مسيرة مليونية مناهضة للعنف على صحيفة «شارلي إيبدو» الساخرة.. وتنديد دولي بالعمل «الإرهابي»

11 دولة حاضرة بمسيرة باريس..
بدأت فرنسا بلملمة جراحها بعد الصدمة التي حلت بها، مطلع العام الحالي، عبر جملة من الفعاليات الرسمية والاحتجاجية تنديدا باتساع رقعة ظاهرة الإرهاب، في مشهد لم تر البلاد مثله منذ الحرب العالمية الثانية، وسط حضور لافت لقادة ورؤساء حكومات من عديد البلدان.
واعتبر وزير الداخلية الفرنسي، برنار كازنوف، أول أمس الأحد، أن قوانين مكافحة الإرهاب المعتمدة حاليا في الاتحاد الأوروبي غير كافية، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقال كازانوف إن “ظاهرة المقاتلين الأجانب في سوريا والعراق ساعدت على انتشار الإرهاب، وسنعمل على تعديل اتفاقية شينغن لفرض إجراءات مراقبة على الحدود بين دول الاتحاد الأوروبي”.
وأوضح وزير الداخلية الفرنسي الذي عاشت بلاده في بحر الأسبوع الماضي، أياما عصيبة جراء قيام متطرفين بهجمات إرهابية في باريس، أن الاتحاد سيواجه الإرهاب بإستراتيجية جديدة تحقق الأمن.
جاء ذلك في تصريح صحفي، عقب مشاركته في قمة مكافحة الإرهاب التي استضافتها بلاده، أول أمس الأحد، شارك فيها وزراء معنيون من 11 دولة أوروبية، تعد أكثر تضررا من الإرهاب، إضافة إلى وزير العدل الأميركي إريك هولدر.
ولم يكشف كازنوف بالتفصيل عن تلك الإستراتيجية، لكنه أشار إلى أن الاجتماع ناقش سبل منع توجه شباب أوروبا للقتال خارج البلاد، وكيفية مواجهة التهديد المحتمل الذي قد يشكلونه بعد عودتهم.
ويأتي هذا الاجتماع الاستثنائي في ظل الهجمات الإرهابية التي أودت بحياة 20 شخصا من بينهم منفذي عملية شارلي إيبدو الأخوين كواشي ومحتجز الرهائن في متجر يهودي، شرق باريس، أميدي كوليبالي، في الأيام القليلة الماضية في العاصمة.
وقد أعقب هذا مظاهرة تاريخية أطلق عليها مسيرة “الجمهورية” شارك فيها أكثر من مليون شخص من مختلف الأطياف الفرنسية بمن فيهم الجالية العربية المسلمة، وبحضور أكثر من خمسين زعيما ورئيس حكومة منهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة ووزراء خارجية دول خليجية ومغاربية.
وجاءت المشاركة الرسمية العربية بشكل لافت في هذه الفعالية غير المسبوقة بفرنسا، للتأكيد على الموقف الرافض للإرهاب وسعيا منها لمنع التباس الموقف بين الإسلام كدين تسامح ومحبة وبين المتطرفين الإسلاميين الذين يحاولون الإضرار بهذه الصورة.
ويحذر محللون من أن أجهزة الأمن الغربية المتخصصة في مكافحة الإرهاب ستتجاوزها الأحداث إذا لم تتخذ إجراءات أكثر صرامة حيث يتعين عليها مراقبة كل عناصر التيار الاسلامي المتطرف.
وفي خضم ذلك، طالب وزير الداخلية الإسباني، خورخيه فرنانديز دياز، بتعديل اتفاقية شينغن للسماح بمراقبة الحدود الداخلية للاتحاد للحد من تحرك المقاتلين العائدين إلى بلدانهم الأصلية في أوروبا.
وبالتوازي مع ما تسعى إليه الحكومات الأوروبية في الوقت الحاضر، دعا وزير الداخلية البلجيكي، جان جانبون، إلى وضع لائحة أوروبية للمقاتلين الأجانب الذين ينضمون إلى تنظيمات إسلامية متطرفة.
وكتب الوزير في تغريدة على “تويتر”، أول أمس الأحد، إن “التعاون بين أجهزة بلداننا بالغة الأهمية، ويجب وضع لائحة أوروبية للمقاتلين الأجانب”.
ويعتقد مراقبون أن الدول الأوروبية عليها أن تنتقل من مرحلة ما تسمى بالسياسات الجامدة المعتمدة حاليا التي سمحت للمتطرفين بالنشاط دون أي مراقبة إلى مرحلة إستراتيجية الحزم.
وكان رئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو رينزي، قد ساق مقترحا قبل الاجتماع الاستثنائي يقضي بإنشاء جهاز استخبارات أوروبي، لكن ذلك المقترح يبدو أنه محل جدل من قبل عدة دول في الاتحاد الأوروبي.
حضور مغربي.. وامتناع عن المشاركة
وحل وفد مغربي أول أمس الأحد يضم كلا من وزير الشؤون الخارجية والتعاون وسفير جلالة الملك بباريس، من أجل إبلاغ تعازي المملكة المغربية الحارة لرئيس الجمهورية الفرنسية والحكومة الفرنسية، على إثر هذه الاعتداءات.
ولم يشارك الوفد المغربي في المسيرة المنظمة بباريس بسبب رفع رسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول محمد “صلى الله عليه وسلم” بحسب بيان لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون.
ووقعت عدة شخصيات مغربية على وثيقة تنشر بصحيفة “لوموند” الفرنسية في عددها الذي صدر أول أمس الأحد، تضامنا مع أسبوعية “شارلي إيبدو” الساخرة التي كانت الأربعاء الماضي هدفا لاعتداء خلف 12 قتيلا وعددا من الجرحى.
وعبر الموقعون على هذه الوثيقة عن استيائهم وحزنهم عقب هذا الاعتداء الإرهابي الذي استهدف الحرية، مؤكدين عزمهم عدم الإذعان للخوف.
كما أعربوا عن تضامنهم مع أسر وأقارب ضحايا هذا الهجوم الإرهابي خاصة أعضاء فريق أسبوعية “شارلي إيبدو” وضمنهم الرسامين شارب وكابو ووولينسكي و تينيو وأونوري، والشرطيين الذين قضيا عليهم في الهجوم.
ومن بين الشخصيات الموقعة على الوثيقة، الكاتب الطاهر بنجلون، ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان إدريس اليزمي، والمخرج السينمائي نبيل عيوش، والبرلمانية أمينة ماء العينين، والكاتبة العامة للفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان أمينة بوعياش، والجامعي محمد الطوزي.
أكادير.. الرباط.. الدار البيضاء..مسيرات تضامنية..
ونظم صحافيون وفنانون ومثقفون وممثلون عن المجتمع المدني ومواطنون من مختلف المشارب، الجمعة الماضي أمام مقر وكالة فرنس برس بالرباط، وقفة تضامنية مع ضحايا الهجوم الإرهابي الذي استهدف الأسبوعية الفرنسية “شارلي إيبدو”.
والتأم المشاركون في هذه الوقفة في تجمع صامت من دون لافتات ولا خطب، حاملين الشموع التي تعبر عن الأمل في مستقبل أفضل وللتعبير عن تضامنهم مع ضحايا الهجوم الإرهابي الجبان الذي استهدف الأسبوعية الفرنسية الساخرة وأقاربهم.
وقال رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان إدريس اليزمي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن “هذه الوقفة تأتي للتعبير عن الإدانة الشديدة لهذا العمل الإرهابي الذي ليس له أي معنى أو مبرر”، مشيرا إلى أن هذه الوقفة تشكل فعلا تضامنيا للشعب المغربي مع أسر وأقارب ضحايا هذا الهجوم الجبان.
من جانبه، قال سفير فرنسا بالرباط، شارل فريس، إنه “من المهم أن نقف هنا اليوم لنعبر عن تعاطفنا ومواساتنا لأسر الضحايا الذين سقطوا قبل يومين، داعيا “في مثل هذا الظرف، إلى التحلي بالتآزر والتضامن والهدوء”.
وقال في نفس السياق، إن “هذا التجمع يشكل مناسبة لنظهر أننا نحارب بحزم هؤلاء المتعصبين الذين ارتكبوا أفعالا لا تمت للإسلام وأية ديانة أخرى بصلة. ومن المهم جدا أن نظهر أننا متحدون لمكافحة الإرهاب في احترام لقيمنا ولمبادئ الحرية”.
وأضاف أن “هؤلاء المتعصبين أرادوا، من خلال هذا العمل الإرهابي، الهجوم على أسس الديمقراطية وحرية التعبير”، منوها “بردود فعل السلطات المغربية على أعلى مستوى، خاصة برقية التعزية والمواساة التي بعث بها جلالة الملك محمد السادس إلى الرئيس الفرنسي، ورد فعل رئيس الحكومة والأحزاب السياسية والبرلمانيين والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني المغربي”، وقال “إننا نقدر كثيرا وقوف جميع مكونات الشعب المغربي إلى جانب الشعب الفرنسي”.
كما نظمت أيضا مساء السبت الماضي أمام القنصلية الفرنسية العامة بأكادير وقفة تضامنية مع ضحايا الهجمات الإرهابية التي شهدتها فرنسا مؤخرا.
وشارك في هذه الوقفة التضامنية عدد من الفاعلين الجمعويين والصحافيين والمواطنين المغاربة، بالإضافة إلى أعضاء الجالية الفرنسية المقيمة بأكادير.
ووقف المشاركون، الذين كانوا يحملون الأقلام أو الورود أو الشموع أو لافتات كتبت عليها عبارة “أنا شارلي”، دقيقة صمت إكراما لذكرى ضحايا هذه الهجمات.
وأشاد القنصل العام الفرنسي بأكادير مارك بيلتو بعبارات التضامن والتعاطف قبل أن يستحضر ذكرى ضحايا هذه “الأحداث الأليمة”، داعيا إلى الانتصار إلى الوحدة أمام المحن وإلى العيش المشترك والتعايش السلمي في وجه الكراهية.
وأمام قنصلية فرنسا بالدار البيضاء، نظمت وقفة تضامنية مع ضحايا الاعتداء الإرهابي، الذي استهدف يوم الأربعاء الماضي أسبوعية شارلي إيبدو الفرنسية.
وقد شارك في هذه الوقفة التضامنية، فاعلون جمعويون، وصحافيون، ومثقفون مغاربة، فضلا عن مجموعة من الفرنسيين المقيمين بالمغرب.
وحمل المشاركون في هذه الوقفة، الذين عبروا عن رفضهم للإرهاب، الشموع ولافتات سوداء كتبت عليها بالفرنسية عبارة ” كلنا شارلي”.
وتجدر الإشارة إلى أن المغرب كان قد أدان بشدة هذا الاعتداء الإرهابي، كما عبر عن تضامنه مع الحكومة والشعب الفرنسيين.

Top