الأمبودسمان

شهد الملتقى الوطني الذي احتضنته الرباط، أول أمس الثلاثاء، تحت شعار: «من ديوان المظالم إلى مؤسسة الوسيط»، نقاشات عميقة وجدية انصبت على تقييم عمل الأمبودسمان المغربي، واستشراف الآفاق، خاصة بعد أن جرى التنصيص على المؤسسة المعنية في الدستور الجديد، وما يفتحه ذلك من سبل تطوير عملها وتفاعلها مع الإدارات التي تتعامل معها وطنيا وجهويا.
من دون شك، ستصدر عن الملتقى المشار إليه العديد من التوصيات ومخططات العمل، وتمثل الكلمة الرصينة والعميقة التي ألقاها رئيسها النقيب الأستاذ عبد العزيز بنزاكور في هذا الإطار خارطة طريق بالغة الأهمية والراهنية، لكن تجدر الإشارة هنا إلى أن المؤسسة وعملها في حاجة إلى منظومة تواصلية وتحسيسية وتعريفية واسعة وسط الناس، وذلك بغاية جعل المواطنات والمواطنين على دراية بالمؤسسة وبصلاحياتها وبمجالات تدخلها وبإجراءات التواصل معها واللجوء إليها، وهذه مهمة ذات أولوية.
من جهة ثانية، وحيث أن الدستور الحالي بات ينص في فصله 162 على أن «الوسيط مؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة، مهمتها الدفاع عن الحقوق في نطاق العلاقات بين الإدارة والمرتفقين، والإسهام في ترسيخ سيادة القانون، وإشاعة مبادئ العدل والإنصاف، وقيم التخليق والشفافية في تدبير الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والهيئات التي تمارس صلاحيات السلطة العمومية»، فهي إذن آلية رئيسية لترسيخ دولة القانون، ولحماية حقوق المواطنات والمواطنين تجاه مختلف المصالح الإدارية، ولتقوية الحكامة الجيدة والشفافية، أي أن أهمية المؤسسة وعملها يتجاوزان صون حقوق الأفراد ومواجهة شطط المسؤولين، إلى السهر على جعل بلادنا دولة قانون ومؤسسات، أي تمتين الديمقراطية والمواطنة في البلاد، وتبعا لذلك، فإن دعم عمل «الوسيط» يقتضي تعريفا واسعا به وسط المواطنات والمواطنين، وتعزيز تفاعل مختلف المصالح وتجاوبها، وأيضا توفير كل الإمكانات المالية والتقنية والقانونية الضرورية لإنجاح مهمة مؤسسة دستورية بمثل هذه الأهمية والتأثير على حماية حقوق الناس، وعلى صورة البلاد.
وعلى صعيد آخر، فإن التنصيص اليوم، ضمن المستجدات القانونية ذات الصلة بعمل «الوسيط»، على تعيين ثلاثة مندوبين خاصين على الصعيد الوطني، يتكلف الأول منهم بتيسير الولوج إلى المعلومات الإدارية، والثاني بتتبع تبسيط المساطر الإدارية وولوج الخدمات العمومية، والثالث بتتبع تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهة الإدارة، يعتبر من الخطوات الجوهرية في مسار تطوير عمل المؤسسة، حيث أن صعوبة الولوج إلى المعلومة الإدارية، وتعقد المساطر الإدارية يحولان في كثير من الأحيان دون تمتع المواطنات والمواطنين بحقوقهم المشروعة، وهنا يكون النجاح في المهمتين مرادفا لإعادة الحقوق لأصحابها، وفي نفس الوقت تطويرا لمنظومة التدبير والحكامة في مؤسساتنا الوطنية، وتعزيزا لأسس دولة القانون في بلادنا.
إن مؤسسة «الوسيط» تعتبر من الآليات الأساسية اليوم لتطوير التجربة الديمقراطية في بلادنا، ولذلك فهي في حاجة إلى الكثير من الاهتمام والحرص على انخراط كل الأطراف في تقوية حضورها وإنجاح تدخلاتها.
[email protected]

Top