ملف اجتماعي لا بد من حله

يطرح الاحتجاج المستمر منذ شهور من طرف عمال شركة النقل الحضري بمدينة فاس «سيتي باص»، والذي يتواصل هذه الأيام بالعاصمة الرباط كثير أسئلة تتعلق بما هو قانوني،

وأيضا بالجوانب الإنسانية والاجتماعية، بالإضافة إلى ما يطرحه المعنيون من قضايا تتعلق بحرية الانتماء النقابي وحق تأسيس مكتب نقابي، وكذلك ما يحيط بعملية التدبير المفوض للنقل الحضري بالعاصمة العلمية.
ليست الأهمية هنا في أن نبدي اتفاقا أو اختلافا مع هذه القضية أو تلك، ومع هذا المطلب أو ذاك، وإنما السؤال المراد طرحه هنا، هو أن هذه القضية أثيرت في كثير من المحافل النقابية الدولية، كما قيل وكتب عنها الكثير داخل البلاد وخارجها، فهل من المستحيل السعي لإيجاد حل لها؟ ومن ثم توفير كل هذه الإساءة على بلادنا في هذه الظرفية الدقيقة.
ليس أخطر على نجاعة العمل السياسي أو التدبيري من التفريط في الانتباه إلى عامل الوقت، أي تأجيل القرارات المفروض اتخاذها اليوم إلى الغد أو إلى أجل آخر بلا تحديد، وهنا يمكن للمشاكل أن تتحول من قضايا صغيرة إلى أزمات قد يستعصي حلها.
في القضية المثارة هنا لا تهم التفاصيل والحيثيات، وإنما الأساس هو إبراز إرادة قوية وواضحة للبحث عن حل مقبول في مدى زمني مقبول، وهي ليست سوى نموذجا لقضايا أخرى موجودة في هذه المنطقة أو تلك، ويكون بالإمكان حلها لو تم الوعي بأهمية الوقت وخطورته، ولو حضرت الإرادة السياسية ووضوح الرؤى.
قضية عمال «سيتي باص»، الذين عقدوا ندوة صحفية في مقر اعتصامهم بالاتحاد المغربي للشغل بالرباط، تحيلنا كذلك على باقي ملفات المسألة الاجتماعية في بلادنا، سواء تعلق الأمر بالنزاعات الواقعة هنا أو هناك، أو بالأسعار والقدرة الشرائية لفئات واسعة من شعبنا، أو أيضا بالتشغيل والسكن والصحة والأجور، وهي كلها تجسد التطلعات الملحة اليوم لشعبنا، وأيضا أبرز الأولويات التي يجب أن تعلن الحكومة عن برامج وإجراءات محددة بخصوصها، وأن تعيد بذلك الأمل والثقة لمواطناتنا ومواطنينا.
في هذه الظرفية الاقتصادية والمالية الصعبة والدقيقة، بلادنا في حاجة إلى تقوية وتمتين استقرارها الاجتماعي، وذلك من خلال الانكباب العاجل والجدي على الانتظارات الاجتماعية، والحرص على تعزيز الحماية الاجتماعية للشغيلة، والنهوض بأوضاعها المعيشية، وفي نفس الوقت ضخ نفس جديد وقوي في الحياة الاقتصادية والتنموية الوطنية…
وقضية «سيتي باص» تقدم لنا اليوم نموذجا عن الملفات والقضايا التي يمكن حلها من خلال الحزم السياسي والإصرار على تطبيق القانون، والحرص على حقوق الناس ومستقبلهم.
[email protected]

 

Top