المغرب وحقوق الإنسان

خاض وفد برلماني مغربي مؤخرا معركة ضارية داخل البرلمان الأوروبي انتهت يوم الثلاثاء عقب التصويت على تقرير حول وضعية حقوق الإنسان بمنطقة الساحل،

قدمه عضو البرلمان الأوروبي البريطاني شارلز تانوك، وصار التقرير يعرف باسمه.
الوفد البرلماني المغربي عبر عن ارتياحه لنتيجة التصويت النهائي في ستراسبورغ، ووصف ذلك بكونه فشلا لمناورات برلمانيين أوروبيين يساندون مواقف الانفصاليين، كما أن الصيغة الأخيرة للتقرير لم تغفل أيضا الوقوف على انتهاكات لحقوق الإنسان بمخيمات تيندوف، وشددت على (ضرورة إيجاد حل سياسي متفاوض بشأنه، مستدام ومقبول من الأطراف للنزاع حول الصحراء).
لقد نجحت الديبلوماسية البرلمانية هذه المرة في إجهاض مناورات خصوم الوحدة الترابية للمغرب داخل البرلمان الأوروبي، وتلك خطوة في غاية الأهمية، خصوصا بارتباط مع اتفاق الصيد المغربي الأوروبي، وفي السياق السياسي والاستراتيجي الحالي إقليميا وعالميا، ولكن مع ذلك، فإن محطة ستراسبورغ، وبالموازاة معها زيارة كريستوفر روس للمنطقة منذ أيام، كشفتا معا عن حاجة بلادنا إلى تقوية مهاراتها و»هجوميتها» داخل المحافل الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان أساسا، ووسط مؤسسات وهياكل صنع القرار الدولي.
بالرغم من كل الخطوات التي يحققها المغرب في مجال حقوق الإنسان، وبالرغم من كثير نقاط تميز مساره السياسي والديمقراطي عن عدد من البلدان العربية والإفريقية وغيرها، فإن «التيمة» الحقوقية دائما  تكون في وجه المملكة، وكثيرا ما يجري استغلالها من لدن خصوم الوحدة الترابية، وهذا يعني ببساطة أن ديبلوماسيتنا الرسمية وبقية المؤسسات والآليات فشلت في تفعيل الوصفة المناسبة للدفاع عن الرصيد الحقوقي والديمقراطي للمملكة لدى مختلف الأوساط العالمية.
إن بلادنا تتوفر على تجربة عريقة، وتمتلك نسيجا جمعويا مستقلا وديناميكيا في الداخل والخارج، كما أن لديها النصوص والآليات ذات «التنافسية» مع الأوضاع المماثلة في المنطقة وخارجها، وهي أيضا تتوفر على الخبراء والكفاءات المشهود لها بالمعرفة خارج البلاد، ومع ذلك فإننا لم نستثمر كل هذا  لتفادي «ضربات» تنزل على بلادنا وسمعتها بين الفينة والأخرى.
من المؤكد أن بعض التقارير والمواقف الدولية لا تخلو من مبالغات ومعاينات منحازة مسبقا، ولكن في الآن ذاته هناك سلوكات يتم اقترافها هنا داخل البلاد تؤدي إلى جعل كامل المنجز أحيانا كما لو أنه لاشيء، ولا تستفيد منها البلاد سوى الإدانات وبلاغات الشجب، ثم إن مستوى التعاطي مع الميكانيزمات المتعامل بها في مثل هذه المحافل غالبا ما يكون ضعيفا وغير متوافق، ما يؤدي إلى تضييع كثير فرص على بلادنا، ويضاف إلى كل هذا أن كثير خبرات مغربية لا يتم استثمارها والاستفادة من مهاراتها ومصداقيتها، وبعضها يتم إغراقها في الآليات البيروقراطية من دون أي استفادة عملية منها…
كل هذا يقتضي اليوم التغيير، أي التغيير في المقاربة والأسلوب والأهداف ومجالات التركيز والاستهداف…
قضيتنا الوطنية الأولى مقبلة على كثير تحديات في المرحلة القريبة، وسيكون الموضوع الحقوقي حاضرا بقوة في دوائر الصراع والضغوط والمناورات، ومن الضروري أن تحضر بلادنا بقوة داخل الحراك وتتفاعل معه وفيه، وتحرص على كسب رهاناته.
[email protected]

 

Top