الحكومة تعطل الدستور وتقتل السياسة

وجهت فرق ومجموعة المعارضة بمجلس النواب انتقادات حادة للحكومة الحالية، واتهمتها بتعطيل الدستور وقتل الحياة السياسية، والمس بصورة مجلس النواب وأدوراه في التشريع والرقابة.
وقالت فرق ومجموعة المعارضة بمجلس النواب، في ندوة مشتركة بين مكوناتها، على هامش اختتام الدورة الخريفية للمجلس، أمس الخميس، إن الحكومة الحالية غائبة تماما عن المشهد السياسي وضعيفة تواصليا وسياسيا، ولم تحقق حتى 25 بالمئة من برنامجها المعلن عنه.
ووجه كل من رشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية، وعبد الرحيم شهيد رئيس فريق الاتحاد الاشتراكي، وادريس السنتيسي رئيس فريق الحركة الشعبية، وعبد الله بوانو رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، (وجهوا) انتقادات لاذعة للحكومة وأعضائها، مشيرين إلى أنهم يعطلون الدستور من خلال عدم احترام الجلسات الشهرية والأسبوعية المخصصة للمسائلة والتماطل في تقديم الأجوبة الكتابية والتلعثم في تقديم الأجوبة الشفهية وتكرار الغياب وتأجيل الجلسات.
وأوضح رؤساء الفرق ومجموعة المعارضة أن رئيس الحكومة دائم التغيب عن جلسات المسائلة الشهرية التي نص عليها الدستور، إذ لم يحضر سوى مرتين من أصل أربعة في الدورة الخريفية المنتهية، و11 مرة من أصل 20 مرة التي كان من المفترض أن يحضر فيها منذ بداية ولاية الحكومة الحالية.
كما ربط المتدخلون حضور رئيس الحكومة بجلسات المسائلة الشهرية خارج الآجال التي يطلب فيها ذلك، ويتم تأجيلها إلى حين مرور حدث معين مهم، كما وقع بالنسبة للتعليم الذي عوض أن يحضر رئيس الحكومة جلسة المسائلة وسط الأزمة لطمأنة المغاربة، اختار الحضور بعد نهاية الأزمة وإهدار الزمن الدراسي ليقدم، حسب المعارضة، “استعراضات كلامية” لا تقدم ولا تأخر وتزيد من تعميق الثقة بين المواطنات والمواطنين وبين المؤسسة التشريعية.
ونبه رؤساء فرق ومجموعة المعارضة إلى مخاطر ما يقترفه رئيس الحكومة من “مس خطير” بالدستور، وقيمة المؤسسات ودرجة الثقة فيها، خصوصا مجلس النواب، الذي قالوا إن رئيس الحكومة يتعمد عدم الحضور فيه، إلا حسب رغبته ومن أجل الاستعراض فقط، عوض احترام الدستور والحضور في الآجال المحددة والإجابة عن الأسئلة بدقة وخلال الأزمات التي يعرفها المشهد الوطني، كما حدث في قطاع التعليم، وذلك قصد إشراك المواطن في النقاش وتوضيح الأمور بالنسبة له، وجعله في دينامية عمل المؤسسة التشريعية وأدوارها الرقابية.
الندوة، كذلك، عرفت الوقوف عند تناقضات الحكومة، والأرقام التي تقدمها، حيث تسائل المتدخلون عن مدى تنزيل الحكومة لبرنامجها بعد مضي نصف ولاية عملها، حيث لم تحقق، بحسبهم، حتى 25 بالمئة من برنامجها وتصريحها الحكومي، خصوصا في الملفات الاجتماعية الكبرى، من قبل التعليم والصحة والتشغيل، مذكرين بوعود والتزامات توفير مليون منصب شغل والتي لم يتحقق فيها أي شيء، سوى فقدان مناصب الشغل التي كانت موجودة من قبل.
كما انتقدت المعارضة بشدة، تكرار رئيس الحكومة لإلقاء اللوم والمسؤولية على الحكومات السابقة، في مواضيع كثيرة، من ضمنها الماء، مشيرين إلى أن رئيس الحكومة وحزبه كانا فاعلان من داخل الحكومتين السابقتين ويتحكم في أهم القطاعات الحيوية، منها الاقتصاد والفلاحة والصناعة، منددين بمثل هذه السلوكات التي تزيد من توسيع الهوة في الثقة في العمل السياسي والمؤسساتي، إذ دعوا رئيس الحكومة إلى تجاوز هذا الخطاب وتحمل المسؤولية وتقديم صورة إيجابية عن العملية الديمقراطية وعن مؤسسة الحكومة وأدوارها.
ودعا رؤساء الفرق ومجموعة المعارضة رئيس الحكومة إلى تحمل مسؤوليته، وإصلاح الأعطاب الموجودة والوفاء بالتزامات الحكومة وما تضمنه تصريحها وبرنامجها التي أعلنت وصادقت عليه، عوض تعليق الفشل على الحكومات السابقة الذي كان جزءا منها ويتحمل مسؤولية أكبر.
هذه المسؤولية التي يتحملها رئيس الحكومة، قالت المعارضة إنها تتمثل أساسا باعتباره وزير الفلاحة وما أدت إليه السياسات التي أشرف عليها منذ 2007، خصوصا مخطط المغرب الأخضر الذي مس بالأمن الغذائي والمائي للمغاربة وأسهم فيما تعيشه بلادنا في المرحلة الحالية على مستوى الإجهاد المائي.
وعبرت المعارضة عن استغرابها من سن تدابير لترشيد استغلال الماء في المدن والحواضر، والذي لا يمثل استهلاكها في الأصل سوى 7 بالمئة بالنسبة للمدن و2 بالمئة بالنسبة للعالم القروي، فيما تستهلك الفلاحة لوحدها ما يزيد عن 89 بالمئة، والتي أوضحت المعارضة أنه لم يتم بها أي إجراء أو تدبير وقائي للحفاظ على الفرشة المائية من قبيل ترشيد الزراعات، وضمنها منع الزراعات التي تستنزف الفرشة المائية، من قبيل فاكهة الأفوكادو وغيرها.
ودعا المتدخلون خلال الندوة رئيس الحكومة إلى التحلي بالمسؤولية والجرأة لإيفاد لجنة تقصي الحقائق للبت في مخطط المغرب الأخضر ونتائجه وانعكاساته على الأمن المائي والغذائي للمغاربة وترتيب المسؤوليات، عوض الاختباء وراء الاستعراض الكلامي وإلقاء الاتهامات على حكومات سابقة، وفق تعبير المتدخلين في الندوة.
إلى ذلك، طرح رؤساء فرق ومجموعة المعارضة مسألة تضارب المصالح لرئيس الحكومة ووزراء آخرين، معتبرين أن الأمر لا قانوني ولا أخلاقي، ويكشف عن تغول الحكومة وتوجهها الليبرالي ودفاعها عن مصالحها ومصالح أعضائها، عوض الانشغال بالمصالح العامة ومصالح المواطنات والمواطنين، وآخرها محطات تحلية المياه التي آلت فيها الصفقات العمومية إلى شركات تابعة لرئيس الحكومة نفسه.
وعبر المتدخلون في الندوة عن استغرابهم لهذا التطبيع مع تضارب المصالح بشكل لا أخلاقي، والذي يمس بصورة المؤسسات ويضرب عرض الحائط القوانين والصورة التي من المفترض أن تكون لدى الفاعل السياسي ولدى مؤسسات الدولة وفي مقدمتها الحكومة والبرلمان.
وخلص المتدخلون إلى أن المغاربة إزاء حكومة متغولة عدديا، وضعيفة سياسيا ولا ترقى لأن تستجيب لتطلعات المغاربة ولما حققه المغرب من تقدم وتطور على المستوى السياسي وعلى مستوى منظومة حقوق الإنسان والحقوق المكتسبة لمختلف الفئات، مشيرين إلى أن الحكومة تتعامل بمنطق عددي وبمنطق شراء وحل جميع المشاكل بالمال فقط، معتبرين ذلك إخلالا بالعمل الحكومي والمؤسساتي وضرب للمكتسبات الوطنية الهامة في الديمقراطية وحقوق الإنسان.

< محمد توفيق أمزيان تصوير: رضوان موسى

Top