مُحْسِنْ بّْوَاهْ كُومْ

جنحت إلى شيخي حتى أوقفني فسألته عن قولهم في أخوف ما يكون، قال: “جوار الجاهل، إذ لا يؤمننك من شر الجاهلِ قرابة ولا جوار ولا إلف.” سألته مستزيدا: “وما تجليات شر الجاهل في القرابة والجوار والإلف؟” أجاب: “إن جاورك الجاهل أنْصَبك، وإن ناسبك جنى عليك، وإن ألِف لك حمَّل عليك ما لا تطيق، وإن عاشرك آذاك وأخافك. فهو عند الجوعِ سبع ضارٍ، وعند الشبعِ عربيد فظ، وعند الموافقةِ في الرأي قائد إلى الهاوية.” سألته عن سبل الملاذ من عبث الجاهل، قال: “أنت بالهربِ منه أحق منك بالهربِ من سم الأساودِ والحريقِ المخوفِ والدَّيْنِ الفادحِ والداء العياء.” سألته: “أما من عذر يُلتمس للجاهل في بعض الخصال اللصيقة بالإنسان؟” أجاب بحزم: “ما من خصال في الجاهل إلا وهي مذمومة. اصغِ له تراه يُسَرَّ بخصال كلها كائن عليهِ وبالاً. منها أن يفخر من العلمِ والمروءةِ بما ليس عنده؛ ومنها أن يرى بالأخيار من الاستهانة والجفوةِ ما يشمت بهم؛ ومنها أن يناقل عالماً وديعاً منصفاً له في القولِ فيشتد صوت ذلك الجاهلِ عليه ثم يفلجه نظراؤه من الجهالِ حوله بشدةٍ الصوت؛ ومنها أن تفرطَ منه الكلمة أو الفعلة المستعجبة للقومِ فيذكر بها؛ ومنها أن يكون مجلسه في المحفلِ فوق مجالسِ أهل الفضلِ عليهِ ولا تبتلعه الأرض من فرط الحياء.” ثم أمرني “أن أجعل الكلام مثلاً ليكون ذلك أوضح للمنطقِ والمعنى وآنق للسمعِ وأوسع لشعوبِ الحديثِ.” ساعفت حينها المنول وأسعفني فحِكْتُ مُحْسِنْ بّْوَاهْ كُومْ…

*****

بَعْضَيْنْ دِيمَا هُمَ هُمَ، غِيرْ عْسِيلَه فَ الْگَرْجُومَه،
وْبَعْضَيْنْ دِيمَا هُمَ هُمَ، الثَّلْثْ الْخَالِي اَوْ لاَ هُمَ!
بَعْضَيْنْ دِيمَا يْخَيّْطُو بْلَبْيَضْ، بْذِيكْ الْمَحَبَّه الِّي فِيهُمْ،
وْبَعْضَيْنْ تَخْلاطْهُمْ فَاتْ الْحَدّْ، قَدّْ مَا فَوَّتْ يَرْجَعْ لِهُمْ،
مْطَبّْعِينْ بْطَبْعْ الدَّنَاءَه، ادَارُو النَّمِيمَه رِيَّاضَه،
وَتْمَجَهْدُو فَ الدّْنَاءَه، فَخُورِينْ وْخَرْقْ الْعَادَه.

*****

وَاحَدْ فِيهُمْ أسْمُه مُحْسِنْ، فْهَذْ الْمَوْضُوعْ زَايْدْ لَلْقُدَّامْ،
يْقَدَّمْ لَكْ رَاسُه بْلاَ حَشْمَه “أنَا الاَسْگَمْ! أنَا الْعَلاَّمْ!”
كَ يْقُولْهَا وْيَعْتَرَفْ بِهَا “نَعَمْ! نَعَمْ! أنَا مُحْسِنْ! نَاطِقْ رَسْمِي بِإسْمْ جَمِيعْ النَّمَّامِينْ!…”
“… النَّمِيمَه عَنْدِي هِوَايَه، قْدَامَتْ فِيَّ، قْدَامِتْ فِيهَا، عَنْدِي فِيهَا كَذَا سِنِينْ!…”
“… عَنْدِي فِيهَا إنْجَازَاتِي! عَنْدِي فِيهَا شِي غَزَوَاتْ!…”
“… بْغَيْتُو تْسَمْعُو لْغَزَوَاتِي؟! فَايْتَه جَمِيعْ الإنْجَازَاتْ!…”
“… بَكْلِيمَه، كْلِيمَه، مْعَ كْلِيمَه، قَادَرْ نْخَلّْطْ بِينْ الَمْرَا مْعَ رَجَلْهَا! نْخَاصْمْ الْفُمّْ مْعَ ضْرَاسُه!…”
“… غِيرْ بَكْلِيمَه مُورَا كْلِيمَه، قَادَرْ نْخَلّْطْ بِينْ الَعْچُوزَه وْالَعْرُوسَه، نْخَاصْمْ السّْلاحْ وْقُرْطَاسُه!…”
“… بَكْلِيمَه، كْلِيمَه، مْعَ كْلِيمَه، قَادَرْ نْهَدْمْ فْ دَقِيقَه، الِّي بْنَوْهْ النَّاسْ مَنْ بَعْدْ اَعْوَامْ!…”
“… غِيرْ بَكْلِيمَه مُورَا كْلِيمَه، مُورَا كْلِيمَه، كَنْرُدّْ الْبَاطَلْ حَقِيقَه! قَادَرْ نْجِيحْ عَلَى الأنَامْ!”

*****

هَذَا مُحْسِنْ، هَذَا حَالُه، لاَ مُرُوءَه، لاَ حُسْنَ فِيهِ، لاَ إحْسَانْ!
طَبْعُه خَايْبْ ـ نَسْعَوْ اللهْ السَّلامَه ـ مَا يْوَاتِي شِي طَبْعْ الإنْسَانْ!
وَخَّى بَابَاهْ سَمَّاهْ مُحْسِنْ، مَا احْسَنْ هُوَّ غِيرْ بَالتّْبَرْوِيلْ،
تْطَبَّعْ عَلَى النَّمِيمَه وْ “هَا قَالْ لَكْ قَالْ، هَا قَالْ لَكْ قِيلْ”
مَا اقَالْ تَى احَدّْ مَنْ الَمْعَارَفْ الِّي مَا ذَبْحُه شِي بَلْسَانُه وَتْقَوَّلْ فِيهْ،
حَلَّلْ مَاكْلَةْ لَحْمْ الْبَشَرْ، دْيمَا مْجَنَّدْ، سِيفُه مْهَنَّدْ وَيْشَالِي بِهْ،
حَتَّى عَافُوهْ السَّامِعِينْ، مَا بْقَوْ بَاغِينْ كْلامْ مُحْسِنْ،
وَتْلَفْ مُحْسِنْ وْتَلْفَتْ بِهْ، طْلَقْ نْگِيرُه فِي كُلِّ حِينْ،
“هَذَا آشْ نُه؟! آشْ غَدْ نَعْمَلْ؟! آشْ الْمَعْمُولْ؟! هَذِه خْطِيَّه! هَذِه رْزِيَّه! هَذِه بّْوَاهْ كُومْ شَاطَتْ لِيَّ…”
“… حِيثْ بَاشْ نَذْبَحْ بَالْقَاعِدَه، خَصّْنِي الِّي يْشَبَّرْ الجَّفْنَه، يَجْمَعْ الدَّمْ وْمَا يَحْشَمْ، بَالْعَرْبِيَّه يَسْمَعْ لِيَّ!…”
“… فِينْ مَا نَظْهَرْ فْ شِي مَجْمَعْ النَّاسْ تَطْلُبْ السَّلامَه وْكُلَّ فِيهُمْ يَلْقَى سَبَّه، يَتْزَبَّقْ لِي بِينْ يْدِيَّ!… أنَا مَا لِي؟!…”
“… مَا بْقَيْتْ نَلْقَى حَتَّى مَجْمَعْ بَاغِي يَسْمَعْ! مَا بْقَيْتْ نَلْقَى حَتَّى وْذِينَه مَرْخِيَّه بْرُوحْ رِيَّاضِيَّه وْتَقْبَلْ لِيَّ عْلَى هْبَالِي!…”
“… اِلاَ دَازْ نْهَارْ وْمَا لْقَيْتْ شِي فَاشْ نْنَمَّمْ نَمْرَضْ وَيْغَزّْزُونِي عْظَامِي!…”
“… بَاغِي نْغَزَّزْ! بَاغِي نْكَنَّمْ! غَدِ نْعَرَّصْ وْنَتْهَاوَشْ اِلاَ مَا صَرَّفْتْ شَيْ كْلامِي!”

*****

بْقَى مُدَّه فْ هَذْ الْحَالَه، مَا شِي مَعْقُولْ! يَا اللهْ كَ يْنَمَّمْ لْرَاسُه؟!
اعَيَّتُه هَذْ النَّمِيمَه، غِيرْ بَالْفَرْدِي وَبَالسَّكُّوتِي، وَعْيَى مَنُّه حَتَّى رَاسُه،
وَالْخَيْرْ كْثِيرْ فْ هَذْ الْبَابْ “نَدْوِي فَ فْلانْ! نْقُولْ لَفْلانْ!…”
“… وَنْجِيبْ شِي رَقْمْ قِيَّاسِي، نْدِيرْ نْهَارْ غِيرْ فْ فَلْتَانْ!…”
“… نَدْوِي فَ فْلانَه تَى هِيَّ، هَذْ الأيَّامْ اعَادَه خَدْمَتْ، ادَارَتْ لاَ بَاسْ!…”
“… وْنَدْوِي تَى فْ هَذِيكْ فْلانَه، اعَادَه بَدّْلَتْ السَّيَّارَه مَعَ اللِّبَاسْ!…”
“… وْذَاكْ الَفْلاَنِي، السَّاكَنْ فَ الدَّرْبْ الْفُوقَانِي، مَا يَتْسَاعْ شِي لْشِي غَزَوَه؟!…”
“… وْهَذَاكْ عِلاَّنْ الْعِلاَّنِي، دِيمَا يَتْبَسَّمْ وْهَانِي، نْهَجّْرُه لُه بْضَرْبْ هْرَاوَه!”
وْشَافْ الْفَتْلَه شْحَالْ زْيَانَتْ، شَافْ اللّْوَانِي تْرَفْعُو فْ مَرَّه،
وْقَالْ “يَا رَبِّي، غَدْ نَتْفَرْگَعْ!” وَتْنَهَّدْ تَنْهِيدَه حَرَّى،
وْمَا بِينْ تَنْهِيدَه وْتَنْهِيدَه، بَانَتْ لُه فِكْرَه، عَنَّتْ لِهْ،
قَالْ يَخْرُجْ فَ نْصَاصَاتْ اللِّيلْ، يَقْدَرْ يَلْقَى الِِّي يَسْمَعْ لِهْ.

*****

جْمَعْ الْوَقْفَه، بْلا عْچَزْ عْلِيهْ، لْبَسْ كْسَاتُه ـ وَلْبَاسْ مْلِيحْ ـ دِيمَا مْهَلِّي فَ التَّوْجِيهَه،
خْرَجْ لَلْحَوْمَه تَابَعْ رَجْلِيهْ، كِيفْ عَادَاتُه لْسَانُه فَصِيحْ فْ هَذْ الشِّي، غِيرْ يْطَلْقُه يَبْدَا فِيهَا،
بَانْ لُه الْغَاشِي فْ رَاسْ الْحَوْمَه، رَبْعَه هُمَ، قَالْ “آڤِيكْ نُو؟! خَارْجِينْ زَعْمَه يْصَلِّيوْ الَفْجَرْ؟!”
قَالْ “نَدْوِي لِهُمْ فَ الإمَامْ، عَنْدِي مَا نْقُولْ فِيهْ تَى هُوَّ، تَى نْوَصَّلْهُمْ لْصَلاَةْ الَعِشَا مْعَ الُوتَر!”
يَا اللهْ تْقَدَّمْ وْگَمْگَمْ، گَاعْ مَا سَلَّمْ، گَاعْ مَا تْكَلَّمْ، مَا عْرَفْ رَاسُه بَاشْ تَّبْلَى، جَاتُه غَفْلَه،
حْتَى لْقَى الْعَسَّاسْ وَمْعَهْ النَّاسْ وَاگْفِينْ عْلِيهْ، شِي بَالرِّيحَه، شِي بَالْبَصْلَه،
تْكَشَّطْ مَزْيَانْ! لاَ كْسَاتُه بْقَتْ، لاَ مَگَانَه وَلاَ بَزْطَامْ، وَاللّْحَمْ وَارَمْ، مَسْتُورْ بِازَارْ!
وَيْدِيرْهَا تَى هِيْ نَمِيمَه! جَايَبْ بَاسُه لْرَحْبَةْ الْبَاسْ، مَنْ غِيرْ عْرَاضَه وْلاَ تَحْزَارْ!

*****

صِيَّادْ النّْعَامْ، عَامْ عْلَى عَامْ، يَمْشِي لِهَا حْتَى يَلْقَاهَا!
وَالْحَصْلَه عَنْدُه، يَا حَصْلَه! الُخْلاصْ طَانَانْ فِي مَلْقَاهَا!

Top