فريق طبي مغربي ينجح في إجراء أول عملية علاج ورم حميد بتقنية التردد الحراري

كما في جميع المجالات، تثبت الكفاءات المغربية في الميدان الطبي أنها قادرة على رفع تحدي تطوير الخدمات وتيسير الولوج إلى العلاجات إذا ما توفرت الإمكانيات والظروف الملائمة للأداء المهني الأفضل.
في هذا الصدد تمكن، مؤخرا، فريق طبي بقيادة الدكتور محمد أمين علوان، اختصاصي أمراض الأنف والحلق والحنجرة، من إجراء أول عملية لعلاج تورم الغدة الدرقية بتقنية التردد الحراري، وذلك في سابقة من نوعها بالمغرب، وتحديدا بمدينة الدار البيضاء. وهكذا أصبحت هذه التقنية الحديثة متوفرة ببلادنا كثاني بلد إفريقي بعد مصر.
وأوضح الدكتور علوان، في اتصال هاتفي أجرته معه بيان اليوم أول أمس، أن تقنية علاج تورم الغدة الدرقية بواسطة التردد الحراري (Thermo ablation du nodule thyroïdien par radiofréquence)، تمكن من علاج الورم الحميد بدون جراحة وتحت تخدير موضعي فقط، ولذلك تمكنت السيدة التي أجريت لها العملية يوم الاثنين الماضي، بإحدى مصحات مدينة الدار البيضاء، من مغادرة المصحة في نفس اليوم مع توصية لها بتناول بعض المسكنات الخفيفة لأن العملية تتميز أيضا بأنها لا تسبب آلاما شديدة. وكانت المريضة تعاني من ورم حميد في الغدة الدرقية بحجم 3 سنتمتر، مما أصبح يسبب لها صعوبة في البلع وبالتالي معاناة يومية.
وأضاف د.علوان أنه في السابق كان السبيل الوحيد لوضع حد لمثل هاته المعاناة هو الجراحة، حتى وإن كان الورم حميدا، مع كل ما يصاحب ذلك من صعوبات بالنسبة. للمريض سواء قبل أو بعد العملية الجراحية. ولكن اليوم، وبفضل هذه التقنية الجدية، أصبح من اليسير التخلص من هاته المعاناة من خلال حصة علاجية وحيدة، تتميز بالسرعة والبساطة والفعالية في نفس الوقت، علما يقول المختص، أن ثلثي حالات الغدة الدرقية ببلادنا تتعلق بأورام حميدة، وبالتالي فإن التقنية تفتح آفاقا كبيرة لتفادي عدد هائل من العمليات الجراحية المرهقة للمرضى وللمنظومة الصحية على حد سواء.


وعن المسار العلاجي لهذه التقنية، يفسر د.علوان أنه بعد إخضاع الحالة للفحص بالصدى وأخذ عينة موضعية للتأكد من حالة الورم، يتم تخدير المريض تخديرا موضعيا، ثم إدخال أداة التردد الحراري على مستوى العنق في موضع الورم، وهذه الأداة تشبه الإبرة الدقيقة التي يتم أخذ العينات بواسطتها. لتقوم الأداة، تحت توجيه الموجات فوق الصوتية، بعملية حرق موضعي للورم، الشيء الذي يؤدي إلى انكماشه. وتكون العملية خالية من الألم، كما أنها تعد بدون مضاعفات بحيث يمكن للشخص المعالج العودة إلى مزاولة نشاطه مباشرة بعد مغادرته للمصحة. وتقتصر متابعة الحالة لاحقا على إجراء فحص بالصدى بصفة دورية (بعد شهر من الحصة العلاجية، ثلاثة أشهر ثم ستة أشهر)، للتأكد من أن الورم قد توقف عن النمو بصفة نهائية.
وأضاف المختص أن هذه التقنية، التي تعتبر جد حديثة في العالم، لكنها سريعة الانتشار، تقتصر حاليا على الأشخاص الذين يعانون من أورام حميدة، وذلك لضمان فعالية العلاج. كما أن الحصة العلاجية تجري داخل مصحة مجهزة لضمان أفضل ظروف للحد من أي مضاعفات، لكن هذا لا يمنع، بالنظر إلى ضمانات الأمان العالية للتقنية، من القول بأنها قد تصبح لاحقا ممكنة حتى داخل العيادات، بعد انتشارها بشكل أوسع وإتقان الأطباء المغاربة لها بصفة أفضل.
وجوابا عن سؤال لبيان اليوم حول تكلفة هذه التقنية العلاجية، أوضح د.علوان أنها لا تدخل للأسف ضمن العلاجات التي يتم تحمل تكاليفها ضمن نظام التغطية الصحية، معبرا عن أمله في أن يتم إدراجها ضمن العلاجات التي تتم تغطيتها، خاصة أن الأداة التي تستعمل في تقنية التردد الحراري تعتبر ذات استعمال وحيد وبالتالي يجب توفير أداة خاصة لكل مريض. ولكن فعالية التقنية ومستوى ضمانات خلوها من المضاعفات، وكذا سرعة العملية الستشفائية، يجعل منها خيارا مهما لتحسين الخدمات وتخفيف أعبائها سواء بالنسبة للمريض أو للنظام الصحي ببلادنا.

< سميرة الشناوي

Top