست فقط كارثة طبيعية، بل مؤشر على التحديات المتزايدة التي يواجهها المغرب في ظل التغيرات المناخية العالمية، والتعامل مع هذه التحديات يتطلب رؤية شاملة ومستدامة، تجمع بين تعزيز البنية التحتية ودعم الفلاحين للتكيف مع الظروف المناخية الصعبة.

غياب القناطر يقطع الطريق الوطنية رقم 12 خلال التساقطات المطرية

من جهة أخرى، فالكوارث الطبيعية مثل الفيضانات، التي تفاقم المعاناة الاقتصادية، تجعل الحاجة إلى الاستثمارات أكثر إلحاحا. إذا ما كانت هناك مشاريع صناعية قوية ومرافق إنتاجية قائمة، لكان بالإمكان الحد من تأثير هذه الكوارث على الحياة اليومية للسكان. فالمصانع تمثل مصدرا مستداما للتشغيل وتدر دخلا ثابتا يساعد في مواجهة الأزمات، كما أنها تسهم في تحسين البنية التحتية والخدمات المحلية بشكل غير مباشر.

هذه الفيضانات تأتي بمثابة دعوة صريحة لتحفيز الاستثمار في هذه المناطق المنسية من التنمية الاقتصادية. المطلوب ليس فقط تحسين البنية التحتية ودعم الفلاحين، بل أيضا خلق بيئة مشجعة على جذب المستثمرين والصناعات التي يمكن أن تغير من واقع الفقر والتهميش.

تطوير المناطق الصناعية، دعم المقاولات الصغيرة، وتحفيز السياحة يمكن أن يغير وجه الجنوب الشرقي، ويحصن اقتصاده أمام تقلبات المناخ والكوارث الطبيعية.

******

محمد قشا: الفيضانات أظهرت الحاجة للعناية بقطاعي الطرق والفلاحة وتنغير تعيش أزمة نخب

الزميل عبد الصمد ادنيدن يحاور محمد قشا عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية

قال محمد قشا، عضو اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية ورئيس جماعة بومالن دادس بإقليم تنغير وعضو بالمجلس الإقليمي لتنغير (عن المعارضة)، إن الأمطار التي عرفها إقليم تنغير خلال شتنبر الماضي، بالرغم من أهميتها، إلا أنها كانت غزيرة وقوية وتسببت في فيضانات خلفت مجموعة من الأضرار التي تهم أساسا البنية التحتية وجانب القطاع الفلاحي وبعض المنازل.

وأضاف قشا في حوار مع جريدة بيان اليوم، أن أضرار الأمطار تفاوتت من منطقة إلى أخرى، مبرزا أن هذه الأضرار تمثلت في تدمير مساحات شاسعة من المحاصيل الزراعية التي تخص الساكنة، خاصة بالنسبة للمناطق الجبلية التي عرفت نسب أمطار كبيرة، بالإضافة إلى أضرار تهم البنية التحتية ومنازل الساكنة.

وأردف قشا: “هذه الوضعية تساءلنا جميعا فيما يخص جودة أشغال البنية التحتية الطرقية بإقليم تنغير”، مشددا على أن “واقع الواحات هش، والمساحات المزروعة صغيرة وتهم الزراعة المعيشية، إلا أن المنطقة مؤخرا عرفت إحداث مزارع كبيرة على جنبات الواحة، الشيء الذي يستنزف الفرشة المائية، وقد تم التنبيه في أكثر من مناسبة لخطورة هذه الوضعية لكن ما يزال هذا العمل مستمر”.

وأبرز قشا، أن وزارة التجهيز على مستوى الإقليم، تبذل  مجهودا كبيرا في الجانب الطرقي، غير أن الخصاص على مستوى القناطر يسبب أحيانا العزلة وعرقلة السير لساعات وساعات بسبب الفيضانات، الأمر الذي لا يجب أن يكون في مغرب 2024.

واستطرد قشا: “أمام تقلص المساحات المزروعة وتوالي سنوات الجفاف وتراجع عائدات الجالية المحلية بالمهجر، وانطلاقا من أن السياحة في بدايتها، فالهجرة واقع لا يرتفع. لذلك فالإقليم في حاجة إلى الرفع من منسوب التنمية، والى إحداث وحدات صناعية تناسب الواحة”.

وهذا نص الحوار:

عاش إقليم تنغير إلى جانب الأقاليم الأخرى المجاورة على وقع الأمطار الغزيرة، وتسببت الفيضانات في خسائر مادية وبشرية؛ كمسؤول سياسي بالإقليم، كيف يمكنك أن تلخص لنا الوضع هنا بتنغير؟

بعد سنوات عديدة من الجفاف وشح المياه  الذي عرفه إقليم تنغير، والذي خلف أضرارا متعددة همت بالأساس نقص في مياه الشرب وإتلاف مجموعة من الأشجار المثمرة جراء الحرائق التي تعرفها مختلف واحات الإقليم من حين لآخر، استبشرنا خيرا بأمطار الخير الأخيرة التي عرفها الإقليم والتي جاءت في الوقت المناسب، أسوة بباقي أقاليم الجنوب الشرقي من المملكة السعيدة.

إلا أن هذه الأمطار بالرغم من أهميتها، كانت غزيرة وقوية وتسببت في فيضانات خلفت مجموعة من الأضرار التي تهم أساسا البنية التحتية وجانب القطاع الفلاحي وبعض المنازل. ولم تخلف ولله الحمد ضحايا في الأرواح على مستوى الإقليم.

وفي هذا السياق، نتقدم بالشكر الجزيل للسلطات المحلية بكل مستوياتها، وعلى رأسهم السيد عامل الإقليم الذي سخر كل الوسائل المتاحة من أجل إخبار الساكنة  بضرورة توخي الحيطة والحذر تحسبا لكل طارئ، خاصة وأن الأمر يتعلق  بنشرات إنذارية تنذر بأمطار عاصفية قوية، واغتنمها فرصة لأشكر السيد عامل الإقليم ومن خلاله كل السلطات المعنية والمنتخبة على تجندهم ووقوفهم إلى جانب المواطنين طيلة فترات تهاطل هذه الأمطار الغزيرة.

وتتفاوت أضرار هذه الأمطار من منطقة الى أخرى، حيث تتمثل هذه الأضرار  في تدمير مساحات شاسعة من المحاصيل الزراعية التي تخص الساكنة، خاصة بالنسبة للمناطق الجبلية التي عرفت نسب أمطار كبيرة، بالإضافة إلى أضرار تهم البنية التحتية ومنازل الساكنة.

فعلى مستوى الأودية الرئيسية بالإقليم، تسبب ارتفاع منسوب المياه في أضرار مست مزارع الساكنة وانهيار مجموعة من المنازل القريبة من الأودية بالإضافة إلى إتلاف مجموعة  السواقي والطرق والجسور المحدثة مؤخرا.

صحيح أن السلطات بكل مكوناتها تدخلت في الوقت المناسب لتقديم المساعدة للساكنة وحمايتها من هذه الفيضانات، لكن لا يمكن إغفال هذه الخسائر الكبيرة التي أنتجتها والتي مست بشكل كبير الساكنة، والتي في مسيس الحاجة في هذه الظروف إلى التفاتة خاصة ومجهودات كبيرة لتعود الحياة لحالتها الطبيعية، بالإضافة إلى إتلاف مجموعة من السواقي والطرق التي تم تشييدها مؤخرا، وهذه الوضعية تساءلنا جميعا فيما يخص جودة أشغال البنية التحتية الطرقية بإقليم تنغير.

ولا يعني هذا بأي شكل من الأشكال أن المجهودات التنموية بإقليم تنغير منعدمة، بل يمكن القول أن مجموعة من البرامج التنموية تم تنزيلها على أرض الواقع في مختلف المجالات وبمجموعة من القطاعات، لكن هذه الفيضانات قد أظهرت الجانب الذي يحتاج للمزيد من العناية خاصة القطاع الطرقي والفلاحي الذين تضررا بشكل كبير.

فكما تعلمون فغالبية ساكنة الإقليم  يعتمدون على الفلاحة المعيشية ويستفيدون من مزارعهم، وقد لحقها الضرر جراء السيول والأمطار الغزيرة التي شهدتها المنطقة، كما هو الشأن بالنسبة للطرق والجسور التي أتلفت والمنازل التي هدمت، لذلك نرجو أن تكون التفاتة خاصة لإقليم تنغير لجبر الأضرار التي نجمت عن الأمطار العاصفية الأخيرة.

حقيقة كنا ننتظر التفاتة خاصة من رئيس الحكومة لهذا الإقليم ولإقليم طاطا، الذي عرف وللأسف الشديد ضحايا في الأرواح، خصوصا في هذه الظرفية الاستثنائية التي تم تتبعها بشكل مباشر عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي،  لكن السيد الرئيس لم يكلف نفسه عناء القيام بهذه الزيارة.

ولا تفوتنا هذه المناسبة دون الترحم على أرواح شهداء الوطن الذين خلفتهم هذه الفيضانات بإقليم طاطا، كما نود أن نعبر عن اعتزازنا بالالتفاتة الملكية لهذه الأقاليم المتضررة من وطننا العزيز.

وتجدر الإشارة إلى أن الأضرار كثيرة جدا،  لذلك نتمنى أن تنجز تقارير مفصلة ترفع للجهات المسؤولة من أجل التدخل العاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في هذا الإقليم الذي تضرر بشكل كبير، ولا تفوتني الفرصة من جديد  دون التنويه بالمجهودات الجبارة المبذولة من طرف السيد عامل الإقليم والسلطات المحلية والدرك الملكي والوقاية المدنية وكذلك الهيئة المنتخبة التي انخرطت بقوة في مساعدة الساكنة وحمايتهم جراء هذه الفيضانات.

وفي هذا السياق، نلتمس على مستوى إقليم تنغير التعجيل بتنفيذ مختلف البرامج التنموية المتعلقة بحماية الواحات من الفيضانات، والتي تشرف عليها وزارة الداخلية مشكورة، وتعميمها على مستوى مختلف الجماعات المحلية بالإقليم، على اعتبار أن أغلب الجماعات بالإقليم قروية جبلية، تهددها الفيضانات وإمكانياتها المالية محدودة.

وكما تعلمون فوزارة التجهيز على مستوى الإقليم، تبذل  مجهودا كبيرا في الجانب الطرقي، غير أن الخصاص على مستوى القناطر يسبب أحيانا العزلة وعرقلة السير لساعات وساعات بسبب الفيضانات، الأمر الذي لا يجب أن يكون في مغرب 2024، لأننا جزء من هذا الوطن، ومن حقنا أن ننعم بمنسوب التنمية الذي تشهده بلادنا، نريد أن ننتقل من شق الطرق إلى بنائها أسوة بباقي مدن وطننا العزيز.

تحدثت عن الجفاف، هل ستساهم هذه الأمطار الأخيرة في إعادة الحياة والأمل إلى تنغير؟ وهل هناك بينة تحتية كافية للحفاظ على مياه الأمطار؟

صحيح قد استبشرنا خيرا بهذه الأمطار الأخيرة لأنها ستنعش الفرشة المائية،  وستعيد الحياة إلى مختلف واحات الإقليم، وسنتوقف عن تزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب عن طريق الصهاريج.

وأكيد أن هناك مجهود جماعي يبذل، ولهذا نشكر الساهرين على إحداث سد تودغى، وهو منشأة مائية مهمة أنجزت بالاقليم، ومن شأنها أن تساهم بقوة في  الحفاظ على مياه الأمطار وتزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب، وكذا حماية الساكنة وممتلكاتهم من الفيضانات، ونظرا للدور المهم الذي سيلعبه هذا السد، فالأمر يدعو إلى  إحداث سدود أخرى، على واد دادس وواد أمݣون، وإذا توفرت هذه السدود أعتقد ستلعب دورا كبيرا في تطعيم الفرشة المائية بالمياه، وحماية الساكنة من خطورة الفيضانات.

كيف يمكنكم تقييم السياسة الحكومية في مجال تدبير المياه خاصة أن نوعية الزراعة هنا بالمنطقة مستنزفة للمياه؟

لا يخفى عليكم  أن واقع الواحات واقع هش، والمساحات المزروعة صغيرة وتهم الزراعة المعيشية، إلا أن المنطقة مؤخرا عرفت إحداث مزارع كبيرة على جنبات الواحة، الشيء الذي يستنزف الفرشة المائية، وقد تم التنبيه في أكثر من مناسبة لخطورة هذه الوضعية لكن ما يزال هذا العمل مستمر.

وبالتالي يمكن القول أن هذه الضيعات الفلاحية الكبيرة ونوعية المزروعات المعتمدة بالإقليم، إلى جانب التغيرات المناخية، ساهمت بشكل كبير في  التعجيل بالجفاف الذي عرفه إقليم تنغير.

وفي هذا السياق، نرجو أن يعاد النظر في قرار إحداث ضيعات فلاحية  كبيرة بالمنطقة وكذا في نوعية المزروعات وطريقة السقي بالنظر للتغيرات المناخية الحالية التي يعرفها العالم مع نقص في التساقطات المطرية.

لذلك، لا يمكن الاستمرار في اعتماد وسائل السقي القديمة، وهذا من شأن وزارة الفلاحة، حيث يتعين وبتنسيق مع الساكنة التفكير في الطرق الجديدة للسقي كالسقي بالتنقيط. وهذه أمور كلها فرضها الواقع على اعتبار أن الوديان (تودغى، دادس، امݣون) كانت وديان دائمة الجريان على مدار السنة، لكن وفي السنوات الأخيرة ومع توالي سنوات الجفاف أصبحت واحات الإقليم مهددة بالانقراض، وتجدر الإشارة إلى أن الماء والواحة من العوامل المحفزة للساكنة على الاستقرار، فالواحة بدون ماء لا معنى لها، وبالتالي هناك الحاجة لسياسة أخرى وتصور جديد في ظل شح  المياه الذي تعرفه المنطقة.

وفي هذا السياق، تتجلى مهمة وزارة الفلاحة التي ربما لازالت لم تتدخل في هذا المجال، قد تتدخل في مجال إصلاح السواقي وبرامج حماية الواحات من الفيضانات، لكن نحتاج لحلول إبداعية مبتكرة فيما يخص طرق السقي وكذلك طبيعة المزروعات التي لا تحتاج كميات كبيرة من المياه.

اعتقد أنه آن الأوان لإنجاز أبحاث علمية لإنقاذ الواحات، على اعتبار أنها واحات سياحية مهمة تعرف توافد السياح من مختلف مناطق العالم، وبالتالي فهي في مسيس الحاجة لعناية والتفاتة في هذا المجال؛ خصوصا وأن المنطقة عرفت في السنوات الاخيرة اعتماد مزروعات دخيلة على المنطقة وعلى الإقليم، كالبطيخ الأحمر والافوكا مثلا تستهلك الماء بشكل كبير ولا يمكن في وضع الواحة وقلة الأمطار ومياه السقي الاستمرار في إنتاجها، وعلى هذا الأساس، يتعين اتخاذ قرارات لمنع مثل هكذا مزروعات لأنها تهدد الفرشة المائية واستقرار الساكنة، كما تهدد واحات الإقليم من الانقراض.

تحدثت عن السياحة واهتمام الساكنة بالفلاحة، كيف هي السياسات العمومية على مستوى المنطقة من ناحية التشجيع على السياحة أو من ناحية إحداث فرص الشغل المتنوعة لأجل تنمية المنطقة؟

يجب أن نعرف أن إقليم تنغير إقليم سياحي بامتياز، يعتمد أساسا على السياحة الداخلية والخارجية، والدليل على ذلك توافد العديد من السياح المغاربة والأجانب على مختلف المؤسسات الفندقية. ويشغل هذا القطاع عددا مهما جدا من الساكنة خصوصا بعد تراجع عائدات الفلاحة وكذلك الجالية المحلية المقيمة بالمهجر.

وبالتالي فالساكنة تعتمد على السياحة التضامنية في علاقتها مع عمل التعاونيات وجمعيات المجتمع المدني، ونظرا لأهمية هذا المجال في تشغيل الساكنة فالأمر يقتضي مزيدا من الاهتمام وتدخل الدولة من أجل تطوير البنية التحتية السياحية.

فلا يعقل في منطقة سياحية بامتياز، وفي الوقت الذي تتطلع فيه بلادنا إلى تنظيم تظاهرات عالمية كبيرة، أن تقطع الطرق بمجرد قطرات مطرية، فالسياحة مرتبطة بالطرق، بالفلاحة، وبجميع القطاعات وبالتالي تبقى التنمية في شموليتها حل لمجموعة من المشاكل.

مؤخرا عاش المغرب على وقع محاولات الهجرة الجماعية من الفنيدق، على مستوى تنغير، هل يهتم الشباب بالهجرة؟

عندما نتحدث عن الهجرة، فإننا نتأسف لما حدث بالفنيدق من طرف الشباب والأطفال ومحاولتهم الهجرة إلى خارج أرض الوطن، هذا مؤشر سلبي يسائلنا جميعا حكومة وأغلبية ومعارضة، على اعتبار أن مثل هكذا سلوكات تعطي إشارات سلبية عن بلادنا، بالرغم من المجهودات التنموية التي عرفتها بلادنا في عهد جلالة الملك محمد السادس نصره الله، وبالتالي فالكل يتحمل المسؤولية فيما يحدث خاصة وأن الدولة المغربية مقبلة على تنظيم تظاهرات عالمية كبرى.

لذلك يتعين مضاعفة الجهود للحد من هكذا سلوكيات، فبالرغم من ذلك فلا يمكن تجاهل مجهودات الدولة المغربية، فالمجهود يبذل سواء في ظل هذه الحكومة أو الحكومات السابقة، هناك تراكم في التنمية لكن هذه المؤشرات التي نسمعها تساءلنا جميعا.

وعلى مستوى إقليم تنغير فهو جزء لا يتجزأ من هذا الوطن، وانطلاقا من هذه العوامل التي تحدثنا عنها، فالواقع يفرض نفسه خاصة أن الإقليم لا يوفر فرص الشغل بالشكل الكافي نظرا لغياب المعامل.

فأمام تقلص المساحات المزروعة وتوالي سنوات الجفاف وتراجع عائدات الجالية المحلية بالمهجر، وانطلاقا من أن السياحة في بدايتها، فالهجرة واقع لا يرتفع. لذلك فالإقليم في حاجة إلى الرفع من منسوب التنمية، والى إحداث وحدات صناعية تناسب الواحة.

وانطلاقا من هذه العوامل، فأغلب الشباب يهاجرون سواء من  من أجل الدراسة أو التطبيب أو التشغيل، وبالتالي فتقريب هذه الخدمات من المواطنين مدخل حقيقي لتشجيع الساكنة على الاستقرار وعدم التفكير في الهجرة.

نأمل أن يكون هناك نموذج تنموي جديد كما جاء في خطاب جلالة الملك، لأن النموذج الحالي استنفد ونحتاج لنفس وتصور جديدين، وأفكار جديدة ونخب جديدة، قادرة على ربح التحديات المطروحة، خاصة وأن الدولة المغربية ولله الحمد لها من الإمكانيات ما يجعلها  قادرة على صنع التغيير وإبداع حلول  مناسبة للمشاكل المطروحة، وإقليم تنغير يتوفر على طاقات وشباب ومؤهلات وموارد بشرية قادرة أن تساهم في تحسين الأوضاع على مستوى إقليم تنغير تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك نصره الله.

أعتقد أن إقليم تنغير يتكون من 25 جماعة محلية، هل التنمية تسير في توازي على مستوى جميع الجماعات؟

يختلف منسوب التنمية بإقليم تنغير من جماعة محلية لجماعة، حسب نوعية النخب المكونة لهذه المجالس وحسب قدرتها الترافعية، فهناك جماعات استطاعت ترجمة جزء كبير من برامجها التنموية إلى انشطة ومشاريع، فيما فشلت أخرى في ذلك لعدة عوامل منها الذاتية والموضوعية.

فهناك جماعات محلية بالإقليم وبعد مرور 3 سنوات من الفترة الانتدابية لم تستطع فك لغز التنمية والاستجابة لحاجيات الساكنة. وهو وضع يحتم علينا جميعا سلطات محلية وهيئات منتخبة التدخل من أجل تقديم يد العون لتقوية القدرات التدبيرية لدى منتخبي الإقليم.

هل يمكن القول أن اقليم  تنغير يعيش أزمة نخب؟

نعم يعيش أزمة نخب، ونوعية النخب المتواجدة في الساحة غالبا ما تكون غير قادرة على تدبير الشأن العام، هناك استمرار منطق الأعيان في تدبير الشأن المحلي، “كاين الناس لي مقارياش” لا يمكن أن يعطي إضافة في مسألة التدبير.

بالإضافة إلى عدم القدرة على المرافعة والبحث عن التمويل يجعل هذه الجماعات تفشل في التنمية، صحيح هناك جماعات نجحت إلى حد ما  في التدبير على مستوى إقليم تنغير، لكن بالمقابل هناك جماعات أخرى محلية فشلت في تلبية حاجيات الساكنة، وأكيد أن الساكنة غاضبة عليهم وينتقدون أدائهم.

يمكن القول إن منسوب التنمية في إقليم تنغير بالرغم من المجهودات المبذولة لا يرقى إلى مستوى تطلعات الساكنة، والدليل أن هناك جماعات لم تتجاوز 15٪ في تنفيذ برامج التنموية.

أضف إلى ذلك أن الاعتمادات المالية لأغلب الجماعات المحلية بالإقليم متواضعة، وبالتالي فهذا العنصر كذلك يعد من العوامل الأساسية المعرقلة لعجلة التنمية بالجماعات المحلية بإقليم تنغير.

******

عبد الله الخاديري: فقدنا كل منتجاتنا المجالية وهناك العديد من الشباب لقوا حتفهم في قوارب الموت بسبب الإقصاء

عبد الله الخاديري رئيس شبكة تعاونيات واحة تودغا عمالة تنغير

قال عبد الله الخاديري، رئيس شبكة تعاونيات واحة تودغا عمالة تنغير، إن إقليم تنغير عرف موجات وتغيرات مناخية متعددة في السنوات الأخيرة، حيث أولا كانت هناك مشكلة الجفاف لأكثر من سبع سنوات، ثم الحرائق على مستوى تنغير بشكل خاص أو جهة درعة تافيلالت بشكل عام، ثم فيضانات شتنبر غير متوقعة.

وأشار الخاديري، في حوار مع جريدة بيان اليوم، إلى أنه من الصعب جدا تحديد نسبة هذه الخسائر وحجمها، مبرزا أنه فيما يخص المنتوجات المجالية التي يشتغلون عليها ضاعت 100٪، والذرة أيضا ضاع منها تقريبا 50٪ أو 60٪.

وأبرز الخاديري أن اقتصاد عمالة تنغير مبني على ثلاثة أشياء وهي الفلاحة، السياحة، الصناعة التقليدية، والاقتصاد المعيشي للواحة، مردفا: “نحن كشباب في الواحة لدينا غيرة على المنتوجات المحلية وتثمينها والحفاظ على الموروث اللامادي للمنطقة الذي يتجلى في الواحة ولديه مردودية، والكثير من العائلات يعيشون منه”.

وشدد الخاديري على أن شباب الجنوب الشرقي من بين ضحايا الهجرة السرية، مضيفا أنه “تم تسجيل عدد من أبناء المنطقة الذين لبوا نداء مواقع التواصل الاجتماعي للأسف، وسجل العدد تقريبا من 100 إلى 200 شاب الذين ذهبوا من الجهة من أجل الهجرة واقتحام باب سبتة المحتلة، لذلك نوجه الدعوة للقطاع الوصي بالحكومة ووزارة الشباب ووزارة التشغيل لإعادة النظر في تشجيع الشباب على إنجاز المشاريع المدرة للدخل وتوفير فرص الشغل”.

كيف يمكن أن تصف لنا وضعية الفلاحة والفلاح بالجنوب الشرقي بشكل عام وإقليم تنغير بشكل خاص؟

عرف إقليم تنغير موجات وتغيرات مناخية متعددة في السنوات الأخيرة، حيث أولا كانت هناك مشكلة الجفاف لأكثر من سبع سنوات، ثم الحرائق على مستوى تنغير بشكل خاص أو جهة درعة تافيلالت بشكل عام، ثم ما عشناه منذ 21 غشت الماضي إلى حدود 22 شتنبر على وقع فيضانات غير متوقعة، وهناك خطورة على مستوى واحة تودغى.

سأتكلم عن الخسائر المادية التي سجلت على مستوى واحة تنغير وباعتبارنا كفلاحين وممارسين للميدان الفلاحي، سجلنا عددا من الخسائر على مستوى الغلاّت الفلاحية منها الذرة والفصة والمنتوجات المجالية، والقزبر، النعناع، المعدنوس والخضروات.

هذه الفيضانات خلفت أيضا خسائر على مستوى البنية التحتية، حيث تضررت قنوات السقي والحقول الفلاحية التي تعرضت لتراكمات الوديان (الوحل) التي تأتي من العالية لسد تودغا.

بكم تقدر الخسائر المادية؟ وما هي أبرز الإشكاليات التي يعيشها القطاع راهنيا؟

من الصعب جدا أن نحدد نسبة هذه الخسائر وحجمها، لكن تقريبا نقول عن المنتوجات المجالية التي نشتغل فيها وتعتبر التعاونية الفلاحية ايت بوجان مزود رئيسي للسوق المحلي تنغير والأسواق المجاورة من هذه المنتوجات، أنها كلها ضاعت 100٪، والذرة أيضا ضاع منها تقريبا 50٪ أو 60٪.

وقد كانت هذه النباتات في الأوج لإعطاء الثمار، بالإضافة للتمور، وكما نعلم فإن أواخر شتنبر وبداية أكتوبر هو الوقت المناسب للجني، إلا أن الأمطار الغزيرة أثرت عليه.

وبخصوص المشاكل التي نعيشها حاليا، هناك الجفاف، الحرائق، والفيضانات، وبالضبط في تودغى العليا والنصف في تنغير وتودغى السفلى.

إن الفلاحين مدعوين لتنقية أراضيهم من مخلفات الفيضانات (الوحل)، وإعادة بناء السواقي؛ الواحة متضررة بشكل كبير وتعتبر مزود رئيسي لحقولنا من أجل السقي؛ نحتاج لعمل شهر تقريبا أو أكثر كي نقوم بتنقية السواقي والحقول، من أجل التحضير للحرث وزرع الحبوب، في أواخر أكتوبر.

هل هناك مبادرات تنموية يتم تسجيلها بالمنطقة؟

إلى حدود الساعة لم يصلنا شيء، وآخر خبر لدينا من زيارة وزير الفلاحة لمنطقة ورزازات، تخصيص أربع ملايير سنتيم للفلاحين المتضررين ويقصد أربع أقاليم: ورزازات، طاطا، تنغير، ميدلت والراشدية؛ لكننا كفلاحين صغار نرى أن أربعة ملايير غير كافية لتعويض الفلاحين على مستوى أربع أقاليم بجهة درعة تافيلالت بالإضافة إلى عمالة طاطا التابعة لجهة سوس ماسة.

البنية التحتية، إضافة إلى السواقي والمواشي وغير ذلك التي تضررت وأطنان التفاح والبطاطس التي ذهبت…، يعني الميزانية قليلة، ومن هذا المنبر نطالب السلطات الحكومية باعادة النظر في إطار إنقاذ الفلاح الصغير لضمان استمرار الواحة، واستمرارها يأتي من الدعم للفلاحين الصغار لمباشرة عملهم داخل الواحة.

جاءت هذه الأمطار الغزيرة بعد سنوات طويلة من الجفاف، بعيدا عن الأضرار الكبيرة، هل من آثار إيجابية لهذه التساقطات؟

رغم أننا نتحدث عن السلبيات إلا أننا نحمد الله على نعمه، بالرغم من كوننا متضررين وبالنسبة لتودغى السفلى وصلت للضوء الأحمر لأنها وصلت لفقدان التمور التي تعمرت لسنوات، مثلا  شجر النخيل لديه 60 عاما وهناك من يصل ل 100 عام، وبسبب الجفاف كانت تتعرض للتلف.

كما يمكننا أن نثمن مشروع سد تودغا الذي بدأ في استقبال الحمولات الأولية للفياضانات الأخيرة الذي سجل أزيد من 5 مليون متر مكعب لحمولة الفياضانات.

وفي إطار الزيارة التي قامت بها شبكة تعاونية واحات تودغى السفلى، يظهر أن الآبار عادت إليها المياه تقريبا ب 1 أو 2 متر بالنسبة لعمق الآبار الموجودة في منطقة أيت امحمد، وقد وصلت “الشاطوات” للذروة في شهر يوليوز لكي تغطي حاجيات الساكنة من الماء، كذلك الفرشة المائية لمنطقة تودغى تبشر بالخير، وهذه الفيضانات تمنحنا نحن كفلاحين الأمل على الأقل أن 5 سنوات أخرى لن يكون هناك خصاص، وخير دليل واد تودغى به سيلان وقد تم رفع المنسوب به، بفضل السواقي، والحمد لله الماء موجود حتى بالواد.

الفلاحون الموجودون بالسد يستغلون الفرصة لسقي مزروعاتهم، وفي زيارتنا الميدانية لتودغى السفلى، الفلاحين كلهم فرحون بزرع بذورهم، كما بدأنا في تسجيل الفلاحين الذين يريدون الاستفادة من البذور الأولية لكي يباشروا الحرث في بداية أكتوبر المقبل.

في التعاونية لدينا برنامج سنوي وقد أعطينا الانطلاقة، وهناك مشروع تجديد الواحة بشراكة مع مؤسسة الأطلس الكبير بمراكش، حيث نقوم بإحضار عدد من شتائل الأشجار المثمرة ليتم توزيعها على الفلاحين على مستوى إقليم تنغير.

البرنامج بدأ تقريبا منذ سنة 2018 وتوقف السنة الماضية بسبب الجفاف، الشتائل فيها الزيتون، الرمان مختلفة الأنواع، والتي تناسب مناخ المنطقة، ولدينا حماس كبير في دجنبر المقبل سنباشر العملية من جديد وسنحضر عدد كبير من الشتلات، تقريبا 100 ألف شتلة وستوزع على مختلف مناطق تنغير.

ما هي أهمية الفلاحة على الاقتصاد والتنمية بالنسبة للمنطقة؟

يجب أن تعرف أن اقتصاد عمالة تنغير مبني على ثلاثة أشياء وهي الفلاحة، السياحة، الصناعة التقليدية، والاقتصاد المعيشي للواحة، ونحن كشباب في الواحة لدينا غيرة على المنتوجات المحلية وتثمينها والحفاظ على الموروث اللامادي للمنطقة الذي يتجلى في الواحة ولديه مردودية، والكثير من العائلات يعيشون منه.

ليس لدينا فلاحة كبيرة ولكن على كل حال عدد من الأسر على ضفاف الواحة تعيش من خلال تسمين العجول وتربية المواشي وإنتاج العسل والمنتجات المجالية.

بعيدا عن الفلاحة، هل هناك مجالات أخرى تنعش المنطقة؟

تستقطب الواحات السياح، وتعرف واحة تودغى ابتداء من شهر شتنبر مناظر تجذب السياح الفرنسيين، وحتى الفنادق يشترون منا المنتوجات المحلية ويبيعونها للسياح.

زيارة السياح تنعش اقتصاد المنطقة المحلي، والصناعة بدورها من خلال صناعة الروابز والخناجر والفخار…، كل ذلك يساهم في إنعاش السياحة في المنطقة.

الأحداث الأخيرة بالفنيدق، هل شباب الجنوب الشرقي معني بها؟

شباب الجنوب الشرقي من بين ضحايا الهجرة السرية، لأنه تم تسجيل عدد من أبناء المنطقة  الذين لبوا نداء مواقع التواصل الاجتماعي للأسف، وسجل العدد تقريبا من 100 إلى 200 شاب الذين ذهبوا من الجهة من أجل الهجرة واقتحام باب سبتة المحتلة، لذلك نوجه الدعوة للقطاع الوصي بالحكومة ووزارة الشباب ووزارة التشغيل لإعادة النظر في تشجيع الشباب على إنجاز المشاريع المدرة للدخل وتوفير فرص الشغل.

نعاني من الهجرة السرية، وهناك العديد من الشباب من هذه المنطقة لقوا حتفهم في قوارب الموت؛ إننا نتأسف للأرواح التي ذهبت ضمن هذه الفاجعة بالإضافة إلى عوامل الفقر وعدم التوجيه والبرامج الحكومية.

نعاني من الإقصاء، مما جعل عدد كبير من الشباب يختارون الهجرة والطرق غير المجدية والاباء يدفعون ضريبة الهجرة.

نوجه طلبنا لوزير الفلاحة لكي يقوم بزيارة لهذه المناطق ورد الاعتبار للواحة، كذلك نثمن مشروع سد تودغى وننادي بإحداث سدود تلية لكي تحمي الواحات من الفيضانات والأدوية غير الموجهة لسد تودغا.

******

طارق مجذوب: إصلاحات الخسائر التي أحدثتها الفيضانات تقدر بـ71 مليون درهم وقلة القناطر تعود لطبيعة الجهة

 

الزميل عبد الصمد ادنيدن يحاور طارق مجذوب المدير الإقليمي للتجهيز والماء بتنغير

قال طارق مجذوب المدير الإقليمي للتجهيز والماء بتنغير، إن إقليم تنغير شهد تساقطات منذ الجمعة 23 غشت 2023، مبرزا أنها بوتيرة أكثر نهاية شتنبر وخلال الأسبوعين الأخرين منه، ثم كذلك كانت نشرات إنذارية من المستوى الأحمر.

وأضاف مجذوب في حوار مع جريدة بيان اليوم، أن هذه التساقطات أدت إلى عرقلة السير وانقطاع مؤقت على عدة محاور، سواء كانت الوطنية، الجهوية أو الإقليمية.

وقدر المتحدث نفسه الخسائر المادية بقرابة 10 مليون درهم بالنسبة للحلول الآنية، مشيرا إلى أنه بالنسبة للحلول النهائية هناك تقريا 71 مليون درهم، تضم ثماني وديان يجب إحداثها كمنشآت فنية.

وعزا طارق مجذوب إشكالية قلة القناطر على مستوى الإقليم، إلى كون جهة درعة تافيلالت منطقة جافة، ولأن هذه الظواهر المناخية تبقى استثنائية، كاشفا أن مجموع المشاريع التي في طور الإنجاز برسم هذه السنة على مستوى إقليم تنغير هو 660 مليون درهم من أجل إنزال تقريبا 240 كيلومتر للطرق والمنشآت الفنية.

وهذا نص الحوار:

تسبب الأمطار القياسية وما نتج عنها من فيضانات في أضرار بارزة على مستوى البنية التحية بالجنوب الشرقي عامة، وبإقليم تنغير خاصة، ما هو حجم الأضرار على مستوى الطرقات؟

بداية أعطي لمحة عن الشبكة الطرقية التي يتوفر عليها هذا الإقليم، الذي يتوفر تقريبا على 1027 كيلومتر من الطرق المصنفة بها تقريبا 310 كيلومتر طرق وطنية و324 طرق جهوية تحتوي على 44 كيلومتر غير معبدة، والطرق الإقليمية تبلغ 392 كيلومتر فيها 112 كيلومتر غير معبدة، والطرق التي في طور التعبيد ضمن هذه السنة تبلغ تقريبا ما مجموعه 34 كيلومتر.

و فيما يخص الطريق الإقليمي 7104 تضم 27 كيلومتر والطريق الاقليمية 1504 على طول 7,2 كيلومتر، هذا بالنسبة للإحصائيات العامة.

عرف إقليم تنغير تساقطات منذ الجمعة 23 غشت 2023، وهذه التساقطات كانت بوتيرة أكثر نهاية شتنبر وخلال الأسبوعين الأخرين منه، ثم كذلك كانت نشرات إنذارية من المستوى الأحمر، وبطبيعة الحال هذه التساقطات تؤدي إلى عرقلة السير وانقطاع مؤقت على عدة محاور؛ تقريبا على جل المحاور الطرقية سواء كانت الوطنية، الجهوية أو الإقليمية.

فيما يخص الطرق التي عرفت انقطاعات أكثر هي الطريق الوطنية رقم 10، خصوصا على مستوى النقطة الكيلومترية 470، كذلك الطريق الوطنية رقم 12 الرابطة بين مضايق تودغى وسد تودغى، والطريق الوطنية رقم 17 الرابطة بين أنيف وتزارين في اتجاه زاكورة، أما فيما يخص الطرق الجهوية التي عرفت انقطاعات متكررة نجد الطريق 704 الرابطة بين بومالن دادس ومدينة تيلمي، كذلك الطريق 702 التي تربط بين ايت هاني في اتجاه الحدود مع إقليم الراشدية والطريق الجهوية 317 التي تربط قلعة مݣونة مع اوزيدنت في الحدود مع إقليم أزيلال.

أما الطرق الإقليمية أيضا التي تضررت نجد الطريق 7103 التي تربط بين ايت هاني وأموݣر، والطريق 1504 بين بومالن دادس وإكنيون، والطريق 7108 الرابطة بين الطريق الوطنية 17 وإمجران في اتجاه الحدود مع الجزائر.

إذن كانت مجهودات متواصلة من طرف فرق الصيانة التابعة للمديرية الإقليمية للتجهيز باقليم تنغير، بتنسيق مع السلطات المحلية ورجال الأمن الوطني والدرك الملكي ومع القوات المساعدة، وتحت الإشراف المباشر للسيد عامل اقليم تنغير، وبفضل هذه المجهودات تم فتح جميع الطرق تقريبا التي كانت منقطع.

توجد طريق واحدة فقط منقطعة بالإقليم هي رقم 7108 الرابطة بين قصر أمجران والشركة المنجمية لأمجران، وعملية التدخلات ستكون بعد جفاف واد حتى يتم التمكن من ولوج الآليات للنقطة.

ثم موازاة مع هذه التدخلات الميدانية كانت لجنة مركزية تضم المديرية العامة للطرق والمديرية الجهوية للتجهيز والماء لدرعة تافيلالت وكذلك المديرية الإقليمية بتنغير، والهدف من اللجنة هو جرد وتقييم جميع الأضرار التي خلفتها السيول بالإقليم منذ أواخر غشت إلى حدود الوقت الحالي.

لقد تم تسجيل 45 نقطة انقطاع متضررة وستتم معالجتها في إطار إعداد صفقات إصلاح أضرار الفيضانات، وقد تم إنجاز بطائق تقنية وفي القريب سنعلن عن الصفقة، أما فيما يخص تقييم الأضرار المالية تقدر ب 10 مليون درهم بالنسبة للحلول الآنية، لكن بالنسبة للحلول النهائية لدينا تقريا 71 مليون درهم، تضم ثماني وديان يجب إحداثها كمنشآت فنية.

الوديان تتواجد على الطريق الجهوية رقم 108 ثلاث نقط و5 النقط على الطريق الجهوية رقم 704.

لاحظنا على مستوى الطريق الوطنية رقم 12 أضرارا كبيرة على مستوى البنية التحتية، ما هو برنامجكم على مستوى هذه الطريق الرابطة بين الدار البيضاء وتنغير؟

بالنسبة للطريق الوطنية رقم 12 هناك برمجة أشغال في إطار اتفاقية شراكة بين وزارة التجهيز والماء وبين مجلس جهة درعة تافيلالت، ويقدر مبلغ هذه الاتفاقية ب 180 مليون درهم سيكون به المقطع الأول بين مضايق تودغى وسد تودغا على طول 14 كيلومتر والكلفة التقديرية هي 80 مليون درهم.

بالنسبة للدراسات هي في طور الانتهاء وفيما بعد سيتم الإعلان عن الصفقة، وبالنسبة للمقطع الثاني بين تمتوشت وأݣدال على الحدود مع ميدلت تقريبا على طول 36 كيلومتر والكلفة تقدر ب 90 مليون درهم، هذه الصفقة مبرمجة للسنة المقبلة.

بالنسبة للأضرار التي خلفتها الفيضانات تم تسجيل تقريبا ثماني نقط على مستوى الطريق 12 وهناك نقط تمت معالجتها من طرف فرق الصيانة، وهناك نقاط تتطلب تدخل الشركة.

على مستوى هذه الطرق نلاحظ عدم وجود قناطر، ماهو السبب؟

المشكل قائم على الجهة بأكملها لدرعة تافيلالت بحكم أنها منطقة جافة، وهذه الظواهر المناخية استثنائية، إذن كل سنة يتم برمجة نقط انقطاع لكن يجب الاشتغال على باقي النقط لتجنب انقطاعات مستقبلية، والحفاظ على حركة سير آمنة بالمحاور الطرقية.

ما هي المشاريع التي في طور الإنجاز أنيا لفك العزلة على ساكنة الإقليم؟

بالنسبة لإقليم تنغير هناك حصيلة عامة على مستوى المشاريع التي في طور الإنجاز، تقريبا لدينا 144 كيلومتر وخمس منشآت فنية وكلفتها المالية تقدر ب 295 مليون درهم، والمشاريع المبرمجة برسم هذه السنة لدينا 93 كيلومتر بالاضافة إلى منشآت فنية تقريبا تكلفتهم المالية 365 مليون درهم.

بالتالي مجموع المشاريع التي في طور الإنجاز برسم هذه السنة هو 660 مليون درهم من أجل إنزال تقريبا 240 كيلومتر للطرق والمنشآت الفنية.

وتهدف هذه المشاريع إلى تحديث الشبكة الطرقية والرفع من مستوى الخدمة والسلامة الطرقية، وكذلك فك العزلة على مستوى ساكنة العالم القروي وتسهيل عملية التنقل إلى المراكز الحضرية بالإقليم، بالإضافة إلى دعم انسيابية حركة السير وتسهيل ولوج المنتجات الفلاحية المحلية، ثم حماية الطريق من الفيضانات ومعالجة نقاط الانقطاع ودعم الجاذبية الاقتصادية والسياحة لإقليم تنغير.

******

أيمن باهوش: تساقطات شتنبر الماضي أنعشت الفرشة المائية وإشكالية الفيضانات ترتبط بـ81 نقطة سوداء بنفوذ الحوض

الزميل عبد الصمد ادنيدن يحاور أيمن باهوش رئيس استغلال سد تودغى بوكالة الحوض المائي كير زيز غريس

قال أيمن باهوش رئيس استغلال سد تودغى بوكالة الحوض المائي كير زيز غريس، إن منطقة نفوذ وكالة الحوض المائي لكير-زيز- غريس، عرفت مؤخرا، تساقطات مطرية جد مهمة.

وأضاف باهوش، في تصريح لجريدة بيان اليوم، على ضوء الفيضانات التي عرفها الجنوب الشرقي للمملكة، بحر شتنبر الماضي، أن هذه التساقطات كانت جد إيجابية وكان لها تأثير إيجابي على مستوى الفرشة المائية.

وأبرز باهوش، أنه إلى غاية 26 شتنبر 2024 (تاريخ اللقاء الصحفي)، “تم تسجيل حمولات مهمة حيث بلغ حجم الواردة التي استقبلتها السدود 132 مليون متر مكعب والتي مكنت من الرفع من مستوى تعبئة السدود بالمنطقة نفوذ الوكالة، إذ بلغت نسبة ملء سد الحسن الداخل بحوض زيز 46.43%، وسد قدوسة بحوض كير 28.23%، وسد تمقيت بحوض غريس 18.69%، أما بالنسبة لسد تودغى كذلك بحوض غريس بلغ  13.59%”.

وتابع المتحدث نفسه، أن هذه التساقطات المطرية مكنت من سقي عدة مناطق فلاحية عن طريق تحويل مياه الفيض وتطعيم الفرشات المائية حيث تم تسجيل على مستوى الفرشات الرباعية ارتفاع يبلغ بين 1 إلى 2 متر، مشيرا إلى أن هذا المستوى الملحوظ على هذه الفرشات يكون له تأثير على المدى المتوسط والبعيد على أنظمة تزويد الماء الصالح للشرب وتوفير مياه السقي.

وأكد باهوش، على أنه في ظل التساقطات المطرية القوية، كانت هناك مجموعة من الإجراءات التي اتخذت من طرف الوكالة من أجل التتبع الآني للحملات المطرية والتساقطات وذلك بواسطة المحطات الهيدرولوجية والتي يتم عبرها تحليل البيانات والمعطيات المتوصل بها ويتم ربط التواصل مباشرة مع الجهات وجميع السلطات من أجل أخذ التدابير اللازمة لتفادي الخسائر.

وأضاف باهوش أنه كان هناك أيضا تدخل سباق من طرف الوكالة وكذلك المصالح الوزارية من أجل تجنب الكوارث، حيث تم إنجاز مجموعة من المنشآت للوقاية من الفيضانات حيث على مستوى إقليم تنغير تم إنجاز سد تودغى الذي تمت بداية استغلاله في شهر أكتوبر من سنة 2022 والذي يبلغ حجم حقيبته 36.55 مليون متر مكعب والذي مكن من الحماية من الفيضانات والحد من الأخطار بسافلة السد وكدى تطعيم الفرشة المائية وتوفير مياه السقي لواحات تودغى وكذلك مياه الشرب.

وأشار باهوش أيضا، إلى جميع الجدران الوقائية التي تم إنجازها والتي مكنت من تفادي الخسائر على المستوى البنية التحتية ومنازل الساكنة وكذا الخسائر البشرية، مبرزا أنه تم أيضا إنجاز عدة عتبات لتطعيم اصطناعي للفرشة المائية التي لعبت دورا مهما في تطعيم الفرشات المائية وتسجيل ارتفاع التغمازي للفرشات ب 1 متر إلى 1.5 متر.

وأكد باهوش أن  الوكالة مستمرة في إنجاز هذه المنشآت المائية على مستوى منطقة نفوذها، مذكرا بأنبأن الوكالة تقوم أيضا بإنجاز المطفيات من أجل تجميع مياه الأنهار والمطامر لإرواء الماشية.

وأوضح المتحدث عينه، أنه طبقا لمقتضيات المادتين 121 و123 من القانون 15ـ36 المتعلق بالماء، قامت وكالة الحوض المائي لكير زيز غريس بتركيب نظام الإشعار بالحمولات بعالية الأحواض المتواجدة بمنطقة نفوذها وذلك من خلال تركيب معدات أوتوماتيكية وعصرنة شبكة القياس، وكذا إرسال بشكل آني للمعطيات والبيانات الهيدرولوجية المتعلقة بالتساقطات المطرية وارتفاع مستوى منسوب مياه الأودية، وذلك بهدف تحذير وحماية الساكنة المجاورة للأودية من أخطار الحمولات القوية التي قد تسجل على مستوى هذه الأحواض، مبرزا أنه تم تجهيز 32 محطة هيدرولوجية أوتوماتيكية بالإضافة إلى 3 محطات في طور الإنجاز برسم سنة 2024.

وتابع باهوش أن هاته المعطيات يتم تقاسمها بشكل فوري مع لجان اليقظة الإقليمية والمحلية بالإضافة مع مصالح مديرية تدبير المخاطر الطبيعية التابعة لوزارة الداخلية، مضيفا أنه بتنسيق مع السلطات، يتم إشعار الساكنة بشكل استباقي عبر إطلاق نظام الإنذار بالحمولات وذلك عبر إطلاق صفارات الإنذار بالإضافة لرسائل صوتية من خلال استعمال أربع لغات (العربية والأمازيغية والفرنسية والإنجليزية) نظرا لتوافد عدد كبير من السياح على المنطقة.

وأردف باهوش، أن الوكالة تتوفر حاليا على ست محطات للإنذار بالإضافة لواحدة في طور الإنجاز برسم سنة 2024، موضحا أن “إشكالية الفيضانات ترتبط بالعديد من المراكز التابعة لمنطقة نفوذ وكالة الحوض المائي لكير زيز غريس، حيث تم تحديد 81 نقطة سوداء موزعة على 6 مدن و44 مركزا و31 دوارا، ومن بين هذه النقاط السوداء، تمت دراسة 49 نقطة ومعالجة 14 نقطة (6 مدن و8 مراكز)”.

إنجاز: عبد الصمد ادنيدن

تصوير: طه ياسين شامي

Top