العمى مستمر في الجزائر

جاء رد فعل الجزائر على الخطاب الملكي كما كان متوقعا، ولم يخرج عن العناد نفسه الذي مافتئ النظام العسكري الجزائري يتعاطى به منذ سنوات، ومرة أخرى يخرج هذا النظام عاريا أمام العالم كله، ومصرا على العمى والتيه و…الشرود.
يشفق المرء فعلا على جيراننا الأشقاء، وهو يقرأ هذه الأيام ما تكتبه صحفهم عن المغرب، فبالإضافة إلى  تشابه العناوين والمانشيتات حد التماهي والتطابق أحيانا، فان من يطلع على هذه المنشورات  يضحك جراء حجم ما يرتكب على صفحاتها من أخطاء في اللغة والتعبير، علاوة على تفاهة المضامين.
ليست الشتائم وضعف الكتابة في صحافة الجيران ولا مهنيتها هو ما يثير الشفقة، وإنما أيضا خطاب الوعد والوعيد المسرب من هذا الجنرال أو ذاك، وحتى الذين أرخت»ثلاجة»التقاعد  مفاصلهم، هم أيضا نطقوا هذه الأيام…
لم يدرك هؤلاء  بلادة المنهجية ولا جدواها، لم ينتبهوا إلى كون الوعيد بقي منذ عقود مجرد تهديدات مبحوحة لم تحرك المغاربة، وإنما زادتهم إصرارا على … الوحدة.
اليوم، عندما يرفع  الخطاب الملكي التحدي في وجه جنرالات النظام الجزائري في موضوع حقوق الإنسان والديمقراطية، فهو يوجه رسالة  قوية للعالم كله، مؤداها المطالبة بالمقارنة بين البلدين، وبين الواقعين، وبين دينامية مجتمعية عامة تتقدم، وأخرى، جارة لها جغرافيا، قرر نظامها العسكري معانقة الجمود.
الرسالة هنا تعني في الواقع رفض المقارنة لأنها بلا قياس، وتوجد فوارق عديدة بين البلدين والنظامين والواقعين، وتحمل صرخة في وجه نظام الجار الشرقي الذي لا حق له بتاتا في تقديم الدروس للآخرين في مجالات حقوق الإنسان والديمقراطية.
وفي الوقت الذي كان على النظام الجزائري أن يلتقط الإشارة، وينكب على قضاياه الداخلية، ويبحث عن سبل تفاعله مع ديناميات المحيط الإقليمي، والاستجابة لمطالب شعبه وانتظاراته، اختار، عكس ذلك، استغلال ثروات الشعب الجزائري وخيراته لصرفها على المناورات والدسائس الموجهة للمملكة المغربية، وبالتالي تمويل هذا الاستهداف، والترويج بأن ذلك سينحو منحى التصعيد في الفترة المقبلة، وهو ما رد عليه المغاربة بتجديد إصرارهم على حماية وحدتهم الترابية والدفاع عنها وتقوية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأقاليم الجنوبية.
النظام الجزائري لا يخجل وهو يتكلم عن حقوق الإنسان والديمقراطية، كما أنه لايخجل عندما ينهب ثروات الجزائريين وينفقها على دسائس ضد شعب جار وشقيق. لكنها طبائع الديكتاتوريين العسكريين. هي دائما وقحة ولا تخجل.
لقد جرب النظام العسكري الجزائري كثير مناورات ضد بلادنا، لكنه فشل. ورغم كل دسائسه، فهو لم يرعب المغاربة ولم يحرك ولا ساكنا فيهم، ولهذا فهو اليوم لا يخيفهم…
المهم بالنسبة للمغاربة اليوم هو مواصلة تمتين الجبهة الوطنية الداخلية، وتقوية الإصرار الوطني الجماعي على الوحدة الترابية للمملكة، وأيضا تفعيل برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لفائدة الأقاليم الجنوبية وساكنتها، ثم تفعيل الانفتاح والتعاون مع البلدان الإفريقية.
هذا هو الأساس  اليوم، وليواصل جنرالات الجزائر التيه و… العمى.

Top