اللعبة الجزائرية

تمارس الجزائر هذه الأيام لعبتها المألوفة تجاه المغرب، حيث كلما  ذكرت الرباط بمواقفها الثابتة من الوحدة الترابية للمملكة، ومن الاتحاد المغاربي، ومن العلاقات المغربية الجزائرية؛ تعمد الجزائر إلى تجنيد صحفها وبعض الأصوات المعروفة إلى الرد على المغرب، أو بالأحرى شتمه والتهجم عليه، وذلك بدل أن تعلن بشكل واضح عن جواب رسمي علني مما يطرحه المغرب. هذه المرة، وأمام قوة الخطاب الملكي الأخير وما أبرزه من حزم ووضوح تجاه البلد الجار، سكت حكام قصر المرادية، قبل أن يخرج عبد العزيز بلخادم ليقول بأن «المناورات التي تستهدف إجهاض حق الشعوب في تقرير مصيرها، مآلها في النهاية الفشل الذريع كما حصل في كل قضايا تصفية الاستعمار».
هل كان بلخادم يرد فعلا على المغرب؟ أم أن ارتباك رؤسائه وورطتهم جعلته يرد على نفسه وعلى سياسة بلده؟
وقبل بلخادم، أخرجت المخابرات الجزائرية واحدا من الصغار لديها وكلفته بدور ثانوي في مسرحية «باسلة»، حيث تقمص صفة صحافي، وحضر إلى مدينة الداخلة المغربية، وعاد ليصرخ على أعمدة صحيفة (الشروق)، وعبر حلقات يخرج لسانه لاهثا يحاول إقناع نفسه أنه فعلا عثر على (سكوووووووووووووووب) ضد المغرب، وهو في الواقع لا يثير سوى الشفقة على هذا الدور الذي يلعبه، والذي لن يغير عند العقلاء شيئا من الحكاية.
الدرس الوحيد  من وراء هذا «الفتح» المخابراتي الجزائري الغبي، يهم في الحقيقة بعض إعلاميينا المتبجحين جدا، والذين كانوا يشرعون أبواب صحفهم و…أيضا قنواتهم لـ»المحلل والكاتب المعارض الجزائري» أنور مالك، كما كانوا يعيدون نقل الأخبار التي يسربها عبر بعض المواقع القريبة جدا من النظام الجزائري، ويعتبرونها بدورهم (سكوووووووووووووبات )، واليوم، بعد أن انفضحت كل القصة، هل سيعترفون بغبائهم ؟
وفي إطار اللعبة  ذاتها، تروج الأبواق الجزائرية  هذه الأيام، أن أمير قطر، الذي يزور الجزائر، قد يكون التقى مسؤولين في البوليساريو ووعدهم بدعم مالي، كما قد يكون أوصى مراسلي قناة (الجزيرة) بتشديد الخطاب في حق المغرب.
ومع التحفظ الكبير على مثل هذه التخريجات، فإن الواضح أن الجزائر قد تكون بصدد الإعداد لدخول مخابراتي على خط التوتر المستمر منذ فترة بين مسؤولي القناة القطرية والسلطات المغربية.
ومرة أخرى، فإن الدرس من هذه الحكاية أن الدبلوماسية المعاصرة تتطلب استثمار كل الدعامات، بما في ذلك الاهتمام بالواجهة الإعلامية المحلية والدولية، وهنا للعلم فساحة المواجهة انتقلت منذ عقود من فرنسا وأوربا إلى القنوات الفضائية، فهل نفهم الأمر أخيرا ؟
ولإخواننا في قصر المرادية و…نواحيها، نكتفي بالابتسام، وبمتمنياتنا لهم بالشفاء وبعودة العقل.

Top