المغرب وإسبانيا يشيدان بالشراكة الاستراتيجية “المكثفة” بينهما

أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أول أمس الأربعاء بنيويورك، أن المغرب، وبتعليمات سامية من جلالة الملك محمد السادس، يتعامل مع إسبانيا “كشريك وحليف موثوق”، مبرزا أن البلدين سيشتغلان بروح إيجابية وطموح، حتى تكون هذه العلاقات الثنائية مشهودا لها بالقوة.
وأوضح بوريطة، في تصريح للصحافة عقب مباحثات أجراها مع نظيره الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، أن “تعليمات جلالة الملك واضحة: المغرب يتعامل مع إسبانيا كشريك وحليف موثوق وسنشتغل بروح إيجابية لتنفيذ كل الالتزامات وبطموح حدده جلالة الملك ورئيس الحكومة الاسبانية، حتى تكون هذه العلاقات مشهودا لها بالقوة”.
وتابع بالقول “سنحقق نتائج جد إيجابية في المستقبل”، مسجلا أن العلاقات بين الرباط ومدريد، كما أكد على ذلك جلالة الملك، دخلت في مرحلة جديدة وغير مسبوقة، قائمة على الاحترام المتبادل والطموح القوي، فضلا عن تنفيذ الالتزامات المشتركة لخدمة مصالح البلدين ولخدمة الأمن والاستقرار الإقليمي.
وأشار الوزير، كذلك، إلى أن المباحثات مع نظيره الإسباني شكلت فرصة للاطلاع على ما تحقق بموجب البيان المشترك الذي تم اعتماده عقب المباحثات التي أجراها صاحب الجلالة الملك محمد السادس مع رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيث، والاستقبال الذي خصه به جلالة الملك في أبريل الماضي.
وقال بوريطة، في هذا الإطار، “وجدنا أن العديد من الأمور المتضمنة في هذا البيان قد تحققت”، مضيفا أن فرق العمل اجتمعت أربع مرات ويرتقب أن تعقد اجتماعين آخرين الشهر المقبل.
وأبرز بوريطة، من جانب آخر، دينامية تبادل الزيارات بين وزراء البلدين، تتمحور حول عدد من القطاعات الاستراتيجية.
وأشار، في هذا الصدد، إلى أن الجانبين اتفقا على عقد اللجنة العليا المشتركة قبل متم السنة الجارية، مسجلا أن هذا الاجتماع سيشكل مرحلة هامة ضمن دينامية العلاقات المغربية الإسبانية.
ووصف بوريطة علاقات التعاون القائمة بين المغرب وإسبانيا في مجال تدبير الهجرة بـ”النموذجية وغير المسبوقة”، مؤكدا أن دينامية الشراكة في هذا المجال سيكون لها تأثير إيجابي ليس فقط على العلاقات الثنائية، ولكن على المستوى الإقليمي كذلك.
وأعلن الوزير، بهذه المناسبة، أن الرباط ومدريد تعتزمان تنسيق الجهود خلال اجتماع مرتقب في دجنبر المقبل، بهدف استقطاب دول أخرى لتنضم إلى المقاربة المغربية الإسبانية لقضية الهجرة ومكافحة شبكات الاتجار في البشر.
وأشاد بوريطة، من جانب آخر، بنجاح عملية مرحبا بفضل التعاون والتنسيق بين المغرب وإسبانيا، وبعودة الربط البحري بين البلدين، مشيرا إلى أن العلاقات المغربية الإسبانية عادت إلى ما كانت عليه، وبشكل أفضل.
من جانبه، أشاد وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، بالشراكة الاستراتيجية المكثفة التي تربط بين إسبانيا والمغرب والتي تعكس، برأيه، “مرحلة جديدة” قائمة “على الشفافية والتواصل الدائم والاحترام المتبادل”.
وقال رئيس الدبلوماسية الإسبانية “لدينا برنامج ثنائي مكثف يغطي جميع جوانب علاقتنا الثنائية، قائم على أساس الشفافية والتواصل المستمر والاحترام المتبادل. هي مبادئ التعاون الصادق بين شريكين استراتيجيين مثل إسبانيا والمغرب”.
وبالنسبة لألباريس، فإن الأمر يتعلق بـ”مرحلة جديدة” في العلاقات بين مدريد والرباط، مضيفا أن اللقاء مع بوريطة شكل فرصة لإرساء أسس “الخطوات المقبلة”.
وقال “لقد أحرزنا تقدما أكثر من ملحوظ عاد بالنفع على الشعبين المغربي والإسباني”، مشيرا إلى استئناف الربط الجوي والبحري والبري، “الذي مكن أيضا من لم شمل آلاف العائلات خلال فصل الصيف بفضل هذه العملية، بعد السنوات الأخيرة التي اتسمت بالأزمة الوبائية”.
ولفت أيضا إلى أنه اتفق مع نظيره المغربي على عقد الاجتماع رفيع المستوى، كما كان مرتقبا، قبل نهاية العام الجاري، موضحا أن الهدف يتمثل في أن يكون الاجتماع ممكنا خلال شهر نونبر المقبل.
وبالنسبة للوزير الإسباني، فإن هذا الاجتماع سيكون “فرصة جديدة لاستعراض التقدم المحرز والمضي قدما سوية وتجديد تأكيد الصداقة الإسبانية المغربية”.
وبعد أن ذكر بأن هذا الاجتماع رفيع المستوى لم ينعقد منذ سنة 2015، أكد أنه ومنذ أبريل الماضي، تمكنت جميع فرق العمل المحدثة بموجب خارطة طريق البيان المشترك الصادر عقب المباحثات التي أجراها صاحب الجلالة الملك محمد السادس مع رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، من “عقد اجتماعات في احترام تام لجدول الأعمال المبرمج”.
وبخصوص حركة نقل البضائع “المنتظمة والمنظمة”، أشار الوزير الإسباني إلى أن الصادرات الإسبانية إلى المغرب ارتفعت بنسبة بلغت 30 في المائة في عام واحد فقط، لتصل إلى 6000 مليون أورو، مما عزز مكانة إسبانيا باعتبارها الشريك التجاري الأول للمملكة.
وقال “لكننا نريد أن نمضي إلى أبعد من ذلك، ولهذا نعمل بهدف إرساء معبر بري للبضائع في يناير المقبل”، مؤكدا أن الجانبين اتفقا، وفي إطار “إعادة تفعيل” التعاون الثنائي، على العمل من أجل ضمان انطلاق عبور منظم وتدريجي للبضائع عبر المنافذ الجمركية البرية في يناير المقبل.
كما أعلن ألباريس أن الحكومة الإسبانية ستوافق على مشروع صندوق للنهوض بالتنمية بقيمة 20 مليون أورو، وهو المشروع الأول منذ 20 عاما في المغرب، مشيرا إلى أن هذا المشروع يهدف إلى منح قروض صغيرة لتعزيز إدماج الشباب والنساء في منظومة الإنتاج.
وقال إن التعاون بين البلدين سيركز أيضا على المساعدة التقنية في قطاع السكك الحديدية وقطاع المياه، بهدف إرساء أنظمة متكاملة.
وحول موضوع الهجرة، تطرق الوزير الإسباني إلى “أدلة على تعاون ممتاز”، مبرزا أن عدد الوافدين غير النظاميين قد انخفض بنسبة 20 في المائة في الأشهر الأربعة الماضية، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وأوضح أن “ذلك يعد نتيجة، من بين أمور أخرى، للعمل المشترك ضد الشبكات الإجرامية للاتجار بالبشر. لقد اتفقنا على مواصلة تعزيز هذا التعاون، لا سيما على ساحل المحيط الأطلسي”.
يذكر أن المباحثات بين بوريطة وألباريس، المنعقدة على هامش الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، جرت على الخصوص بحضور السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، والسفير المدير العام بوزارة الشؤون الخارجية، فؤاد يازوغ، والسفير المدير العام للوكالة المغربية للتعاون الدولي، محمد مثقال.

Related posts

Top