أزمة كليات الطب تصل إلى الباب المسدود

وصلت أزمة كليات الطب والصيدلة بالمغرب إلى الباب المسدود، بعدما تشبثت وزارة التعليم العالي ببرمجة الامتحانات منذ الخميس الماضي، وهي الامتحانات التي قاطعها طلبة الطب بنسبة تجاوزت 95 بالمئة.

وفشلت وزارة التعليم العالي للمرة الخامسة في إقناع الطلبة باجتياز الامتحانات بعدما قامت ببرمجتها أسبوعا بعد بداية الموسم الجامعي الجديد، حيث تشبث الطلبة الأطباء بدورهم بالموقف الذي سبق وان أعلنو عنه، وهو عدم اجتياز الامتحانات واستمرار المقاطعة إلى حين سحب التوقيفات والعقوبات وسحب القرارات الجديدة التي همت التكوين الطبي من حيث الدفتر البيداغوجي ومدة التكوين وإجراء التداريب.

ووفق مصدر “بيان اليوم” داخل اللجنة الوطنية لطلبة الطب بالمغرب، فإن قرار مقاطعة الامتحانات من جديد، كان مقررا سلفا لأن الأسباب التي دفعت الطلبة لمقاطعة الدروس والامتحانات ما تزال قائمة والتي تتمثل في “القرارات العشوائية” لوزارة التعليم العالي.

وأورد المصدر ذاته أنه لا يعقل أن تواصل الوزارة الوصية سياسة تجاهل مطالب الطلبة وتهميشهم والتعامل معهم باستعلاء وفرض الأمر الواقع من خلال فرض الامتحانات كسبيل وحيد لحل الأزمة، بدل الحوار الفعلي والجاد.

ولفت المصدر نقلا عن الطلبة الأطباء، أن نهاية الأزمة ممكنة من خلال حوار جدي وتحلي الوزارة الوصية بالتواضع والجلوس لطاولة الحوار والنقاش بشأن مختلف النقاط المتعلقة بالتكوين والدفتر البيداغوجي وباقي المطالب والخروج باتفاق ملزم وإنهاء الأزمة.

وأوضح المصدر أن الطلبة يستغربون من سياسة الوزارة التي أصبحت لا تعير اهتماما للأوضاع المحتقنة بكليات الطب والصيدلة وتستمر في صم آذانها عن المطالب “العادلة والمشروعة”، مقابل ترويج “سردية” حول مطالب غير موجودة واتهام الطلبة بالتدخل في أمور تتعلق بالعدد والمنهج أو غير ذلك.

وأكد المصدر على أن المطالب المعبر عنها كانت واضحة منذ بداية الاحتجاجات، مذكرا في كونها تتثمل في رفض قرار حذف السنة السابعة الذي يعتبره الطلبة خطأ كبيرا، بالنظر لأهميتها في التكوين، وبالنظر لكون حذف سنة لم يشمل مسار التكوين الحالي 5 أساسي + 2 تكويني تطبيقي، بل شمل التكوين الأساسي، إذ حسب النظام الجديد ستصبح الصيغة هي 4 + 2. مستغربين مما جاء به الدفتر البيداغوجي الذي وبالرغم من كونه قلص سنة من الدراسة إلا أنه رفع عدد الساعات من المعمول من 4500 ساعة في الظام الحالي إلى 5000 ساعة في النظام الذي تحاول الوزارة تنزيله.

وسجل المصدر أن الطلبة منذ السنة الماضية عبروا عن رفضهم لهذا التوجه الذي يضرب عمق التكوين الطبي وجودته ويكشف، بحسبهم، تناقض الوزارة وزيف ادعائاتها بخصوص مسار الإصلاح، مشددين في هذا الإطار على رفضهم للإصلاح الذي يمس مسارهم الأكاديمي ومسار الأجيال القادمة.

وزاد المصدر أن الحوار يجب أن يكون بشأن هذه المطالب ومناقشتها إلى جانب مطالب أخرى سبق وأن نوقشت مع الوزارة الوصية، وأن يتم، بحسبه، الجلوس إلى طاولة الحوار بشأنها من أجل الخروج بحلول عملية لإنهاء الأزمة، عوض برمجة الامتحانات وتوزيع نقط الصفر على آلاف الطلبة.

إلى ذلك، كشف المصدر أن لجنة مكونة من ممثلين عن الطلبة من مختلف كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان عقدوا اجتماعا أوليا مع “وسيط المملكة” باعتباره مؤسسة وطنية من أجل طرح هذه الأزمة على طاولته قصد البحث عن حلول عملية.

وأوضح المصدر أن لجوء الطلبة للوسيط جاءت نتيجة فشل مختلف المبادرات الأخرى واستمرار استعلاء الوزارة ورفضها للحوار، مشيرا إلى الطلبة يأملون أن تجد مبادرة الوسيط مخرجا لهذه الأزمة التي تضرهم بالدرجة الأولى، وتضر التكوين الطبي، مجددا التأكيد على ضرورة التدخل من أجل إنهاء هذه الأزمة والاستجابة لمطالب الطلبة “العادلة والمشروعة”.

إلى ذلك، كان طلبة الطب والصيدلة قد وجهوا نداء إلى المجتمع المغربي حول هذه الأزمة، حيث طلبوا من خلاله الدعم والوقوف بجانبهم بعدما تجاوزت الأزمة شهرها التاسع وبعد الإهمال والتهميش الذي طالهم، والذي قالوا إنهم كانوا فيه “ضحية لعدم جدية المسؤولين الذين يدفعون بنا نحو سنة بيضاء دون مبالاة بمستقبلنا”، وفق تعبيرهم.

وذكر الطلبة الأطباء بأنهم دخلوا في إضراب منذ دجنبر 2023 من أجل أبسط الحقوق، وهو الحق في جودة التكوين ترقى إلى لتطلعات الطلبة وتطلعات المواطن المغربي، حيث أردف الطلبة “إننا نرحب بالإصلاح الواقعي ونرفض الحلول الترقيعية التي من شأنها تفريخ الأطر دون احترام معايير الجودة والكفاءة والتي ستروح ضحيتها مباشرة خمس دفعات حاليا”.

هذا، ويواصل الطلبة الأطباء الاحتجاج بمختلف كليات الطب والصيدلة ومقاطعة الامتحانات، وهو ما تقابله مجموعة من الكليات بالمنع والتضييق على الوقفات والاحتجاجات، كما وقع في كلية الطب والصيدلة بالدارالبيضاء التي منعت السبت الماضي وقفة احتجاجية للطلبة.

وأقدمت الكلية المذكورة على إغلاق الأبواب في وجه الطلبة لثنيهم عن تنظيم الوقفة الاحتجاجية، وهو ما اعتبره عدد من المتابعين يكشف عن سياسة الوزارة وعن نيتها في التضييق على طلبة الطب وعدم البحث عن مخرجات فعلية لإنهاء الأزمة.

إلى ذلك، وبالرغم من المقاطعة ما تزال مختلف كليات الطب والصيدلة تحافظ على برمجة الامتحانات، الأمر الذي اعتبره الطلبة تصعيدا في حقهم وتشبثا بسياسة الإقصاء وفرض الأمر الواقع، التي جددوا رفضها، كما جددوا رفضهم لأن يكونوا “ضحايا لتأخر الإصلاح”، في إشارة منهم للتشبث برفض الهندسة البيداغوجية التي تعتزم الوزارة تنزيلها من خلال تقليص سنوات الدراسة.

محمد توفيق أمزيان

Top