جامعة القاضي عياض.. كلية فتية بمجهودات كبيرة

لعل المتتبع للشأن الجامعي بمدينة أسفي، يلاحظ أن المؤسسات الجامعية الثلاث، تسير بخطى حثيثة، تشجع على نجاح منظومة متكاملة لإدارة الجودة في التعليم الجامعي بمدينة أسفي، على الرغم من الإكراهات والتحديات. وسنخصص هذا المقال للحديث عن الدخول الجامعي بالكلية متعددة التخصصات، باعتبارها المؤسسة التي تحتضن أكبر عدد من الطلبة الذين يتابعون الدراسة في ثلاثة حقول معرفية، هي العلوم الإنسانية والآداب والعلوم القانونية والاقتصادية والعلوم الحقة. ومن خلال تجميع بعض المعطيات، تبين أن الدخول الجامعي برسم هذه السنة  2014 ـ 2015 عرف نقلة نوعية على شتى الأصعدة، من ذلك ما استطعنا الوقوف عليه من خلال ما يرد من معلومات عبر موقع الكلية، أو من خلال بعض اللقاءات مع المهتمين بالشأن الجامعي بأسفي والطلبة.
وللتوضيح، فإن أكثر من 2600 طالبا جديدا، التحقوا هذه السنة الجامعية بمختلف المسالك، ليصبح عدد الطلبة بالكلية حوالي ثمانية ألف طالبا، يشرف على تأطيرهم خلال هذه السنة ما يقارب من تسعين أستاذا، التحق منهم خمسة عشر ة أستاذا جديدا في مختلف التخصصات خلال السنة الجامعية: 2013 ـ 2014 . وفيما يتعلق بالتدابير المتخذة خلال الدخول الجامعي الحالي بالكلية بأسفي، فتشمل استقبال وتوجيه وتسجيل الطلبة الجدد.. إذ تم تجهيز مركز الاستقبال والتوجيه بالموارد البشرية والمادية  من ملصقات ولوازم وإرشادات، لتواصل أفضل مع الطلبة الجدد، وتمكينهم من اختيار المسلك الذي يناسب ميولاتهم وتكويناتهم، وذلك بإشراك الطلبة القدامى وبأعداد مهمة في عملية الاستقبال. إلى جانب ما سبق  فقد تم إغناء الموقع الإلكتروني للكلية بكافة المعلومات التي تجنب هؤلاء الطلبة عناء التنقل إلى الكلية، حيث إن أكثر من ثمانين في المائة من الخدمات أصبحت تقدم على هذه البوابة .وهو الإجراء الجديد الذي تم تعميمه هذه السنة من أجل تفادي أي تأخير في انطلاق الدروس خلال الدخول الجامعي، وهي مبادرة ثمنها الطلبة بشكل لافت من خلال لقائنا مع بعضهم. وللتذكير، فإن طاقة استيعاب الكلية هذه السنة، ستتجاوز بكثير عدد الطلبة المسموح لهم بالتسجيل، مما خلق اكتظاظا في بعض المسالك ، بحيث لا يتسع عدد المقاعد البيداغوجية لهذا الكم الهائل من الطلبة ، وهو ما حال دون قبول طلبات تسجيل الموظفين في السنة الأولى نظرا لأعدادهم المرتفعة ، حيث تم الاقتصار على تسجيل الحاصلين منهم على شهادة الدراسات الجامعية العامة ..ومع ذلك  فقد تم تدبير هذه العملية بشكل إيجابي من أجل حل جملة من الإشكالات من بينها ضمان أحسن ظروف للتسجيل ، خاصة بعد عملية إفراغ الطلبة في النظام البيداغوجي الجديد بشكل ناجح .. وهو نظام ملائم وأكثر مرونة.
للتذكير ، فإن الكلية بأسفي توجد أربعة مدرجات بطاقة استيعابية تصل إلى 300 مقعدا للمدرج الواحد، ثم إن ارتفاع عدد الطلبة ببعض المسالك ، أدى إلى البرمجة اليومية لحصص دراسية ما بين الساعة 12 زوالا إلى الساعة 14. وفي هذا السياق ـ وحسب بعض المعلومات، فإن الكلية ستعرف في غضون الأيام القليلة القادمة مشروع إحداث مدرجين اثنين، الأول ستقوم ببنائه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر(500 مقعدا )، بينما ستتكلف الكلية ببناء المدرج الثاني ( 300 مقعدا ).
فلا أحد ينكر أن طبيعة العصر الذي نعيش فيه اليوم، يتسم بالتغيير السريع والتقدم المذهل في شتى المجالات التربوية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والمعلوماتية. ومن تمة، تبدو الحاجة واضحة إلى إيجاد تكوينات علمية متعددة لمواجهة التحديات من أجل إعداد الفرد والمجتمع ، أخذا بعين الاعتبار أن عملية التنمية تتأسس في الوقت الحاضر على مقاربة مندمجة  تتعدد مدخلاتها من حيث المنهجيات والمضامين والسياقات. وبذلك، يعد العمل التربوي والعلمي إحدى هذه المكونات، لأنه يفعل التواصل والتحاور والتشارك بين مختلف الفاعلين والمتدخلين. من هذا المنطلق ، تسعى الكلية متعددة التخصصات بأسفي إلى انتهاج خطة عمل لتحسين وترقية مستوى اللغة الإنجليزية بين صفوف الأساتذة  لما لهذه اللغة الأجنبية من تأثير كبير وحيوي خصوصا في مجال توسيع دائرة البحث العلمي. ومثل هذا المشروع تؤطره جامعة القاضي عياض .كذلك، نذكر مبدأ التحفيز والتشجيع الذي دأبت على نهجه جامعة القاضي عياض، حيث سيتم بشكل تدريجي توزيع حواسيب محمولة على الأساتذة، إضافة إلى تحفيزهم على تسجيل ونشر محاضراتهم عبر Uca Mooc. هذا إلى جانب دعم البحث العلمي من خلال مشاركة أكبر عدد من الأساتذة في الندوات والمؤتمرات الوطنية والدولية.. حيث انتقلت الكلية من ثلاث وحدات بحث سنة 2010 إلى عشر وحدات بحث سنة 2012
إضافة إلى ما سبق، عمدت الكلية هذه السنة إلى خلق شعب جديدة موازاة مع النظام البيداغوجي الجديد، وكذا في إطار توسيع دائرة تنويع التكوينات وإضفاء التجانس على عروض التكوين المتماثلة عبر إرساء قاعدة معرفية مشتركة في جل ميادين التكوين بغية تسهيل حراك الطلبة بين الشعب والمسالك ،فضلا عن إحداث سلك الماسترلأول مرة، مما سيسمح للكلية متعددة التخصصات بأسفي إلى أن تصبح أكثر اقترابا من أعرق الكليات في المغرب. ولعل إحداث هذه الشعب، يعني كذلك، تثبيت الهياكل بالكلية وعصرنة التدبير الإداري ودعم المقاربة التشاركية. لا شك أن الخطاب الملكي السامي ليوم: 20 غشت 2013، شرح واقع التعليم بمختلف مستوياته، وحدد رؤية مستقبلية للارتقاء بهذا القطاع، ليوازي طموحات المغرب التنموية، كما وضع خارطة المستقبل لتعزيز إصلاح قطاع التربية والتكوين. وتأسيسا على هذا  يمكن أن نقرأ في خطاب جلالة الملك ما يؤكد الأهمية القصوى للمنهجية التشاركية في تدبير القطاع. في ظل هذه التوجيهات، تنخرط الكلية متعددة التخصصات بأسفي، في إعداد تكوينات جديدة ، إضافة إلى ما هو موجود ومتميز. فهي تعنى بالعلم وحقوله المعرفية والبحث العلمي، بغية تطويرها وتحويلها إلى كلية رائدة وحديثة ومنخرطة بشكل حقيقي في كل الأوراش والمشاريع التي ستعرفها مدينة أسفي على المدى القصير والمتوسط . وهذا يلزم هذه المؤسسة الجامعية أن تكون في صلب الحدث ، مما سيمكن من تطوير هذه الكلية الفتية إلى كلية مندمجة ومتكاملة ، تجمع كل الحقول المعرفية والممهننة التي تتماشى وأوراش التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، إضافة إلى العمل على تحقيق المزيد من الانفتاح على كل مكونات المدينة والجهة فالكلية تتوفر على تكوينات تفتح أمام الطالب إمكانية الاختيار وولوج مسالك متنوعة تكاد تغطي جميع الحقول المعرفية، أخذا بعين الاعتبار ما تعرفه المدينة وجهتها وسوق الشغل من تطورات وأوراش تتطلب خريجين مؤهلين .
لقد وضعت الكلية بأسفي برنامجا لعقد شراكات جديدة مع مجموعة من الهيآت، مما سيساعد الطلبة على الاندماج في سوق الشغل، وذلك من خلال خلق « منتدى التشغيل» الذي سيشكل فرصة للقاء بين الخريجين وأرباب المقاولات. إلى جانب تنظيم الأبواب المفتوحة لمد الطلبة بالمعلومات المتعلقة بالتكوينات التي توفرها هذه المؤسسة بأسفي ، خدمة للطالب. كما سطرت الكلية برنامجا سنويا للأنشطة الثقافية والرياضية والتي تشرف على تنظيمها جامعة القاضي عياض بمراكش  
تلكم بعض الإضاءات التي تبرز مختلف المجهودات التي تقوم بها الكلية متعددة التخصصات بأسفي ، في أفق تحقيق المنشود من وجود هذه المؤسسة الجامعية بمدينة أسفي ، ولم لا ، خلق نواة لجامعة في المستقبل.؟

Top