بمناسبة 11 شتنبر

حلت أمس ذكرى تفجيرات 11 شتنبر في الولايات المتحدة الأمريكية، وتجدد الحديث عن الإرهاب وسبل مواجهته، بالإضافة إلى استحضار مختلف المخاطر الأمنية والإستراتيجية المطروحة اليوم على العالم في ضوء ما تشهده بعض المناطق من تحولات وأزمات ومآسي، وقد جدد العالم، بالمناسبة، إصراره على مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه، وتفعيل التعاون الدولي والإقليمي من أجل ذلك.
في بلادنا، تؤكد الكثير من المصادر والمؤشرات وجود حالة استنفار أمني ارتباطا بتهديدات أعلن عنها في الفترة الأخيرة موجهة إلى عدد من البلدان، ضمنها المملكة، علاوة على تحذيرات صدرت عن أكثر من جهة دولية تنبه إلى مخاطر إرهابية تستهدف استقرار المغرب وأمنه.
ويفرض هذا، تقوية اليقظة الأمنية والتعبئة الوطنية لحماية أمن البلاد ووحدتها، وسلامة شعبها، كما يعيد الحديث من جديد على أن المقاربة الأمنية، وخاصة الاستباقية منها، وبقدر ما أنها نجحت فعلا في تفكيك عشرات الخلايا الإرهابية خلال السنوات الأخيرة، وبأن البلاد لم تشهد تكرار ما حدث في الدار البيضاء سنة 2003، رغم حدوث أعمال أخرى في البيضاء ومراكش وغيرهما بعد ذلك، لكنها (أي المقاربة الأمنية) تتطلب إدراجها ضمن خطة شمولية تقوم أيضا على المقاربة التنموية والثقافية، أي جعل البلاد تنجح في أوراش الإصلاح الكبرى على صعيد التعليم والصحة والسكن والشغل، وتمتيع شعبنا، وخاصة الشباب والفئات الفقيرة، بشروط العيش الكريم والتقدم والعدالة الاجتماعية، علاوة على تطوير منظومة التربية والتعليم بما يجعلها حاملة لقيم التفتح والحوار والعقل، وأن تكون رافعة للوعي الوطني، ولتعزيز ارتباط الشباب ببلدهم، وبضرورة الدفاع عن استقراره وأمنه ووحدته وتقدمه.
إن مواجهة الإرهاب، أي قيام السلطات بواجبها لحماية حق المواطنات والمواطنين في الحياة والأمن والسلامة، يتطلب اليوم كذلك استحضارا دائما لالتزامات المغرب في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية، وهي جدلية دقيقة، لكنها ضرورية بموجب مقتضيات الدستور الحالي، ومواثيق حقوق الإنسان، وأيضا بحكم الدينامايات السياسية والحقوقية والديبلوماسية المتنامية في عالم اليوم.
وسواء تعلق الأمر بمواجهة الإرهاب وجرائم الإرهابيين، أو مواجهة التطرف وأفكار الجماعات المتطرفة، فإن الأمر يستوجب تنسيقا وتعاونا على الصعيدين الإقليمي والدولي، بالنظر للامتدادات التي تميز اليوم عمل الجماعات الإرهابية، وهذا يحيل على الخطر الذي  يمثله موقف النظام الجزائري الممتنع عن كل تعاون مع المغرب الجار، وقد بات هذا يمثل في حد ذاته خطرا على أمن المملكة.
مرة أخرى نذكر أن الدينامية السياسية المنفتحة في المغرب، والمختلفة عما تحياه بلدان الجوار، بالإضافة إلى مقومات المشروع المجتمعي المبني على الانفتاح والتقدم والحداثة، يجعلان البلاد مستهدفة من طرف الجماعات المتطرفة والشبكات الإرهابية، وذلك يفرض الوعي بالمخاطر، وتمتين التعبئة الداخلية لمواجهتها، مع الحرص الدائم على استقرار البلاد، وتطوير منجزها الديمقراطي والتنموي.
[email protected]

Top