العودة/ السابقة

وجه المغرب صفعة جديدة لـ»البوليساريو» وللنظام الجزائري، من خلال الخطوة غير المسبوقة لمصطفى ولد سلمى سيدي مولود، المفتش العام في «شرطة البوليساريو»، الذي زار السمارة  وعقد ندوة صحفية وجه خلالها العديد من الانتقادات لقيادة تيندوف، وعبر عن تأييده لمقترح المغرب القاضي بمنح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية، ووصفه بالمبادرة الوجيهة، وبـ»أنجع طريق للحل». فرادة الخطوة لا يجسدها فقط موقع المعني بالأمر كقيادي أمني في «البوليساريو»، إنما أيضا وأساسا في زيارته السمارة وعودته بعد ذلك إلى مخيمات تيندوف.
هنا لم يعد الأمر يتعلق بفرار محتجزين ومغامرتهم وسط الصحراء والألغام لبلوغ الوطن، إنما نحن أمام عودة «مسؤول أمني»، يذكرنا بعودة عدد من مؤسسي الجبهة الانفصالية وقيادييها البارزين إلى المغرب، ويجعل المراقبين يسجلون نوعا من التحلل الداخلي لم يستطع لا عبد العزيز ولا النظام الجزائري وقفه أو إخفاءه.
المعطى الثاني المثير للانتباه، هو أنه لأول مرة يصل أحد العائدين إلى المغرب، ويقرر العودة إلى المخيمات للدفاع عن قناعات ومواقف تناصر الوحدة الترابية للمملكة، ومن ثم تأسيس صورة علنية لما يمكن تسميتهم بـ»وحدويي تيندوف»، على شاكلة «بوليساريو الداخل»، وهو التوصيف الذي تطلقه وسائل الإعلام على ناشطين مؤيدين لـ»البوليساريو» ويعيشون في المغرب.
من المعروف أن استياء عارما تشهده المخيمات جراء المأساة التي يحياها المحتجزون هناك، وكثافة العودة في الفترة الأخيرة أحد تجليات ذلك، لكن انخراط عناصر من عيار المفتش العام للشرطة في التعبير العلني عن الاستياء، وإعلانه عزمه الدفاع عن مشروع الحكم الذاتي وسط تيندوف، من شأن ذلك  أن يحدث بداية تحول حقيقي قد يقود إلى ردود فعل مختلفة إن من طرف جماعة عبد العزيز أو من طرف عسكر الجزائر، وربما يدفع في اتجاه زعزعة بنية الجبهة نفسها، وبالتالي تغيير المعادلة في الجوهر.
هذا التطور يفرض على الديبلوماسية المغربية الرفع من مستوى هجوميتها، من خلال متابعة ما سيحدث من تفاعلات، والحرص على الفعل فيها وفي دينامياتها، ودفع المجتمع الدولي إلى استخراج الخلاصات الأساسية من كل ما يحصل في الميدان.
من جهة أخرى، إن خطوة مصطفى ولد سلمى سيدي مولود تعلن عن وجهة نظر أخرى داخل تيندوف، ومن ثم من واجب المنظمات الحقوقية العالمية الحرص على متابعة حقوق ذوي الرأي المخالف لعبد العزيز، ومساندة حقهم في التعبير عن آرائهم بكل حرية، تماما كما يتم التعامل مع عناصر «بوليساريو الداخل»…
العودة الجديدة، فشل جديد للجزائر ولأداتها في تيندوف…
العودة الجديدة، قد تكون بداية مسار جديد ومختلف في اتجاه الحل…

Top