دعوة إلى… الوضوح

اختار حزب التقدم والاشتراكية أن يجعل اجتماع قيادته الوطنية المنعقد أول أمس بالرباط، مناسبة لتوجيه نداء قوي لكامل الطبقة السياسية الوطنية، وللتأكيد على حاجة البلاد اليوم إلى الكثير من الوضوح، و… العقل. لم يشأ الحزب الوطني اليساري المعروف بشجاعته ورصانة مواقفه وتحليلاته أن يقدم الدروس لأحد، ولا أن ينكر على أحد حقه وقدرته في اختيار القراءة التي يريد للواقع السياسي أو لمواقفه الخاصة، أو لأشكال التعبير عنها، وإنما أراد أن تعبر الدورة العاشرة العادية للجنته المركزية عن مسؤوليتها ورؤيتها لمستلزمات المرحلة التي تسائل اليوم الجميع، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وذلك بالنظر لدقة المرحلة وحساسية التحديات المطروحة على البلاد، والتي لا تقبل أي شكل من أشكال التدبير السطحي أو الخاطئ.
وعندما اختار حزب التقدم والاشتراكية عنونة المقرر الصادر عن لجنته المركزية بـ «البديل التقدمي لمواجهة الأزمة»، ففي ذلك كثير رسائل، ومنها أن هوية الحزب وتراكماته السياسية والفكرية والنضالية تمنعه من أن ينخرط في تبسيطية الخطابات الشعبوية السطحية، كما تمنعه كذلك من الاعتصام داخل دوائر التكلس والجمود والسلبية، ومن ثم كان لابد أن يقول للجميع بأن البلاد في حاجة اليوم إلى العقل، وإلى المسؤولية، وإلى… البديل التقدمي.
في بديل التقدم والاشتراكية جاء التحذير واضحا من أي خطأ في تحديد طبيعة الصراع الجاري اليوم في المجتمع، وجاء النداء قويا وصادقا بضرورة التقييم انطلاقا من الملموس والمنجز وليس من خلال افتعال معارك متوهمة، أو بواسطة التلويح بمعطيات وحقائق غير صحيحة، والتهرب من مسؤولية الذات والاكتفاء بتحميل كل الشرور إلى الآخر، واستدعاء اعتبارات ربما كانت صحيحة  قبل أربعة عقود، وإقحامها في تحليل وتقييم الوضع الراهن، رغم أن الفارق كبير والسياق مختلف، وبدل كل هذا تمنى الحزب على باقي الفرقاء السياسيين، أغلبية ومعارضة، تقوية الالتزام بالمسؤولية والوضوح، لتفعيل الأجوبة الضرورية عن تحديات ومساءلات اللحظة الوطنية الصعبة.
ومن داخل الحرص على ذات الوضوح، لم يتردد حزب التقدم والاشتراكية في تذكير الكل بهويته اليسارية التقدمية المعروفة منذ عقود، مستغربا كيف تتحول أطراف حزبية اليوم إلى منادية بوحدة اليسار وبإعادة إحياء الكتلة الديمقراطية، وهي التي كانت في الأمس القريب تعيق كل مبادرات الحزب في هذا الاتجاه، بل وأحيانا تسخر منها، كما استغرب لمن ذهب بالأمس القريب يبحث عن تموقعات ذيلية داخل تحالفات هجينة لم تستطع الاستمرار، أن ينتقل اليوم بلا خجل إلى الصياح بحداثة عرجاء، أو إلى القول بوحدة اليسار، ونبه كل هؤلاء إلى أن وحدة اليسار، أو تفعيل التحالفات الجدية ليست مجرد كلام أو شعارات نخرجها متى شئنا، وننساها أو نحاربها متى ما فرضت علينا المصلحة الضيقة ذلك، وإنما هي قناعات مبدئية ثابتة، ومنظومة فيها المواقف والإجراءات والعلاقات، تحضر مجتمعة، ويتم تفعيلها بشكل واعٍ ومشترك بغاية الوصول إلى أهداف واضحة.
حزب التقدم والاشتراكية يصر اليوم على الوضوح السياسي والأخلاقي في الالتزامات والمواقف والعلاقات، ويدعو الكل إلى الصراحة، وإلى الوعي بحساسية المرحلة، وطبيعة التفاعلات الجارية في البلاد وفي محيطها، ويشدد على… العقل.
[email protected]

Top