من كلمات العشاء الملكي

اشترك خطابا جلالة الملك والرئيس الفرنسي، أثناء مأدبة العشاء الرسمية مساء أول أمس بالدار البيضاء، في التركيز على أمرين جوهريين في العلاقات بين المغرب وفرنسا.
الأمر الأول يتعلق بالإنسان، أي بمواطنات ومواطني البلدين، ذلك أن جلالة الملك أشاد بمواطني البلدين المقيمين في المغرب وفرنسا (الذين يرجع الفضل لانخراطهم وحيويتهم ومواهبهم الخلاقة، في تعزيز وإثراء الروابط التي تجمعنا)، كما أن الرئيس الفرنسي خاطب جلالة الملك بالقول:(إن ما يقربنا اليوم هم مواطنونا، مغاربة فرنسا وهم عديدون، مغاربة وفرنسيون، فرنسيون من أبناء المهاجرين، إنهم مغاربة ظلوا كذلك، لكنهم مرتبطون بفرنسا، كما أن ما يقرب بيننا أفراد الجالية الفرنسية المقيمة بالمغرب(…)، فبفضل هؤلاء المواطنين الذين يتواصلون ويتعارفون تجمعنا اليوم وشائج الإخاء والصداقة…).
أما الأمر الثاني الذي اشترك فيه خطابا قائدي البلدين، فيهم تركيزهما معا على… القيم، وهي التي قال الرئيس الفرنسي بأنها هي بالذات التي تجمع بين البلدين، وبأن القيم التي تدافع عنها الرباط وباريس هي قيم ليست لها حدود، ذلك أن كل الدول تطالب بأن تكون محررة ومحمية ولا أحد يرغب في أن يكون خاضعا، وخاصة لخطر الإرهاب.
لقد أكد جلالة الملك على أن المملكة المغربية، التي تعتز بتاريخها، تسير بإيمان وحزم على درب تحقيق مشروعها المجتمعي المنفتح والخلاق، القائم على أسس قوية، وأعلن الرئيس الفرنسي، من جهته، أن بلاده محظوظة لكونها تعول على صديق مثل المغرب، كما جدد التأكيد بوضوح لافت على أن  لفرنسا الثقة التامة في المغرب، وعلى أن العلاقة التي تربط بين البلدين علاقة فريدة، وهي تتجاوز التناوب والتغيرات السياسية، بل تتجاوز حتى الأشخاص.
إن هذه الفقرات والجمل المنتقاة من كلمتي قائدي البلدين أثناء حفل عشاء أول أمس برحاب القصر الملكي في الدار البيضاء، لا تجسد ضرورة القيام بواجب بروتوكولي اعتيادي في مثل هذه المناسبات، وإنما هي تعكس وعيا مشتركا بضرورة جعل علاقة الرباط وباريس شراكة إستراتيجية للمستقبل، وذلك خدمة لمصالح البلدين، وأيضا للمصالح الحيوية الإقليمية والدولية، وللقيم التي توحد تطلعات البلدين في عالم اليوم.
صحيح أن الاعتبارات الاقتصادية والتجارية كثيفة بين البلدين ومتداخلة، وتجعل الطرفين معنيين بحماية العلاقات الثنائية بينهما، والحرص الدائم على تطويرها، ولكن العامل الجغرافي والاستراتيجي يبقى أيضا أساسيا، وقد كانت لافتة إشارة الرئيس الفرنسي إلى تنوع وتعددية الهوية المغربية، فضلا عن قوله بأن  المغرب وفرنسا يتقاسمان طموح المساهمة في قيام عالم أكثر عدلا وسلما وأمنا ، كما كان التأكيد الملكي جليا أيضا عند دعوة جلالة الملك إلى إسهام المغرب وفرنسا حول المتوسط في بلورة حلول مجددة وخلاقة من أجل إرساء أخلاقيات جديدة في العلاقات بين إفريقيا والعالم العربي- الإسلامي وأوروبا…

Top