الأمن من صميم حقوق الإنسان

بتعليمات من جلالة الملك، يعقد كبار مسؤولي الداخلية وولاة وعمال الجهات والأقاليم هذه الأيام اجتماعات تنسيقية وتواصلية بمختلف مناطق البلاد، بغاية التصدي للظواهر الإجرامية التي تهدد أمن وسلامة المواطنات والمواطنين، كما تكثف مختلف المصالح الأمنية  جهودها وحملاتها بهذا الخصوص.
لن يختلف اثنان اليوم حول أهمية هذا التحرك، والحاجة الملحة إليه أمام تفاقم كثير ظواهر إجرامية تستهدف المواطنين وممتلكاتهم وسلامتهم في الشوارع، وحتى في بيوتهم، ولإنجاح هذه الدينامية الأمنية لابد أولا من تفادي اعتبارها موسمية، أو أنها تخضع لمنطق مناسباتي، ذلك أنها يجب أن تندرج ضمن منظومة متكاملة ودائمة تروم تقوية الأمن بمختلف مدننا، وبما يجعل الناس يثقون في أمن بلادهم واستقرارها، ولا يخشون عن سلامتهم وممتلكاتهم.
الاستنفار الأمني الواضح هذه الأيام في مختلف جهات المملكة، والذي يتحدث عنه الناس في مختلف مجالس الحديث، يجب أن يفضي إلى نتائج ملموسة يحس بها المغاربة في حياتهم اليومية، ما سيقوي ثقتهم في المصالح الأمنية وتفاعلهم معها، كما يتطلب الأمرالابتعاد عن أي تدخل مخالف للقانون ولمقتضيات دولة المؤسسات، والحرص على عدم تحويل هذه التحركات إلى إجراءات استثنائية من شأنها إحداث التهويل في الأوساط المجتمعية، وإدخال البلاد في أجواء مثيرة تسيء لصورتها العامة.
لابد أن ننجح في تقوية الأمن لفائدة شعبنا، وفي نفس الوقت صيانة استقرار بلادنا وجاذبيتها السياحية والديمقراطية والإشعاعية.
من جهة ثانية، يجب أن تتيح هذه التحركات الأمنية التي أمر بها جلالة الملك الانكباب على إحداث تغيير واضح في الإستراتيجية الأمنية بكاملها، وذلك من خلال الانكباب على إصلاح التشريعات وآليات المنظومة العقابية وإدماج السجناء، بالإضافة إلى تعزيز مهنية المصالح الأمنية وانفتاحها على التطورات التكنولوجية والسوسيولوجية الجارية في المجتمع والعالم، وأيضا النهوض بالأوضاع المادية والاجتماعية والمهنية لعناصرها، وتمكينها من شروط ووسائل العمل.
ولإنجاح هذا الرهان، لابد أيضا أن تنفتح مصالح المديرية العامة للأمن الوطني على المجتمع، وتقوم بتمتين خططها التواصلية مع المواطنات والمواطنين، ومع الصحافة ووسائل الإعلام، وتحرص على تكوين عناصرها في مجالات التواصل وأيضا في قضايا القانون وحقوق الإنسان، كما يجب أن تنخرط المؤسسة التعليمية ووسائل الإعلام والمؤسسة الدينية ومختلف آليات التنشئة الاجتماعية ومراكز البحث العلمي والجامعات في مسلسلات التوعية والتشخيص وبلورة الحلول والمقترحات…
إن حماية أمن المواطنات والمواطنين والحرص على سلامتهم، وعلى ممتلكاتهم، وتقوية الشعور بالثقة والأمان والطمأنينة في المجتمع، هذا يعتبر من صميم حقوق الإنسان، ومن مسؤولية الدولة بواسطة قواتها العمومية وسلطاتها المختصة، أي أن هذا الحق تتولى صيانته والحرص عليه ميدانيا مصالح الشرطة أولا، بالإضافة طبعا إلى السلطات والمؤسسات الأخرى، ضمن سياسة متكاملة تقوم على الالتقائية والشمولية والنجاعة .
[email protected]

Top