
لا أحد اليوم يختلف على اعتبار منظومتنا التعليمية متخلفة جدا، وتعاني من كثير أزمات ومعضلات لا تخلو من مخاطر عن مستقبل البلاد برمتها، وأفقها الديمقراطي والتنموي، وعند كل تشخيص نجد كل طرف يجتهد في إيجاد المبرر لرمي الكرة عن عرينه والتلويح بها في عرين طرف آخر، والحال أن كل الأطراف تتقاسم المسؤولية عما وصل إليه تعليمنا اليوم من انحدار وتخلف وقتامة أفق.
فعندما تكون المستويات التعلمية ضعيفة، ويكون امتلاك اللغات كلها ضعيفا ومتخلفا، وتتراجع المدرسة عن إشعاع قيم الانفتاح والوعي والثقافة وسط الشباب، وعندما يكثر الهدر المدرسي ويتنامى الرسوب في مختلف الأسلاك، وعندما يصير حتى التخرج من الجامعة مرادفا للعطالة ولمعانقة احتجاجات واعتصامات العاطلين في الشارع، فإن كل هذا يعني ببساطة وجود أزمة حقيقية في تعليمنا، وعلى الكل الإحساس بمسؤوليته تجاهها.
كل الكلام الطويل والعريض عن الحداثة والديمقراطية والتنمية البشرية هو بلا معنى مادام تعليمنا متخلفا، ومادامت الأمية تعشش وسط السكان، ولهذا سبق لجلالة الملك في أحد خطبه أن بوأ قضية التعليم مكانة القضية الوطنية، وجعل إصلاح التربية والتكوين في نفس مستوى حماية الوحدة الترابية للمملكة.
ليس من المصلحة اليوم، فتح الباب لسجال عقيم جديد حول لوائح جديدة، ولكن الأساس يبقى هو أولا تطبيق القانون في هذا الموضوع، وإذا كانت هناك فعلا أخطاء تقنية أو إدارية، فبالإمكان تداركها وتصحيحها بلا كثير مزايدات من أي طرف، وبعد ذلك يجب أن تعي كل الأطراف أن تعليمنا فعلا في أزمة حقيقية، وأن المسؤولية في ذلك يتحملها الجميع، بما في ذلك المدرسون أنفسهم، وإن بنسبة أقل من غيرهم، ومن ثم فالحاجة اليوم ملحة ومستعجلة لتفعيل إصلاح جذري وحقيقي وللمنظومة التربوية بكاملها، وذلك وفق قرارات إستراتيجية وشجاعة وفعالة.
[email protected]