دورة أكتوبر البرلمانية

يترأس جلالة الملك اليوم، تطبيقا لأحكام الدستور، افتتاح دورة أكتوبر البرلمانية، وهو الدخول البرلماني الذي يحل ضمن الانتظارية العامة التي تحيا البلاد على إيقاعها منذ شهور، ويعول عليه لإخراج البلاد من فتورها العام الذي لم يخل من انعكاسات على ميادين مختلفة.
وبالنظر إلى تزامن افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية البرلمانية التاسعة مع تعيين حكومة «بنكيران2»، وتشكيل الأغلبية الجديدة، فإن الحدثين معا سيتبلوران ضمن سياق مشترك يرسم الانتظارات العامة لشعبنا في هذا الدخول البرلماني والسياسي، كما ستشهد الدورة البرلمانية الجديدة تراكم الكثير من القضايا على جدول أعمالها، سواء كنصوص مؤجلة من الدورة السابقة أو تلك التي ستودع الآن، وهذا يفرض على البرلمانيين والحكومة تقوية إيقاع العمل والوعي بحجم الرهانات المطروحة عليهم جميعا.
بالفعل، يعتبر مشروع قانون المالية أبرز نقطة مطروحة في جدول أعمال دورة أكتوبر البرلمانية، وهو ما يستهلك، في العادة، حيزا زمنيا كبيرا من عمر الدورة، وخصوصا مع كل الارتباك الذي ميز العمل الحكومي في الشهور المنصرمة، وهو ما أثر أيضا على إعداد مشروع الميزانية ودراستها، ولكن الدورة أيضا ستكون مطالبة بالحسم في كثير قضايا أخرى لا تخلو، هي بدورها، من أهمية.
إن قضايا مثل: الجهوية المتقدمة، القوانين التنظيمية بما في ذلك القانون التنظيمي للمالية، إصلاح أنظمة التقاعد وصندوق المقاصة والجبايات، تفعيل الميثاق الوطني لإصلاح العدالة، قضايا التعليم، الإعداد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة، هي كلها بمثابة أوراش مطروح على المؤسسة التشريعية الحسم فيها وفي النصوص المرتبطة بها، بالإضافة إلى تشريعات أخرى لها علاقة بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية، وأخرى كان تضمنها المخطط التشريعي الذي سبق أن أعلنت عنه الحكومة.
من جهة أخرى، فإن البرلمان لن يكون أمام دورة تتميز بكثافة جدول أعمالها فقط، وإنما ستشهد دورة أكتوبر تفعيل التدابير الجديدة المؤطرة لجلسات الأسئلة الأسبوعية، وذلك تطبيقا لأحكام النظام الداخلي الجديد، وهو ما يعول عليه  للخروج من النمطية التي كانت تميز هذه الجلسات، وبالتالي تقوية التفاعل والدينامية بالنسبة لهذه الآلية الهامة في مراقبة العمل الحكومي.
وعلاوة على تطوير الجلسات الأسبوعية، فإن البرلمان يبدأ دورته الجديدة وسط نقاش لازال مستمرا بينه وبين المجلس الدستوري، وأيضا بين مسؤولي الغرفتين حول موعد الجلسة الأسبوعية، كما أن دورة أكتوبر ستتزامن مع منتصف ولاية مجلس النواب، ما يعني قرب تجديد الهياكل المسيرة للغرفة الأولى، في المكتب وعلى صعيد اللجان وأيضا من خلال انتخاب رئيس جديد…
يتطلع المغاربة ومراقبو شأننا السياسي اليوم كي يؤسس البرلمان لمرحلة مغايرة لزمنه السابق، وينسينا جو الرتابة الذي ميز في الغالب جلساته وأعماله، كما تبقى الحكومة مطالبة بالانكباب العاجل على « تنزيل مشاريع الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في شموليتها، وتفعيل ما يتضمنه البرنامج الحكومي من تدابير وإجراءات شعبية جريئة تمكن من التجاوب مع الانتظارات المشروعة لفئات واسعة من المجتمع…».
[email protected]

Top