انتصارا للمحبة والإخاء والتسامح

الحفل الافتتاحي للدورة السابعة لمهرجان المسرح العربي بالرباط
أشار وزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي في الكلمة التي ألقاها بمناسبة افتتاح الدورة السابعة لمهرجان المسرح العربي بالرباط، المنظم من قبل الهيئة العربية للمسرح بشراكة مع وزارة الثقافة، إلى أن هذا المهرجان يصب في إطار المجهودات التي تروم النهوض بالمسرح وإعلاء شأنه، انتصارا للمحبة والإخاء والتسامح.
كما أن هذه الدورة – يضيف الصبيحي- من شأنها أن تعطي نفسا جديدا للمسرح المغربي، مذكرا بأن الرباط أصبحت مدينة الأنوار وعاصمة الثقافة، بفضل ما باتت تزخر به من منشآت ثقافية ذات قيمة كبيرة، وما تحتضنه من تظاهرات رفيعة المستوى.
وأبرز الصبيحي في هذه الكلمة الافتتاحية لهذا المهرجان الذي تمتد فعالياته من عاشر إلى سادس عشر يناير الجاري، أن تنظيم المهرجان يتزامن مع الصيغة الجديدة التي اعتمدتها وزارة الثقافة للدعم المسرحي، والتي ترتكز على توطين الفرق المسرحية داخل المسارح مع مراعاة الشروط المادية المواتية، إلى جانب إطلاق مشاريع مهيكلة، وإنشاء فضاءات العرض المسرحي ذات المواصفات التقنية العالية، بوتيرة معقولة من أجل سد الخصاص في هذا المجال.
وأكد الصبيحي وعي الوزارة بالتحدي المطروح عليها لتطوير القطاع المسرحي، وجعل قاعة المسرح فضاء حيا يوفر فرص الإبداع على أسس تعاقدية، ومقاربة تشاركية مع المنظمات والجمعيات والمهنيين، في سبيل تقوية آليات ترويج المنتوج المسرحي وتقريبه من الجمهور.
وختم الصبيحي كلمته بالتذكير بأن المسرح العربي مدعو في خضم التوترات السياسية ومظاهر التطرف والعنف والمشاكل الاجتماعية، إلى لعب دوره التنويري والتربوي، وعيا بأن المسرح يعد أداة فعالة للتنمية المستدامة، ونشر قيم السلم والتعايش والحوار والمحبة والإخاء وصناعة مستقبلنا المشترك.
وذكر الأمين العام للهيئة العربية للمسرح إسماعيل عبد الله في كلمته الافتتاحية للمهرجان، أنه تتويج لعام حافل بالعمل وبالأمل وبعرق المسرحيين الذين لا يألون جهدا في سبيل خدمة أب الفنون، كما أن هذا المهرجان إيذان بعام حافل جديد، وجسر للتواصل والاستمرار في العطاء الإبداعي.
وختم إسماعيل عبد الله كلمته بالقول إن هذا المهرجان الذي تحتضنه مدينة الرباط، هو بمثابة تجديد العهد بيننا، بأن نمضي بالسيد النبيل المسرح إلى ذرى المجد..
وتم كذلك في هذا الحفل الافتتاحي الذي أطر فقراته الفنانان لطيفة أحرار وعبد الله ديدان، عرض شريط وثائقي حول الهيئة العربية للمسرح، يضم مختلف أنشطتها، التي تتعلق بالتظاهرات المسرحية التي تنظمها، وبمنشوراتها المتنوعة وحفلات التكريم والمسابقات الثقافية والندوات، وخزانة ذاكرة المسرح واتفاقيات التعاون مع اتحادات وهيئات مسرحية ومشروع تنمية المسرح المدرسي ورموز المسرح التي تعاقبت على إلقاء رسالة اليوم العربي للمسرح.
وتميز هذا الحفل الافتتاحي كذلك بالرسالة التي ألقاها الكاتب المسرحي السوداني يوسف عايدابي، والتي أشار في مستهلها إلى أن بلده السودان “يعاني أكثر من غيره على صعد كثيرة، سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية، من انشطار الهوية؛ فشق منه عربي، وشقه الآخر إفريقي.  لسانه عربي، ورطاناته متعددة متنوعة.  سحناته عربية وإفريقية، وجذوره مختلفة عديدة؛ فهو جسر ثقافة العرب إلى إفريقيا، وهو محل تفاعل ثقافات إفريقيا مع العروبة..”.
وأضاف في رسالته أنه دعا “في مطالع السبعينيات، لمسرح لعموم أهل السودان، متخذاً من مجمل أشكال التلاقي والتجمعات الشعبية مكانا لمسرحة لصيقة بالناس لقضاياهم، وأسهبت في ذلك الشأن تفصيلاً لأشكال وصيغ المسرح الطقوسية والتراثية والتقليدية، تعدادا لها وابتعادا بها عن الصيغ الأوروبية، عن المنصة الإيطالية، بل وعن المباني الدائمة المتعارفة للمسارح، خروجاً إلى أرض الله الواسعة، فكل مكان نظيف فيه شمس أو بدر تمام، وفيه متلقٍ ومؤد، هناك يكون المسرح الذي نريد، وما المسرح الذي نريده؟  إنه ذلك الكشاف المباشر لما يعتمل في النفس، وما يعتور المجتمع، وما يطرح من سبل ينصلح بها حال الذات والجماعة..”.
وأشار كذلك في رسالته إلى أن “مسرح اليوم في بلداننا هو ذلك الحبل السري، فلا ينبغي أن يكون إلا عضويا بسيطا مباشرا، متحللا من الزوائد، منطلقا من الناس ومن وحيهم.  أن يكون المسرح وصلا في كلِ مكان، فما جدوى مسرحٍ في المدينةِ لمن يسخره لإلهاء في غير مصلحة الناس، بينما ربوع البلادِ في غمٍ وهمٍ وظلمةِ ليلٍ؟ نريد المسرح بدرا في ليل الأوطانِ، ونورا في دروبها..”.
وختم رسالته بالقول: ” ليس علينا كمسرحيين إلا أن نعيد النظر في فكرة المسرح ودوره ووظيفته المبتغاة، وأن نتأكد أننا لا نحاكي ونتبع الغرب سيرا في الركب المتعولم، فظروفنا الراهنة إجمالاً مضطربة متقلبة، وأناسنا يتطلعون حقيقة إلى ثقافة بديلة مختلفة تهديهم السبيل إلى وجود مغايرٍ، وحياةٍ أكثر سلما وعدالة..”.
وتم في حفل الافتتاح كذلك تقديم أعضاء لجنة التحكيم، التي تترأسها لينا أبيض، وتضم كل من ندى الحمصي وعبد لله السعداوي وعنبر وليد ويحيى الحاج.
وتم بعد ذلك تقديم عرض مسرحي، أعده الفنان مسعود بوحسين،  خصيصا لافتتاح هذه الدورة، بعنوان “مرتجلات مرسحية”، من تشخيص مجموعة من طلبة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، وبعض الفنانين المتمرسين في صناعة الفرجة المسرحية. ويتناول العرض تاريخ تأسيس المسرح، ويشير إلى مختلف المخاطر التي تهدده، بأسلوب شذري، يجمع العديد من الفنون: الرقص، الغناء، الصورة الرقمية، السيرك.. من أجل خلق متعة بصرية.

Top