لطيفة أحرار تبدع وسط… الناس

أبدعت الفنانة لطيفة أحرار وفرقة «مسرح الأصدقاء» مؤخرا مبادرة مسرحية متفردة وذات نفس فني متميز، بالإضافة إلى بعدها التحسيسي والمواطن. الفرقة قدمت عرضها المسرحي داخل حاوية لنقل البضائع، تم وضعها بتعاون مع سلطات الرباط في منطقة «باب الأحد» وسط العاصمة، وتركز العرض حول موضوع «المرحاض» وضرورته في الأماكن العمومية، علاوة على توعية الناس بأهمية الحفاظ على الشارع وباقي الفضاءات العامة…
وبالرغم من بعض الارتباكات التنظيمية، وهي من حتميات كل بداية أو مبادرة غير مسبوقة، فان أعضاء الفرقة، وهم من ضمن خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، نجحوا في إنجاز عرض فني بجودة واضحة، وهو يمتلك كثير مقومات فنية وتواصلية بإمكانها جذب الجمهور، والتأسيس لاجتهادات قادرة على الوصول إلى المتفرج والتفاعل معه وإشراكه في إنجاح الشكل الفني المقترح عليه في الشارع.
المعروف عن الفنانة لطيفة أحرار إصرارها على الاجتهاد والتميز، وعلى استدعاء الأشكال الفنية والتعبيرية الجديدة باستمرار، وفي تفاعل مع تجارب عالمية متنوعة، ومن المهم إسناد ودعم هذا التميز من طرف لطيفة وزملائها في»مسرح الأصدقاء»، وتشجيعهم لتطوير التعبيرات الفنية والثقافية المتطلعة إلى التفاعل مع الناس والتواصل معهم.
لقد كان لافتا خلال العرض الأول في»باب الأحد»بالرباط، حضور شخصيات عمومية ووزراء وفنانين ومثقفين، والتفافهم حول «مسرح الأصدقاء»، وهذا مهم، لكن من الضروري تكريسه بتقوية هذا التشجيع ليشمل عروضا أخرى في مناطق مختلفة من البلاد، وليتوسع أيضا لفائدة تجارب فنية أخرى، ومن أجل توسيع دائرة الاستفادة من الفرجات الفنية والثقافية وسط شبابنا وعموم شعبنا.
من المهم أيضا التأكيد على أن الفنون بصفة عامة لا يمكن أن تتطور إلا ضمن مناخ الحرية، وفي إطار تشجيع واحتضان التجارب المتميزة والمتفردة مهما بدت استثنائية وغير منتظمة ضمن المألوف والمتداول، ذلك أن مثل هذه التجارب»الاستثنائية»هي التي تساهم في التطوير، فضلا على أن مسار تطور الفنون لا يتم إلا بتشجيع التنوع والتعددية والاختلاف في المضامين والرؤى وأشكال التعبير، واحترام أذواق الجميع.
هنا تعتبر لطيفة أحرار نموذجا في إبداع مثل هذه الدينامية، والإصرار عليها، ولهذا هي تستحق التحية والتنويه، وذلك أولا بدعمها، وثانيا بالإقبال المكثف على حضور عروضها والمساهمة في إنجاح… الفرجة.
وتجدر الإشارة أيضا إلى أن تشجيع الفرجات المسرحية والفنية وباقي التعبيرات الثقافية المقامة وسط الشارع وفي الأماكن العمومية، من شأنه إضفاء لمسة جمالية وتآلفية على شوارعنا ومدننا، وإبعاد الكآبة والرتابة عن مجالاتنا الترابية والعمرانية هذه، كما بالإمكان تطوير التجربة، على غرار ما يحدث في عواصم عالمية كبرى، لجعل الفن والشعر والموسيقى وبقية الفرجات الإبداعية، جانبا حاضرا في المعمار العام لمدننا وفي فضاءات العيش داخلها، أي من ضمن مكونات سياسة المدينة في المعنى الشمولي والإنساني.
[email protected]

Top