حول المقايسة كذلك…

بغض النظر عن الجدل المتواصل حول إعمال نظام المقايسة والزيادة في أسعار المحروقات، والسجال الذي تجسد مؤخرا  في تصريحات وزراء وردود مندوبية التخطيط، فالواضح أن مختلف الأطراف الحزبية، بما فيها المشاركة في التجربة الحكومية الحالية، لم تكن تفضل اللجوء إلى الخيار المفضي لارتفاع أسعار بعض المنتجات النفطية، خاصة أن ذلك سينعكس على أسعار مواد وخدمات أخرى من دون شك.
إن رفض الزيادة في الأسعار، والتخوف من امتداد ذلك لمواد أخرى، خاصة بالنظر لطبيعة المنظومة والعلاقات الداخلية المتحكمة في السوق، وقدرة اللوبيات على إفراغ الإجراءات الحكومية المواكبة من كامل محتواها، كل هذا مشروع، ومن شأنه إضافة مصاعب ومعاناة جديدة للقدرة الشرائية لفئات واسعة من شعبنا، وترتيبا على هذا، فان(صيانة الاستقرار السياسي والسلم الاجتماعي تستوجب فسح المجال لحياة مؤسساتية سليمة، تمكن الحكومة من مباشرة أوراش الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، في إعمال للمقاربة العقلانية التي تغلب المصلحة العليا للوطن والشعب، وتمكن من رفع تحديات بناء المغرب الديمقراطي والمتقدم، وتجنيب بلادنا السقوط فيما يعرفه محيطنا الجهوي من اضطرابات وأزمات وعدم استقرار يهدد بأوخم العواقب، وبما يمكن كذلك من مجابهة تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية وانعكاساتها السلبية على اقتصادنا الوطني، للحيلولة دون الإجهاز على مكتسبات شعبنا في العيش الكريم، أو الزج بالبلاد في وضعية أزمة شاملة لا تخدم في شيء مشروع المجتمع الديمقراطي والحداثي المتقدم الذي تتطلع إليه فئات واسعة من جماهير شعبنا)، كما شدد على ذلك بلاغ حزب التقدم والاشتراكية عقب الاجتماع الأسبوعي الأخير لمكتبه السياسي.
استعادة الحياة المؤسساتية السليمة في البلاد، وإتاحة المجال للحكومة والبرلمان وباقي المؤسسات لتمارس عملها وصلاحياتها ضمن الوضوح والتعاون والاستقرار والهدوء، سيساهم إذن في تمكين الجميع من فرص التفكير الهادئ والعقلاني، ومن تفعيل المشاورات اللازمة، بما في ذلك على صعيد القرارات المتخذة ومسلسلات تنفيذها، وبالتالي استثمار كل الجهود، من الأغلبية والمعارضة، من أجل المصلحة العليا لوطننا وشعبنا، بدل كل هذا التوتر الواضح اليوم في ساحتنا السياسية والحزبية والإعلامية، والذي نتجت عنه  (حالة الجمود والانتظارية التي تخيم على الحياة العامة ببلادنا).
وحتى بالنسبة لقرار تفعيل نظام المقايسة(وان كان ليس قدرا محتوما ومفروضا على الحكومة)، فان استعادة الهدوء والاستقرار على الصعيد المؤسساتي، سيتيح(تنزيل مشاريع الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في شموليتها، وتفعيل ما يتضمنه البرنامج الحكومي من تدابير وإجراءات شعبية جريئة تمكن من التجاوب مع الانتظارات المشروعة لفئات واسعة من المجتمع…)، كما أن ذلك سيمكن من دفع الحكومة إلى الاجتهاد أكثر وتوسيع الإجراءات المواكبة لتشمل، بالإضافة إلى النقل، ميادين أخرى، بما يحول دون توسع وتنامي الزيادة في أسعار مواد أخرى، كما سيساعد على تمتين وتقوية المراقبة الميدانية والصرامة في مواجهة التلاعبات في الميدان، ولجوء بعض اللوبيات إلى زيادات غير مشروعة.
وبخلاصة، فاستعادة الحياة المؤسساتية السليمة في البلاد مهمة ضرورية ومستعجلة من أجل النجاح في حل المعضلة الاجتماعية برمتها، والحد من خطورة تداعياتها، فضلا على أن ذلك سيمكن من تقوية الإجراءات المواكبة وتوسيعها، وتعزيز صرامة المراقبة.
[email protected]

Top