قصيدة: يموت بسرعة

رغم كونه نيرودا
إلا أنه يموت بسرعة
ذلك الذي يتجاهل العادات
مواجهاً كل من حوله
ذلك الذي فكّر بحماقة
أن بوسعه أن يغيّر طريقه كل يوم مُعرّضاً حياته لخطر المجهول
متجاهلاً أمان الدروب المطروقة  
ويموت بسرعة
ذلك الذي يُضيّع حياته بين أهدافٍ متقلّبة
غير عابئٍ إلى أين سيمضي
محاولاً العثور على نفسه خارج القوالب الجاهزة  
يموت بسرعة  
من يبدّل ثيابه كل يوم
كي لا يتعرف عليه صديقٌ أو عدو
ومن يقضي وقته مُحدّثاً الغرباء
بثقةٍ زائدة لم تترك له أي خصوصية
أو أصدقاء ليعود إليهم  
يموت بسرعة
ذلك الذي يلاحق العشق
ليذكّي نيران عواطفه المتأججة
لأنه سيعمى ببريق خاطف
وسيغادر في النهاية خالي الوفاض
إلا من قلب مكسور.
يموت أسرع من غيره
ذلك الذي غيّر من واقعه
لأنه ضجِرٌ من شريكه أو من عمله
ومن بدّل الحقيقة بأوهامٍ براقة
وأحلام يقظةٍ طفولية.
وسيموت أسرع من غيره
ذلك الذي دفع به خاطرٌ مجنون
إلى أن يتخلى عن الأمان الواضح
إلى قلق الأحلام والأمنيات
سيموت بسرعة
من انقلب على نصائح العقل
لأنه اعتقد أنه بالقلب وحده
يمكنه أن يمرق من دهاليز المشقة
ورغم أنه نيرودا
إلا أنني سأقول هيا!
عش أمان يومك المعتاد
ولا تقترف الحماقات
حين تظن أنك منذورٌ للحرائق والتغيير
عش حياتك يوماً بيوم
ولا تخاطر بهلاك سريع
ولا تبخل على نفسك بحياة مطمئنة
فأنت تستحق الحياة لوقت طويل
رغم ما قاله نيرودا.

Top