صورة ملعب الرباط

الصور القاسية والمؤلمة والمسيئة لعشب ملعب مولاي عبد الله التي طافت كل شاشات المعمور، لم يكن يتوقعها أحد، وجاءت لتصفعنا كلنا وتفضح غياب الصرامة في تتبع الأشغال.
أحيانا قد يعتقد منظمو حدث كبير أنهم أعدوا كل شيء، لكن عدم الانتباه إلى الأشياء في كليتها، بما في ذلك الصغيرة منها، قد يحمل مشكلة صغيرة ويحولها إلى فضيحة كبرى تغطي على كل ما سبقها من إنجازات ونجاحات، ولا يذكر العالم حينها سوى هذا الشيء السلبي الوحيد.
ولهذا يعتمد الناس الحرفية والدقة ويبتعدون عن الهواية والارتجال والخفة، وفي تفادي مثل هذه الفضائح يكمن الفرق بين الأسلوبين.
لن نجاري الكتابات المزاجية العديدة للبعض، ولن نلجأ إلى “تقطار الشمع” على أحد، وإنما سننتظر نتائج التحقيق، ونأمل أن يكون جديا وسريعا وتعلن نتائجه والقرارات المترتبة عنه للعموم، ولكن لا بد أن نجدد الأسف لما لحق صورة بلادنا من إساءة في العالم جراء ما حدث.
ومن جهة ثانية، لابد أن تتكثف جهود كل الأطراف المساهمة في تنظيم الحدث الكروي العالمي من أجل جعل الجمهور والمتابعين يجددون التعبئة والحماس لمتابعة منافسات “الموندياليتو” والحضور إلى الملاعب، وذلك بغاية إنجاحه فرجويا وجماهيريا وإعلاميا وإشعاعيا، وتصحيح الصورة السلبية عن بلادنا التي تسببت فيها فضيحة عشب الملعب.
فتح تحقيق وتطبيق القانون في حق كل المتورطين في اقتراف هذه الفضيحة، هذا جيد ومطلوب، ولكن من الضروري أيضا مواصلة التعبئة لإنجاح التظاهرة الكروية لأن أيامها معدودة وستختتم قريبا، ويجب أن يذكر العالم صورا أخرى عن بلادنا غير صورة ملعب الرباط، رغم أنها كانت صورة مخجلة حقا.
الصورة / الفضيحة لم تخجلنا لوحدنا، وإنما تناقلها المنتظم الكروي العالمي برمته، ولا ندري  التبعات التي ستترتب عنها لاحقا، ولكنها يجب أن تنبهنا كلنا إلى ضرورة التحلي بالصرامة والنزاهة والجدية في إنجاز البنيات التحتية، الرياضية وغير الرياضية، وأيضا التشبع بالغيرة على البلاد وعلى سمعتها وصورتها.
الأمطار تهطل عندنا وعند بقية خلق الله، وطالما تابعنا، عبر التلفزيون، مباريات كرة تحت وابل من الأمطار في عدد من البلدان الأوروبية، ولكنها لم تسجل بها فضيحة برك مائية وسط الملعب، خاصة إن كان إصلاحه لم تمر عليه شهور قليلة، ولهذا، فالمشكلة توجد في جودة الأشغال وإتقانها أولا، وفي القدرة على التخطيط الاستباقي والتوقع، وفي إيلاء الأمر لأهله ولذوي الاختصاص والمعرفة، وهذا مطلوب في ملعب الرباط، كما هو مطلوب في إنجاز البنيات التحتية المختلفة الموجهة للمدن وساكنتها، والتي خلفت الأمطار الأخيرة كثير مآسي ومعاناة لها.
البلاد في حاجة إلى “المعقول”..
وبه وجب الإعلام.

[email protected]

Top