جلسة وزارية تجمع على أهمية الطاقات المتجددة في تحقيق الانتقال الطاقي وإحداث فرص الشغل

اختتمت، أمس الأربعاء بمراكش، أشغال النسخة الرابعة للقمة العالمية للهيدروجين الأخضر، المنظمة على مدى يومين، بمشاركة ثلة من صناع القرار السياسي ورواد الصناعة وباحثين وخبراء ومبتكرين مغاربة وأجانب، تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، من قبل معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة وتجمع الهيدروجين الأخضر بالمغرب (Cluster Green H2) وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية والوكالة المغربية للطاقة المستدامة، بإشراف من وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة.

منصة إقليمية لا محيد عنها

وفي هذا السياق، اعتبر المدير العام لمعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة، سمير رشيدي، أن هذه التظاهرة باتت منصة إقليمية لا محيد عنها لتوحيد الرؤى وتسريع اقتصاد الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع، مبرزا الدور الرئيسي للمملكة في هذا التحول، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس، من خلال مبادرات ملموسة من قبيل عرض المغرب في مجال الهيدروجين الأخضر.

وأشار رشيدي في كلمة افتتاحية، صباح أول أمس الثلاثاء، إلى إحداث منصة “Green H2A” بمدينة الجرف الأصفر، التي ستكون بمثابة مركز مرجعي لاختبار تكنولوجيا الهيدروجين، وتعزيز المنظومة الصناعية بالبلاد، موضحا أن هذا المشروع الطموح، الذي يحظى بدعم الشركاء الوطنيين والدوليين من قبيل المكتب الشريف للفوسفاط وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية فضلا عن الحكومة الألمانية، يساهم في تطوير منظومة الصناعة وتعزيز مكانة المغرب كرائد إقليمي في مجال الهيدروجين الأخضر.

آفاق كبيرة للمقاولات

من جانبه، أشار رئيس تجمع الهيدروجين الأخضر بالمغرب، محمد يحيى زنيبر، إلى أن الهيدروجين الأخضر يشكل تقدما تكنولوجيا مهما للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للمغرب، مشيرا إلى أن هذا الانتقال الطاقي يمنح آفاقا كبيرة للمقاولات المغربية الصغرى والمتوسطة، وبالتالي خلق فرص للشغل وتعزيز النسيج الاقتصادي.

وأكد أنه “بفضل 15 سنة من الخبرة في مجال تدبير الموارد المتجددة، فإن المملكة في وضع جيد يؤهلها لخلق سلسلة قيمة قوية حول الهيدروجين الأخضر، تشمل الإنتاج والنقل والتخزين وتطوير صناعة خضراء”، موضحا أنه لأجل ضمان تنافسية دولية للمغرب، يتعين تشجيع التعاون الوثيق بين القطاع الخاص والدولة، يكون معززا ببنيات تحتية ملائمة وإطار قانوني مناسب.

البحث في الطاقات المتجددة

بدوره، أكد رئيس جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، هشام الهبطي، أن الهيدروجين الأخضر يشكل أولوية للجامعة التي أطلقت المنصة التكنولوجية للهيدروجين الأخضر، مشيرا إلى أن هذا المشروع الذي يتمتع بقدرة تحليل كهربائي تبلغ 4 ميغاوات يهدف إلى اختبار وتحسين التكنولوجيات في المرحلة ما قبل الصناعية، وبالتالي المساهمة في تعزيز قطاع الهيدروجين بالمغرب.

وذكر بأن الجامعة أحدثت أيضا المدينة الخضراء، وهي منصة مخصصة للبحث في الطاقات المتجددة، مع إقامة شراكات مع أزيد من 20 فاعلا أكاديميا وصناعيا، مضيفا أن هذه المؤسسة الجامعية تضطلع بدور أساسي في تعزيز مكانة المغرب كرائد في مجال الطاقات المتجددة وفي بلورة حلول مبتكرة في مجال الهيدروجين الأخضر.

استراتيجية المغرب الطموحة

أما الرئيس المدير العام للوكالة المغربية للطاقة المستدامة، طارق مفضل، فقد توقف عند استراتيجية المغرب الطموحة ليصبح فاعلا رئيسيا في الانتقال الطاقي العالمي، من خلال الاستفادة من موارده الطبيعية وموقعه الجغرافي وبنياته التحتية، مشيرا إلى أن هذا الالتزام يشمل أيضا البحث عن التميز، بدءا من التصميم إلى تشغيل البنيات التحتية لإنتاج الكهرباء الأخضر.

وأشار إلى أن “الوكالة المغربية للطاقة المستدامة تهدف إلى جعل المغرب مركزا رئيسيا للهيدروجين الأخضر، وهي مبادرة مهمة لتعزيز الانتقال الطاقي وضمان التنمية المستدامة”، مشددا في هذا الصدد على أهمية التعاون الدولي وتبادل الخبرات لبناء اقتصاد أخضر مرن.

يشار إلى أن هذه القمة تشكل فرصة لاستكشاف المبادرات الرئيسية والاستراتيجيات المبتكرة المتعلقة بالهيدروجين الأخضر والتقنيات ذات الصلة. وتناقش القمة هذه السنة التقدم المحرز وفرص التمويل في قطاع الهيدروجين الأخضر والجزيئات النظيفة.

وتركز هذه النسخة، تماشيا مع التوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس بشأن تطوير الهيدروجين الأخضر، على العرض المغربي الطموح المتعلق بالهيدروجين الأخضر، وهو مبادرة تهدف إلى الاستفادة من الموارد الطبيعية التي تتمتع بها المملكة والتقدم التكنولوجي من أجل ترسيخ مكانة البلاد كمركز عالمي في هذا المجال.

تعاون وطني ودولي

تميز اليوم الأول، من فعاليات النسخة الرابعة للقمة العالمية للهيدروجين الأخضر، بالتوقيع على أربع اتفاقيات تتعلق بمجال الهيدروجين الأخضر، تهدف إلى تعزيز التعاون بين الفاعلين العموميين والخواص، على المستوى الوطني والدولي، من أجل تسريع تنمية المشاريع المندمجة في قطاع الهيدروجين الأخضر بالمغرب.

كما تتعلق بتنزيل حلول مبتكرة لإنتاج ونقل وتخزين هذه الطاقة النظيفة، وكذا تعزيز القدرات الصناعية والتكنولوجية اللازمة لقدرتها التنافسية.

وهكذا، تم إبرام الاتفاقية الأولى بين معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة، ومركز تنمية التكنولوجيا الصناعية، وهو هيئة تجارية عمومية تابعة لوزارة العلوم والابتكار والجامعات الإسبانية، والذي يشجع الابتكار والتطوير التكنولوجي للمقاولات.

وتهدف هذه الاتفاقية إلى تعزيز ودعم تطوير مشاريع التعاون التكنولوجي المشتركة بين الهيئات الإسبانية والمغربية في مجال التكنولوجيات الخضراء.

وتتعلق مذكرة التفاهم الثانية، الموقعة بين معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة ومجموعة “كلوستر تويد”، بالابتكار في مجال تخزين الطاقة وإنتاج الهيدروجين الأخضر للصناعة المغربية.

أما مذكرة التفاهم الثالثة المبرمة بين معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة ومجموعة “Mohring Energie Maroc”، فتهم التعاون الفني والتكنولوجي والبحث والتنمية.

وتهدف الاتفاقية الأخيرة، الموقعة بين تجمع الهيدروجين الأخضر بالمغرب “Green H2 Cluster” و”Fidaroc Grant Thornton” و”UGGC Africa Lawfirm”، إلى إنشاء منصة خبرات متعددة التخصصات للنظام البيئي للهيدروجين الأخضر في المملكة.

المغرب مركز لإنتاج الطاقة النظيفة

في سياق متصل، أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، أن المغرب يعد فاعلا أساسيا في مجال الهيدروجين الأخضر، بفضل الاستراتيجية الوطنية الطموحة الرامية لأن تصبح المملكة مركزا لإنتاج الطاقة النظيفة لإفريقيا والعالم.

وأبرزت بنعلي، في كلمة خلال أشغال القمة، أن تطوير الهيدروجين الأخضر يشكل رافعة أساسية للانتقال الطاقي بالمملكة ومحورا ذا أولوية في إطار الاستراتيجية الوطنية الرامية لإزالة الكربون .

وأضافت أن الهيدروجين الأخضر لا يعد فقط مجرد تكنولوجيا واعدة للاستجابة للتحديات المناخية، ولكنه أيضا عنصر أساسي للانتقال إلى نماذج اقتصادية نظيفة ومستدامة، موضحة أن “المغرب يمضي في الاضطلاع بدوره كرائد إقليمي في مجال الطاقة المتجددة التي ستكون في صلب هذا الانتقال إلى مستقبل أنظف وأكثر استدامة”.

وتطرقت في هذا الصدد، لمبادرة “عرض المغرب في مجال الهيدروجين الأخضر”، التي تعتمد على “مقاربة شمولية وعملية وشفافة”، توفر رؤية واضحة للمستثمرين إلى جانب إطار تحفيزي لتشجيع المشاريع في هذا القطاع الواعد.

وبعد أن أشارت إلى توفير وعاء عقاري يبلغ 1 مليون هكتار، منه مساحة 300 ألف هكتار ستكون متاحة في مرحلة أولى لحاملي المشاريع، أبرزت الوزيرة أن المملكة تعتزم الاضطلاع بدور رائد في إنتاج وتصدير الطاقات المتجددة، وتعزيز جاذبيتها للاستثمارات في قطاع التكنولوجيا النظيفة، مؤكدة من جهة أخرى، على أهمية التعاون الدولي والإقليمي لمواجهة التحديات الطاقية العالمية.

وخلصت إلى أن “الهيدروجين الأخضر والطاقات المتجددة يوفران فرصة فريدة لإفريقيا لتسريع تنميتها الاقتصادية مع الالتزام بمسار التنمية المستدامة”، مشيرة إلى أن المغرب، وبفضل إمكاناته الطبيعية وبنياته التحتية، مستعد للمساهمة بشكل فاعل في هذا الجهد الجماعي.

تعزيز المنظومة الصناعية الوطنية

من جهته، اعتبر وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، أن تحقيق الانتقال الطاقي الناجح رهين بتعزيز المنظومة الصناعية الوطنية.

وأكد مزور، خلال جلسة نقاش وزارية نظمت في إطار القمة، على أهمية بناء منظومة قوية قادرة على تعزيز هدف إدماج 30 إلى 40 في المائة من الطاقة المتجددة ضمن المزيج الطاقي الوطني.

وفي هذا الصدد، شدد الوزير على ضرورة إعداد الصناعة الوطنية لمواجهة هذه التحديات الكبرى، مشيرا إلى الإمكانات الكبيرة التي يوفرها الانتقال الطاقي لتحويل المشهد الاقتصادي للمملكة، داعيا إلى بذل المزيد من الجهود من أجل ضمان تكيف أمثل للصناعة.

من ناحية أخرى، سلط مزور الضوء على أهمية تثمين المواهب والقدرات المحلية في تطوير مشاريع الطاقات المتجددة، داعيا إلى تعريف المستثمرين بهذه الإمكانات “التي غالبا لا يتم استغلالها بالشكل المطلوب”.

مبعوثا بيان اليوم إلى مراكش

تغطية: عبد الصمد ادنيدن

تصوير: طه ياسين شامي

Top