حملة التضامن

ترأس جلالة الملك، أول أمس السبت بمكناس، انطلاقة الدورة السادسة عشرة للحملة الوطنية للتضامن، التي تقام كل عام تحت شعار «لنتحد ضد الحاجة»، وتتواصل هذه السنة إلى غاية 17 نونبر الجاري، تحت إشراف مؤسسة محمد الخامس للتضامن.
فضلا عن كون التظاهرة، وأيضا المؤسسة المنظمة، يعملان تحت الرئاسة الفعلية لجلالة الملك، ويسجلان انخراط جلالته المباشر وحرصه المستمر على تفعيل البرامج والإنجازات، فإن ما استرعى اهتمام المتابعين، منذ إحداث المؤسسة إلى اليوم، هو التنظيم الناجع الذي تعمل بموجبه، وأيضا الحرص على الشفافية والضبط والوضوح في العمل والمبادرات والعلاقة مع الرأي العام.
عند افتتاح دورة هذه السنة، وعلى غرار الأعوام السالفة، حرصت المؤسسة على تعميم أرقام حصيلتها وتقارير أنشطتها، حيث أكدت أن عدد المستفيدين من مختلف البرامج والمشاريع منذ إنشائها إلى غاية متم 2012، فاق أربعة ملايين مستفيدا من مختلف الفئات والأعمار، كما أن المؤسسة حققت أربعة ملايير و228 مليون و78 ألف درهم من الإنجازات والالتزامات.
التميز الثاني في عمل مؤسسة محمد الخامس للتضامن، فضلا عن فعالية التدبير الداخلي الشفاف، يكمن في الخلفية والمرتكز القيمي، ذلك أنها كفكرة أولا، هي ترمي إلى تشجيع ثقافة التضامن وسط المغاربة، وتتطلع إلى جعل العمل الاجتماعي أولوية وطنية، وتمتين البعد التضامني بين مختلف مكونات المجتمع.
هنا ليس الأمر إحسانا أو صدقة أو فعلا «فوقيا» بلا عمق، وإنما هو، في هدفيته العامة على الأقل، يتوخى تعزيز تمسك المغاربة بمواطنتهم، وحثهم على الانخراط المكثف في المبادرات الاجتماعية الساعية لتحسين ظروف عيش بعضهم  البعض، وخاصة الفئات المحتاجة.
وعلاوة على هذين التميزين المشار إليهما، لا يمكن إغفال كون برامج مؤسسة محمد الخامس للتضامن هي عرضانية، وتشمل قطاعات ومجالات متنوعة، كما أنها ترتكز على تشجيع إنماء مهارات المستفيدين وتقوية تكوينهم، ومواكبتهم لبلورة مشاريع ذاتية مدرة للدخل، يكون في مستطاعها تحويلهم إلى قوى منتجة ومعتمدة على ذاتها، وممتلكة لكرامتها ولشروط عيشها ومستلزماته.
وانطلاقا مما سبق، يمكن إذن اعتبار تجربة مؤسسة محمد الخامس للتضامن، وأيضا المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، نموذجا، وعلى الأوساط الاقتصادية وذوي الإمكانات المالية الاقتداء بهما في الخلفية والأهداف، ومن ثم الانطلاق من دلالاتهما لتفعيل مبادرات مماثلة، محلية وجهوية ووطنية، من أجل تقوية انخراط الفئات الميسورة مثلا في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، وبغاية المساهمة في تحسين شروط عيش الساكنة المعوزة، وتمتين الاستقرار الاجتماعي.
كما أن «الحملة الوطنية للتضامن» نفسها، على غرار «المبادرة الوطنية للتنمية البشرية»هما في حاجة إلى تقوية امتدادهما الشعبي والجماهيري أكثر وسط الناس، وتمتين التفاف المستفيدين أنفسهم حولهما، وهما أيضا يتطلبان تكثيف التواصل والإعلام حولهما، بما يمكن من امتلاك أكبر لثقة الناس، وأيضا انخراطهم القوي والفاعل في المبادرات والبرامج والمشاريع.
لنتحد… ضد الحاجة.
[email protected]

Top