التفسير السياسوي للدستور

يتواصل الجدل داخل البرلمان وعلى الصعيد الإعلامي بين الفرقاء السياسيين حول التنصيب البرلماني للحكومة الحالية، ويخشى الكثيرون أن يجر هذا الجدل النقاش البرلماني مرة أخرى إلى سجالات عقيمة تقود الحقل السياسي

برمته إلى الشرود عن القضايا الجوهرية والتحديات المطروحة اليوم على البلاد.
في كثير من المرات تطرح قضايا ذات خلفية قانونية أو دستورية مغلفة بلبوس سياسي حزبي، ما يجعل نقاشها يضيع وسط الحسابات الشعبوية البسيطة، ولا تخلف للبلاد سوى ضياع الوقت، والابتعاد عن الرهانات التي يطرحها شعبنا، والقضية المتداولة اليوم واحدة من هذه الأمثلة، حيث أنه بالرغم من وضوح المقتضى الدستوري لا نسمع إلا كثير تأويل هنا وهناك يلتصق بالتموقع الحزبي والسياسي ولا يخرج عنه.
عندما يقدم الملك خطابا صريحا وقويا حول قضايا التعليم والتكوين، ثم يردف ذلك بخطاب قوي آخر يتطرق إلى واقع الدار البيضاء وإلى تحديات الوحدة الترابية وإلى اختلالات الانتداب الجماعي والبرلماني، فالمنتظر كان هو أن تستثمر المؤسسة التشريعية افتتاح دورتها الجديدة لتعلن هي أيضا… حالة الاستنفار، وتبرز للجميع حسن التقاطها للإشارة الملكية، وتنكب على تطوير أدائها العام، وعلى تأهيل قدرتها في التشريع وفي مراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية وفي الفاعلية الديبلوماسية، لكن لحد الآن لم نشاهد إلا مقدمات معروفة من شأنها تكريس واقع معروف أيضا.
ليس الغرض هنا تحميل البرلمان وزر كل الاختلالات، وإنما القصد أن المؤسسة التشريعية يجب أن تكون محور الدينامية السياسية الوطنية، ولذلك لابد لها من كثير كفاءة وجدية ورصانة، ولابد أن يخرج البرلمانيون من الدوائر المغلقة لحساباتهم الحزبية الضيقة، ويستحضرون حاجة البلاد كلها إلى الاهتمام بالقضايا الأساس، بدل التيه في… اللامعنى.
في السجال المتعلق اليوم بالتنصيب البرلماني لحكومة بنكيران الثانية كثير سياسة وحسابات حزبية، ولن يكون في النهاية إلا قضية من ضمن القضايا / الخطأ التي يتم إغراق البلاد فيها، وذلك حتى لو تم اليوم تغليفه من لدن البعض بمعجم المزايدات من قبيل: التفسير الرجعي أو التقدمي للدستور، أو اللعب على بعض المرجعيات التي يتم لي عنقها تعسفا لكي تسعف الخطاب الشعبوي.
المطلوب اليوم أن نضع السجال المشار إليه ضمن منطقه الدستوري والقانوني بلا حسابات أو مزايدة، وحينها سيكون الحل سهلا، وستتيسر الرؤية، وسنتيح للبرلمان أن يهتم بـ… «المعقول».

[email protected]

Top